مخطط اغتيال الصدر يستنفر الحكومة... ويستدعي تدخل "جيش المهدي"

11 اغسطس 2017
مقاتلون من قوات النخبة يحيطون بمقتدى الصدر (علي محمد/الأناضول)
+ الخط -

أكثر من 50 مقاتلاً ممن يطلق عليهم قوات النخبة التابعة للتيار الصدري تم استدعاؤهم أخيراً كقوة حماية لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إذ يحيطون بمنزله ويرافقونه خلال تجواله في العاصمة العراقية بغداد أو داخل النجف، وذلك بعد تلقي معلومات استخباراتية بوجود تهديد مباشر لحياة الصدر. وخُوّل المقاتلون بإطلاق النار من دون العودة إلى القيادة، في حال الإحساس بأي خطر يحيط بالصدر، وسط تكتم كبير على تحركاته من قبل قيادات التيار، الذي لا يعتمد على قوات الشرطة أو الجيش في مهمة تأمين الصدر أسوة برجال الدين والزعماء السياسيين في العراق.

وتحدثت قيادات في التيار الصدري في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن تلقي الصدر، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، معلومات من ضباط في جهاز الاستخبارات العراقي تؤكد وجود "مخطط لاغتياله، فضلاً عن قيادات أخرى بارزة في التيار الصدري"، قالوا إنه "مخطط غير إرهابي بل سياسي" ويهدف إلى إشعال فتنة داخل المكون الواحد، على حد وصف أحد القيادات البارزة في التيار الصدري، وهو عضو في البرلمان العراقي أيضاً، الذي أشار إلى أن "الإجراءات الحالية اتخذت منذ ذلك الحين، وليس بعد عودته من السعودية كما يتم تداوله الآن في النجف وبغداد وأوساط سياسية عراقية مختلفة".

وكشف مسؤول عراقي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، عما وصفه بمعلومات متطابقة من أكثر من جهة تشير إلى وجود مخاوف من عملية اغتيال تستهدف شخصية بارزة في النجف، وأخرى تحدثت عن أن المعني هو مقتدى الصدر. وأوضح أن جهة مسلحة راديكالية انشقت عن التيار الصدري في العام 2006 متهمة بالوقوف وراء المخطط، خصوصاً بعد العثور على تسجيل لأحد عناصرها المهمة يصف الصدر بأنه "وجع رأس الشيعة" بسبب مواقفه التي لا تتناغم مع الآخرين من الشركاء السياسيين، لافتاً إلى وجود "صراع وتنافس بين قوى سياسية وشخصيات دينية داخل البيت السياسي الشيعي يدفع بجهات معينة لإزالة منافسيها، حتى لو عبر الاغتيال"، مضيفاً أن "المخطط داخلي ولا علاقة لإيران أو أي جهة أخرى به"، ملمحاً إلى أن المتهم الأول هم "العصائب والخراساني". وحول موقف الحكومة، أكد المسؤول العراقي أن "رئيس الوزراء (حيدر العبادي) أوعز بتفعيل جهاز الاستخبارات في النجف، وحصر مهمة تأمين كبار الشخصيات بقوات الشرطة وتجهيزها بالمعدات اللازمة" لذلك.

وتوصف القوة المحيطة بالصدر بأنها من قوات النخبة في مليشيا "جيش المهدي"، التي شاركت في المواجهات المسلحة ضد القوات الأميركية في النجف في العام 2004، ويعتقد بأن عدداً غير قليل من المقاتلين هم تلاميذ محمد صادق الصدر، والد مقتدى الصدر، الذي اغتيل في النجف في 1999، وبعضهم استدعي من خارج العراق. وقدم مقتدى الصدر، أخيراً، أحمد الصدر، ابن شقيقه مصطفى الذي اغتيل مع والده في النجف. ورأس أحمد الصدر وفوداً سياسية للصدريين وعقد اجتماعات مع زعامات عراقية مختلفة. ووفقاً لمراقبين، فإن مقتدى الصدر قدم ابن شقيقه كبديل عنه لقيادة التيار في حال اغتياله.
من جانبه، قال نائب رئيس "كتلة الأحرار"، الجناح السياسي للتيار الصدري، النائب محمد هوري، لـ"العربي الجديد"، إن "التهديد حقيقي وكبير على السيد مقتدى الصدر بسبب مواقفه الوطنية ومحاربته للطائفية". وأضاف "بشكل عام آل الصدر مشاريع استشهاديين، ومقتدى الصدر أوضح في خطبته أنه معرض للاغتيال"، متهماً من وصفهم "بمافيات الفساد وجهات تضررت من مشروع الصدر الإصلاحي" بالوقوف خلف الموضوع، رافضاً تحديد أي جهة بعينها، مبيناً أنه "قد تكون هناك معلومات لدى سماحة السيد الصدر، لكن أنا لا أعرفها".

وكان زعيم التيار الصدري اقترح، الجمعة الماضي، دمج "العناصر المنضبطة" من مليشيات "الحشد الشعبي" مع قوات الجيش والشرطة النظامية وجعلهم تحت سلطة الدولة حصراً، وسحب السلاح من الفصائل وحصره بيد القوات العراقية بعد الانتهاء من تحرير المدن العراقية. وسبقت هذا الموقف مواقف كثيرة له وصفت بالإيجابية، بينها دعوته لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى التنحي الفوري عن السلطة عقب مجزرة خان شيخون السورية، وحصر قتال أتباعه في العراق ضد تنظيم "داعش" وعدم انتقالهم إلى سورية، فضلاً عن موقفه الحيادي من الأزمة بين إيران والسعودية، بخلاف باقي الكتل السياسية المؤيدة لإيران، بالإضافة إلى زيارته السعودية واجتماعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقال الخبير في الشؤون السياسية العراقية، أحمد الأبيض، إن هناك صراعاً يُدفع به إلى السطح بين القوى السياسية الشيعية، قد يكون مدفوعاً من جهة خارجية، واصفاً تهديدات صدرت من شخصيات في فصائل مسلحة شيعية ضد مقتدى الصدر بأنها "جدية، وتهدد بحرب بين فصائل عدة، مثل عصائب أهل الحق والنجباء والخراساني من جهة، والكتائب المسلحة التابعة للتيار الصدري من جهة أخرى". وتوقع الأبيض أن يؤثر ذلك الصراع على مجريات الأمور في العراق، وأنه قد يتسبب في عدم إجراء الانتخابات التي تأجلت إلى 2018، معتبراً أنه في هذه الحال "ستُشكل حكومة طوارئ من قِبل مجلس الأمن، لأن العراق لغاية الآن تحت الوصاية ومقيد تحت البند السابع".

المساهمون