مصر: ضغط أمني على المعارضة لمنع تحركاتها قبل الانتخابات الرئاسية

09 يونيو 2017
شنّ الأمن حملات اعتقال بحق ناشطين بالمعارضة(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يحاول النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي محاصرة أي تحركات للمعارضة في سبيل محاولتها الاستعداد لانتخابات الرئاسة المقبلة المقررة عام 2018. ويستغل النظام كل أذرعه للتضييق على المعارضة في كل خطوة تتعلق بتجهيز منافس للسيسي، ويعمل على تحجيم دورها خوفاً من استغلال حالة الغضب الشعبي بفعل الأزمة الاقتصادية لصالحها.
وشنّت قوات الأمن المصرية الشهر الماضي حملات اعتقال في محافظات عدة طاولت نشطاء فاعلين في مبادرة الفريق الرئاسي وتجهيز منافس للسيسي، تزامناً مع الدعوة لعقد أول مؤتمر لمبادرة الفريق الرئاسي، أطلقها العالم المصري في أميركا عصام حجي، في القاهرة. وتدفع المعارضة خلال الفترة المقبلة للضغط على النظام الحالي لوضع ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات الرئاسية.

وكشفت مصادر في المعارضة المصرية من معسكر 30 يونيو، عن وجود تضييق أمني شديد، بما يشبه فرض حصار على المعارضة. وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن هذا التضييق ليس جديداً على القوى المعارضة، ولكن زاد بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة مع بداية التحركات في سبيل تجهيز منافس للسيسي وبرنامج رئاسي قوي.
وأضافت أن عدداً من الشخصيات المعارضة تلقت اتصالات من أجهزة أمنية للتحذير من التوسع بالتحركات في المحافظات المختلفة خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أنه كان مقرراً عقد مؤتمرات عدة في محافظات مختلفة ولكن تم إلغاؤها بضغوط أمنية، أو على الأقل جعل بعضها في إطار ضيق ومحدود.
ولفتت المصادر إلى أنه في ظل منْع استضافة شخصيات المعارضة على القنوات الفضائية وعدم نشر ما يعبّر عن تحركات المعارضة في الصحف، لم يبق أمام المعارضة إلا اللجوء للاتصال الجماهيري المباشر، مشيرة إلى أن أجهزة الأمنية تريد حتى منْع هذا الاتصال الجماهيري من خلال مؤتمرات شعبية، لتوصيل رؤية وفكر المعارضة، في ضوء الاستعداد لانتخابات الرئاسة.


واعتبرت المصادر نفسها أن النظام الحالي يريد انتخابات شكلية فقط، يخوض خلالها مرشحون عديدون الاستحقاق ولكن من دون ضمانات حقيقية، مؤكدة أن الأساس بالنسبة لقوى المعارضة خلال الفترة المقبلة هو وضع برنامج رئاسي متكامل والضغط لإيجاد ضمانات لانتخابات نزيهة، ومن دون هذه الضمانات لن تكون هناك انتخابات حقيقية.
وعن التضييق على المعارضة، قالت المصادر إنه وصل إلى مراحل غير مسبوقة، إذ إن جزءاً من بطء التجهيز لمنافس السيسي يرتبط في الأساس بصعوبة التواصل وترتيب الاجتماعات الموسعة، مشيرة إلى أنه كلما تحاول قوى من المعارضة حجز قاعات كبيرة تستوعب عدداً من قيادات الأحزاب في المحافظات والشخصيات العامة، تتدخّل أجهزة الأمن وتجبر الفنادق ومديري تلك القاعات على إلغاء الحجز.

وأوضحت المصادر أن مقار الأحزاب تكفي فقط لاجتماعات رؤساء تلك الأحزاب، ولكن هناك رغبة في توسيع دائرة المشاركة في جهود تجهيز منافس السيسي ووضع البرنامج الرئاسي، معتبرة أن تحركات أجهزة الأمن تعبّر عن خوف السيسي الشديد من إتاحة حرية الحركة وعدم التضييق على المعارضة، بما يشكّل خطراً عليه ويفسح المجال أمام إمكانية فوز مرشح حقيقي بالرئاسة ضده.

من جهته، قال خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، لـ"العربي الجديد"، إن تدخّلات أجهزة الأمن في ترتيب الأوضاع السياسية والضغوط على المعارضة لن تتوقف. وأضاف الخبير السياسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الأجهزة الأمنية تتدخل لمنع أي تمدد للمعارضة واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة لصالحها، تزامناً مع تجاهل إعلامي لأي تحركات لها.
وأكد أن السيسي لن يسمح للمعارضة بالوصول إلى الشارع وسيستخدم كل وسيلة متاحة أمامه لمنع هذا، ولن يتردد في شنّ حملات اعتقال خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن أزمة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير أثّرت سلباً على ما تبقى من شعبية السيسي، وأي هزات خلال الفترة المقبلة قد تكون لها تأثيرات أكثر سوءاً على النظام الحالي.

واعتبر الخبير السياسي، أن المعارضة مطالبة بمحاولة التغلب على هذا التضييق وعدم الاستسلام له، ويمكن عقد مؤتمرات شعبية عبر "سكايب" أو أي برامج أخرى تعتمد على الفيديو في عصر التكنولوجيا الحديثة إذ لم تعد هناك حاجة للتواصل المباشر. ولفت إلى أن الاعتماد على التكنولوجيا يوفر جهوداً وطاقات كثيرة، إذ يمكن عقد مؤتمر في القاهرة ويكون مذاعاً في محافظات عدة، ولكن هذا لا ينفي ضرورة تنظيم مؤتمرات شعبية.