الارتباط بلوبي صهيوني يدعمه مقرّب من نتنياهو
تكشف الوثائق المخترقة عن مستوى ملحوظ من التنسيق عبر القنوات الخلفيّة بين دولة الإمارات ومؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"، وهي مؤسسة تنتمي لتيار "المحافظين الجدد"، ويمولها الملياردير الإسرائيلي شيلدون أديلسون، أحد حلفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
تحريض على قطر
في مراسلة مؤرخّة في إبريل/نيسان من هذا العام، يشتكي كبير مستشاري مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"، جون هانا، للعتيبة من أن قطر تستضيف اجتماعًا لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في فندق مملوك للإمارات، وجاء ردّ العتيبة بأن هذا لم يكن خطأ الحكومة الإماراتية، وأن القضية الحقيقية هي القاعدة العسكرية الأميركية في قطر، قائلًا: "كيف يحصل هذا؟ انقلوا القاعدة ثمّ سننقل نحن الفندق".
وتناولت الرسائل جدول الأعمال المقترح لاجتماع بين المسؤولين الإماراتيين ومؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"، كان مقرّرًا عقده في الفترة ما بين 11 إلى 14 يونيو/حزيران الجاري. ومن بين المسؤولين الإماراتيين الذين تمّت دعوتهم للقاء، ولي العهد، والقائد الأعلى القوات المسلّحة، الشيخ محمد بن زايد.
وتضمّن جدول الأعمال مناقشة مستفيضة بين البلدين حول قطر، ومن ضمن الأمور التي من المقرر طرحها، على سبيل المثال، موضوع تحت عنوان "الجزيرة كأداة لعدم الاستقرار الإقليمي"، وفق ما يرد في الأجندة.
وفي بريد أرسله قبيل مؤتمر لوزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت غيتس، في واشنطن، كان مقرّرًا أن يتحدث فيه عن قطر، يخاطب العتيبة فيه الأخير بالقول: "موضوع المؤتمر كان موضوعًا مهملًا في السياسة الخارجية الأميركية، رغم كل المشاكل التي يسببها". وأضاف "إذا أتى الأمر من ناحيتكم؛ فإن أصحابنا سينصتون جيّدًا". غيتس، من جانبه، ردّ بالقول إنه يعتقد أنها "فرصة لإرسال إشعار إلى بعض الأصحاب".
وفي بريد لاحق، عرض العتيبة على المسؤول الأمني السابق وليمة غداء، ممرّرًا رسالة من زعيمه في الإمارات، قائلًا: "محمد بن زايد يرسل أطيب تحيّاته من أبوظبي.. هو يقول أعطهم الجحيم غدًا".
وفي اليوم اللاحق، قدّم غيتس مداخلة مسيئة لقطر، منتقدًا بشكل لاذع دعمها للإسلاميين، في اجتماع عُقد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قائلًا: "قولوا لقطر أن تختار في أي جانب تريد أن تكون، أو أننا سنغيّر طبيعة العلاقة، لتشمل تقليص القاعدة".
اتهام الكويت والتحريض على السعودية
وفي رسالة أخرى إلى الصحافي في "واشنطن بوست"، ديفيد إيغناسيوس، مؤرخة في 21 إبريل/ نيسان 2017، ولوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، يعلق السفير الإماراتي على مقال لإيغناسيوس، ويعرب له عن أن إجراء تغييرات في المملكة العربية السعودية حاجة ملحة، خصوصا لما تمر به المنطقة من أوضاع سياسية، وعبر له عن ارتياحه لمقال كتبه، مؤكدا له أن صوته ومصداقيته سيكونان عاملين كبيرين لدفع الأصدقاء العقلاء ليفهموا ويصدقوا ما يجري.
كما نشر موقع "إنترسبت" جانبا من الرسائل، جاء فيها أن السفير يوسف العتيبة زعم أن هناك أشخاصاً في الكويت يعملون على تمويل الإرهاب.
قائمة شركات مستهدفة
وفي العاشر من مارس/آذار من هذا العام، قام الرئيس التنفيذي لمؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"، مارك دوبفيتز، بإرسال بريد إلكتروني إلى كل من يوسف العتيبة، وجون هانا، حمل عنوان: "قائمة مستهدفة للشركات التي تستثمر في إيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية".
وكتب دوبفيتز، "عزيزي السفير، المذكرة المرفقة تفصل الشركات التي تتعامل مع إيران، مصنّفة حسب الدولة، والتي تدير أيضًا أعمالًا مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. هذه قائمة مستهدفة حتّى تحدّد تلك الشركات خيارها، كما ناقشنا".
وتتضمن مذكرة دوبفيتز المرفقة قائمة طويلة من كبريات الشركات الدولية، وبعضها يعمل في المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة، ويطمح إلى الاستثمار في إيران.
دعم الانقلابات في تركيا ومصر
في بريد مؤرّخ بـ 16 من أغسطس/آب من العام الماضي، يرسل هانا مقالًا للعتيبة يتحدّث عن أن الإمارات ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات كانا مسؤولين عن الانقلاب العسكري القصير في تركيا، مخاطبًا السفير الإماراتي بفخر: "يشرّفنا أن نكون شركاء لكم".
لكن على الرغم من تعاونها مع من تدّعي بأنها مؤسسة لـ"الدفاع عن الديمقراطيات"، إلا أن سلوك العتيبة لا يشي بأن الإمارات متحمّسة كثيرًا للديمقراطية في المنطقة، كما يكشف "هافينغتون بوست" في ملف تعريفي سابق عن العتيبة، يشرح فيه أن الأخير ضغط على البيت الأبيض أثناء ثورة يناير في مصر لدعم حسني مبارك. وبعد وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم، عبر انتخابات ديمقراطية، ملأ العتيبة بريد مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، فيل جوردن، بخطابات تهاجم بشدّة الإخوان المسلمين وداعميهم في قطر، بحسب الرسائل.
ويقول الموقع إنه من الممكن الحصول على فكرة عامّة حول ما تبدو عليه تلك الرسائل الإلكترونية من خلال الاطلاع مثلًا على رسالة أرسلها العتيبة في الثالث من يوليو/تموز 2013، بعد فترة وجيزة من إطاحة الجيش المصري بالرئيس المنتخب، محمد مرسي؛ حينها ضغط العتيبة على المسؤولين السابقين في إدارة بوش، ستيفين هادلي وجوشوا بولتن، لتبنّي وجهة نظره حيال مصر والربيع العربي.
وقال العتيبة في الرسالة: "دول مثل الأردن والإمارات هي آخر الرجال الواقفين في معسكر الاعتدال، الربيع العربي زاد من التطرف على حساب الاعتدال والتسامح".
واستطرد يقول حول إطاحة مرسي: "الوضع اليوم في مصر هو ثورة ثانية، هناك أناس في الشوارع أكثر من الذين خرجوا في 2011. هذا ليس انقلابًا، هذه ثورة. الانقلاب يكون حينما يفرض الجيش إرادته على الناس بالقوة، واليوم يستجيب الجيش لرغبات الناس".
اتصال دائم بجاريد كوشنر
يشرح موقع "هافينغتون بوست" أن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات كانت مشاركة في تشكيل نقاش حول السياسة تجاه الشرق الأوسط خلال إدارة دونالد ترامب، لذلك فمن المرجّح أن تكون مواقف الإمارات قناة مهمة للضغط على ترامب من أجل تبنّي سياسة أكثر صقورية تجاه إيران. وينقل الموقع عن أحد الأعضاء البارزين في المنظمة، واسمه دافيد فاينبيرغ، قوله الشهر الماضي إن الإمارات "تطير فرحًا" حيال نهج ترامب في المنطقة.
ويضيف الموقع أن العتيبة طوّر علاقة وثيقة مع صهر ترامب ومستشاره القريب، جاريد كوشنر. كلاهما التقيا للمرة الأولى خلال يناير/كانون الثاني الماضي بناء على طلب من توماس براك، المستثمر الملياردير وأحد داعمي ترامب. وإلى جانب ذلك، يصف موقع "بوليتيكو" الأميركي المتخصص، في مقالة له، كوشنر بأنه "على اتصال دائم في البريد والهاتف مع السفير الإماراتي".