الانتخابات البلدية التونسية: انقسامات مبكرة ومنافسة منتظرة بين النهضة و"النداء"

01 سبتمبر 2017
انقسامات مبكرة بين القوى السياسية تسبق الانتخابات(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
شرعت الأحزاب التونسية في الإعداد للانتخابات البلدية نهاية هذا العام، بعدما سلّمت القوى الداعية إلى تأجيلها بالواقع على ما يبدو، فيما بدأت ملامح مشهد جديد ترتسم على ضوء هذا الحدث الهام الذي ينتظره التونسيون منذ قيام الثورة لتغيير واقعهم اليومي الذي تردى كثيراً بسبب غياب سلطة محلية ترعى شؤون المواطنين في محيطهم القريب.

وتباينت الاستعدادات قبل ثلاثة أشهر من الموعد الانتخابي (17 ديسمبر/كانون الأول 2017)، إذ قرر كل من حزب نداء تونس وحركة النهضة خوض الانتخابات بشكل مستقل، بعد أن راجت أخبار عن احتمال تشكيل تحالف بينهما. في موازاة ذلك، تسعى بقية الأحزاب إلى تجميع قواها وتشكيل جبهات ظرفية لمواجهة الحزبين في نفس الوقت، خصوصاً أن كل عمليات سبر الآراء تظهرهما في مقدمة الأحزاب الفائزة في البلديات. وعلى الرغم من أن أحداً لم يشر إلى ذلك حالياً، فإن من المنتظر أن تشهد الحملات الانتخابية منافسة حادة بين الحزبين الكبيرين، وسط مخاوف من احتدام خطاب الاستقطاب الذي ميّز الانتخابات التشريعية الأخيرة، وربما تأثر التحالف بينهما، مع ما قد يعنيه ذلك من انعكاس على المشهد الحكومي أيضاً.


حزب نداء تونس، كان قد رفض التحالف الانتخابي مع حركة النهضة، وقرر خوض الانتخابات بقوائمه الخاصة. وعلى الرغم من مشاكله الداخلية الهيكلية، فإنه يستعد بنسق مرتفع لهذا الاستحقاق خصوصاً أن الاستطلاعات تقدمه دائماً على رأس الفائزين. وأكد القيادي في "النداء"، خالد شوكات، أن حزبه تقدم بحوالي 80 في المائة في إعداد قوائمه الانتخابية. وأضاف شوكات، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات)، أن "النداء" يطمح لأن تشمل قوائمه الانتخابية كامل الدوائر الانتخابية الـ 350، وهو منكب على هذا الموضوع، مبيناً أن اللجنة الوطنية لإعداد الانتخابات تتابع كل التطورات المرتبطة بهذا الموعد الانتخابي.

وفي ما بدا أنه استعراض للعضلات، قامت حركة النهضة خلال نهاية الأسبوع الماضي بانتخابات داخلية أولية لتحديد قوائمها للانتخابات البلدية في 16 محافظة، وعقدت السبت 56 جلسة انتخابية من أجل انتخاب 1095 مرشحاً. وتواصلت الأحد الدفعة الثانية من الجلسات الانتخابية لتصل إلى حوالى 300 جلسة من أجل اختيار 7184 مرشحاً.

وقالت الحركة، في بيان لها، إن هذه الجلسات الانتخابية تأتي في إطار "استعدادات الحركة لإنجاح العرس الانتخابي بتوفير أفضل الكفاءات المحلية للمساهمة في تأسيس الحكم المحلي وتنزيل الباب السابع من الدستور وفي إيجاد الحلول لمشاكل المواطنين وتحسين مستوى عيشهم".

وأفادت حركة النهضة بأنّها تحرص على أن تفضي هذه الجلسات الانتخابية إلى تعزيز دور المرأة والشباب وفتح المجال للمستقلين بالتناصف مع المنخرطين للترشح على قوائم الحركة في الانتخابات البلدية.

وقررت النهضة تشكيل القوائم الانتخابية بالمناصفة بين شخصيات من الحزب وأخرى مستقلة، وغربلة المترشحين قبل ذلك، في ما بدا أنه تأكيد على الشعبية الواسعة الحركة في الجهات، وإشارة الى أنها تختار وتنتقي من يمثلها، بينما تشقى أحزاب أخرى لتشكيل قوائمها في بعض الجهات.

وفي المشهد المقابل، لم يتغيّر الحال كثيراً بخصوص الخلافات المعروفة بين الأحزاب المعارضة، إذ يحاول أغلبها التجمع في تكتلات انتخابية في جو لا يخلو من الاحترازات والخلافات.

وبينما كان ينتظر أن يتشكل ائتلاف بين الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي، برز خلاف بينهما بسبب إشارة التيار الى إمكانية التحالف مع حزب حراك تونس في بعض الدوائر، ما اعتبرته الجبهة غير مقبول ويلغي الاتفاق الحاصل بينهما.

وأكدت قيادات من الجبهة أن الاتفاق يشير الى أنه في حال خوض الانتخابات بقوائم مشتركة في بعض الدوائر الانتخابية لا يمكن لأي حزب من الأحزاب التحالف مع الأحزاب المشكلة للحكومة، بما في ذلك حزب المسار والحزب الجمهوري باعتبارهما تابعين للائتلاف الحاكم أو حزب حراك تونس الإرادة أو الأحزاب المشكلة لجبهة الإنقاذ، المشروع والاتحاد الوطني الحر وغيرهم...

من جهة أخرى، أكد الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، أنه سيتم الإعلان عن ميلاد ائتلاف انتخابي مدني وسياسي جديد يضم عدداً من الأحزاب الوسطية الاجتماعية والكفاءات والشخصيات الديمقراطية المستقلة القريبة منها.

وأشار الشابي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، إلى أن الأحزاب المكونة لهذا الائتلاف الحزبي هي المسار الديمقراطي الاجتماعي، والتكتل الديمقراطي والجمهوري طبعاً، وأن الحوار متواصل مع بعض الأحزاب الأخرى التي تقاسم الجمهوري نفس المبادئ والتوجهات.

وذكّر الشابي بأنه قد تم الاتفاق خلال المؤتمر الأخير لحزبه على دخول الانتخابات البلدية بقوائم مواطنية تضمن حضوراً في المشهد الانتخابي للأحزاب التقدمية وتقطع مع ما سمّاه بالثنائية المصطنعة التي قامت عليها انتخابات 2014 وتفتح الطريق لانتخاب مستشارين بلديين قادرين على تقديم رؤى جديدة وتصورات مختلفة خدمة للشأن المحلي ولمصلحة تونس.

وفي ما يتعلق بموعد الانتخابات البلدية جدد الشعبي تأكيده على أن المناخ العام اليوم غير ملائم لإجراء هذه الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول في ظل غياب شروط سياسية من أهمها المصادقة على مجلة الجماعات المحلية (القانون الذي ينظم سلطات البلديات) وسد الشغور على رأس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

ودعا الشابي رئيس الحكومة إلى الاجتماع بكافة القوى السياسية ذات الصلة بالعملية الانتخابية وهيئة الانتخابات لطرح مسألة مدى الجاهزية لتنظيم الاستحقاق البلدي، موصياً بتغيير موعد الانتخابات إذا اتفق الجميع على ذلك، ومذكّراً باقتراح حزبه تأجيل الانتخابات إلى شهر مارس/ آذار المقبل.