يكشف اعتراف جون هانا، المستشار في ما يطلق عليها "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، في الرسالة التي وجهها للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، أن شلدون إيدلسون هو ممول المعهد المذكور، وأنه ليس مجرد ممول، بل هو حليف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
ويميط ذلك اللثام عن وجه آخر من أوجه التطبيع إلى حد التعاون السري بين دولة الإمارات وحكومة الاحتلال ومن يمثلها، أو يعمل لتمثيل مصالحها في الولايات المتحدة الأميركية.
ويكشف هذا الاعتراف أيضا عمق وحجم نفوذ اللوبي اليهودي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، من خلال مطالعة شبكة المسؤولين الأميركيين السابقين في مجلس إدارة المؤسسة المذكورة، بدءاً من جورج شولتس، ومرورا بالسناتور اليهودي السابق جوزيف ليبرمان، وحتى رئيس وكالة المخابرات الأميركية السابق الجنرال مارشال هايدن إلى جانب كوكبة من السيناتورات الحاليين في الكونغرس الأميركي ومجلس السينات، والصحافيين و"أساتذة الجامعات".
وبرز بين هؤلاء في الحملة على قطر دافيد أندرو واينبيرغ، الذي تلقفت الصحف السعودية والإماراتية تصريحات له في ندوة للمؤسسة يتضح الآن أن السفير الإماراتي في واشنطن كان مدعواً لها، وهو يفسر عملية "النسخ لصق" لتصريحات واينبيرغ في صحيفتي البيان والرياض الأسبوع الماضي.
لكن المباهاة بكون الممول الأول للمؤسسة هو شلدون إيدلسون، مع الإشارة لعلاقته الخاصة مع نتنياهو، تشير إلى عمق الدور الإسرائيلي في هذه العملية، خصوصاً أن المؤسسة المذكورة تفاخر على موقعها بكلمات ثناء لها كتبها سفير إسرائيل لدى واشنطن، رون دريمر، الرجل الأقرب لنتنياهو، في الأعوام الأخيرة، ورسوله خلال عهد باراك أوباما ومندوبه في دعم نتنياهو لميت رومني في المنافسة بين رومني وباراك أوباما.
ويملك إديلسون ثروة طائلة تقارب 34 مليار دولار، وهو مؤسس أكبر جمعية "خيرية" داعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة وتدعى "إديلسون فاونديشن".
وتشير سيرته الذاتية المنشورة على الإنترنت إلى أن قطاعاً مهماً من أنشطة إديلسون فاونديشن تركز على دعم مشاريع متصلة بالاستيطان وتهويد القدس، كما يملك مشاريع عديدة بينها مشاريع إعلامية مثل "فورين بوليسي" التي نشرت مقالات عديدة تهاجم قطر.
ويعتبر شيلدون إيدلسون من كبار الممولين لحملات نتنياهو الانتخابية، وأكثر المؤيدين له ولسياسة الاستيطان، لدرجة دفعته قبل أعوام إلى إنشاء صحيفة يومية في إسرائيل توزع مجانا، وظيفتها الأساسية كيل المديح لنتنياهو وسياساته المختلفة، كتعويض لنتنياهو عن "حالة العداء له"، التي يدعي رئيس الحكومة أنه يواجهها من قبل الإعلام الإسرائيلي، والتي تجلت أيضا في العبارات التي أطلقتها زوجة نتنياهو عند استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعقيلته في مطار بن غوريون، عندما قالت: "إن الشعب يحبنا على عكس الإعلام".
وتشكل صحيفة يسرائيل هيوم أكبر أداة للترويج لنتنياهو، لأنها توزع مجاناً، في كافة محطات القطارات ومحطات النقل العام، مما سهل عملية وصول خط نتنياهو الدعائي لكل بيت في إسرائيل، وأدى في المقابل إلى تراجع مبيعات الصحف التجارية التقليدية.
إلى ذلك، فقد كان إيدلسون من أكبر المتبرعين، لمراسم تتويج جورج دبليو بوش، ولاحقا للمرشح الجمهوري ميت رومني، حيث يرى مراقبون أن دعم نتنياهو لرومني في حملته الانتخابية ضد باراك أوباما، كان نابعا أيضا بفعل تأثير شلدون إيدلسون وضغطه على نتنياهو.
كما أيّد إيدلسون، بعد انتهاء الانتخابات الداخلية في الحزب الجمهوري، في انتخابات الرئاسة الأميركية، عام 2016، دونالد ترامب وكان من أكبر المتبرعين لحملته الانتخابية، وكان من أوائل من التقاهم ترامب على انفراد بعد توليه مهام منصبه رئيساً للولايات المتحدة.
أما في سياق دولة الاحتلال، فإن إيدلسون إلى جانب دعمه وتأييده منذ سنوات طويلة لنتنياهو، ومن خلال صحيفة يسرائيل هيوم، فإنه معروف بمعارضته لإقامة دولة فلسطينية، وقد سبق له أن أعرب عام 2009 عن معارضته لمؤتمر أنابوليس، فيما حوّل تبرعات للجمعيات المؤيدة لإعادة انتخاب بنيامين نتنياهو.
ويمول إيدلسون مشاريع الوكالة اليهودية والجمعيات الصهيونية لترتيب زيارات لأبناء الشبيبة اليهود من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، وبلغ حجم تبرعاته لهذا المشروع نحو مائة مليون دولار.
كما تبرع وعائلته بمبلغ 25 مليون دولار لمتحف "ياد فشيم" لذكرى ضحايا المحرقة التي أقامتها إسرائيل، وتفرض زيارته بشكل رسمي على كل ضيف يصل إليها. في المقابل حظي على جوائز وتكريم من نقابة صهيونيي أميركا.
وقد منحته حكومة الاحتلال جوائز تكريمية عديدة أبرزها منحه "مواطنة شرف" في القدس المحتلة. ويتحكم إيدلسون اليوم عبر صحيفة يسرائيل هيوم بموقع معاريف الإخباري، كما تملك صحيفة يسرائيل هيوم صحيفة "مكور ريشون"، التي تمثل خط التيار الديني الصهيوني الاستيطاني.
وتبرع إيدلسون بخمسة ملايين دولار لجامعة أريئيل في مستوطنة أريئيل في الضفة الغربية المحتلة.
وعند زيارة الرئيس ترامب، إسرائيل الأسبوع الماضي، كان إيدلسون بين مجموعة قليلة ممن سمح لهم بحضور خطاب ترامب أمام متحف إسرائيل في القدس المحتلة.