روسيا: غموض حول ترشح بوتين لرئاسيات 2018

03 يونيو 2017
تُجري الانتخابات الروسية في مارس 2018 (أليكسي نيكولسكي/Getty)
+ الخط -

على الرغم من بقاء أقل من عشرة أشهر على موعد الانتخابات الرئاسية في روسيا المقررة في مارس/آذار 2018، إلا أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لم يكشف عن موقفه من الترشح حتى الآن. وفتح هذا الوضع مجالاً واسعاً للتكهنات حول ما يدور في أروقة الكرملين من النقاشات بشأن طبيعة الحملة الانتخابية المرتقبة، وتناول وسائل إعلام روسية شائعات حول نية بوتين التقاعد وحتى حول معاناته من مشاكل صحية.

مع ذلك، تُقلّل رئيسة قسم التحليل بمركز التكنولوجيا السياسية، تاتيانا ستانوفايا، من أهمية هذه الشائعات، مشيرة إلى أن "بوتين لا يعلن أبداً عن قراراته الهامة مسبقاً". وتضيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك شائعات مختلفة، ولكنه لا توجد أي أدلة على مرض بوتين أو بحثه عن خليفة له. لا يعلن بوتين عن القرارات الهامة في السياسة الداخلية مسبقاً أبداً".

وتضرب المحللة السياسية الروسية مثلين على ذلك، قائلة: "أثناء حملة انتخابات 2008، لم نعلم أن دميتري مدفيديف سيخلف بوتين في منصبه إلا في ديسمبر/كانون الأول 2007، أي قبل الانتخابات بثلاثة أشهر فقط. وفي المرة الأخيرة، أعلن بوتين عن نيته الترشح في سبتمبر/أيلول 2011، أي قبل انطلاق الحملة بشكل رسمي ببضعة أشهر".

ولما كان الدستور الروسي يمنع تولي منصب رئيس الدولة لأكثر من ولايتين متتاليتين، غادر بوتين الكرملين في عام 2008، ليتولى رئاسة الحكومة لمدة أربعة أعوام، وسط تساؤلات حول ما إذا كان مدفيديف حاكماً فعلياً للبلاد أثناء ولايته الرئاسية. وخلال تلك الفترة، تم تعديل الدستور وتمديد الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات، ما فتح باباً أمام عودة بوتين إلى الكرملين لمدة أطول في عام 2012. وحول أسباب تأنّي بوتين في الإعلان عن موقفه من الترشح، تضيف ستانوفايا: "يسعى بوتين للحد من تأثير العوامل الخارجية على تحقيق قراره، وحتى لا يواجه انتقادات المعارضة غير النظامية له ولإرثه".

وتنوّه إلى أنه "في عام 2016، كان الليبراليون النظاميون يدعون إلى امتناع بوتين عن الترشح لإفساح المجال أمام خليفة يتمتع بسمعة أكثر ليبرالية لإخراج البلاد من أزمتها الجيوسياسية، ولكن هذه النقاشات توقفت فيما بعد". وبصرف النظر عن اتخاذ بوتين قرار الترشح من عدمه، تتوقع ستانوفايا أنه "سيخلق لنفسه كافة الظروف للحفاظ على دور أساسي في السياسة الروسية طالما تسمح حالته بذلك".



وتختلف الانتخابات الرئاسية المرتقبة عن سابقاتها، بأنها أول انتخابات سيخوضها بوتين، في حال ترشحه، وسط استمرار الأزمة الاقتصادية وتحوّل تدني أسعار النفط والعقوبات الغربية بسبب الوضع في أوكرانيا، إلى واقع جديد لا نهاية له في الأفق المنظور.

بدوره، يرى المحلل السياسي، فاليري سولوفيه، أن "بوتين قد قرر بالفعل الترشح لولاية رئاسية جديدة، ولكنه يترك لنفسه مجالاً للتراجع نظراً لتردّي الأوضاع الاقتصادية". ويشير سولوفيه في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "حبذا لو تكون رئيساً في ظل ارتفاع أسعار النفط، وليس في بلد يواجه مشكلة تدنيها وأزمة اقتصادية وعزلة سياسية. ربما هذا أحد أسباب تأخر بوتين في الإعلان عن قراره النهائي".

ويلخص الخبير الروسي أكبر مشكلات حملة بوتين الانتخابية في غياب أجندة إيجابية، قائلاً: "لم تتسنّ حتى الآن صياغة أجندة إيجابية، ومن الخطر تأسيس الحملة الانتخابية على الدعوات إلى الصبر في ظل انتعاش سياسي وتنامي أمزجة معارضة، بل يجب تقديم أجندة جديدة".

وحول الخلفاء المحتملين في حال عزوف بوتين عن خوض سباق الانتخابات، ينوّه إلى أنه "حتى الآونة الأخيرة كان رئيس الوزراء، دميتري مدفيديف، يبدو وكأنه مرشح احتياطي واعد، ولكن بعد إطلاق المعارض أليكسي نافالني حملة مكافحة فساد طاولت مدفيديف، لم تعد لهذا الأخير فرصة في الفوز".

وكانت عشرات من المدن الروسية قد شهدت في نهاية مارس/آذار الماضي، تظاهرات مناوئة للفساد دعا إليها نافالني، وهو مؤسس "صندوق مكافحة الفساد"، اعتقلت الشرطة على أثرها أكثر من ألف شخص في موسكو.
وحول المرشحين المحتملين بخلاف مدفيديف، يقول سولوفيه: "تضم قائمة المرشحين المحتملين أكثر من عشرة أشخاص، ومن بينهم مقرّبون من بوتين، ولكنهم لا يلفتون الأنظار في الوقت الحالي، مثلما كان حال بوتين أو مدفيديف في يوم من الأيام". ويخلص إلى أن "بوتين سيحاول الإبقاء على الأمر عالقاً لأطول فترة ممكنة، ولكن ذلك ليس بجيد على بلد يعيش أزمة نظامية عميقة".

ووسط استمرار التكهنات حول شكل حملة انتخابات الرئاسة الروسية في عام 2018، ذكرت صحيفة "غازيتا.رو" أن بوتين قد يخوض سباق الانتخابات كمرشح مستقل بعيداً عن "روسيا الموحدة" نظراً لتراجع شعبية الحزب الحاكم. وبحسب آخر استطلاعات الرأي، يتوقع 80 في المائة من الروس أن يرشح بوتين نفسه لفترة رئاسية رابعة، بينما أعرب أكثر من 60 في المائة من المستطلعة آراؤهم، عن تأييدهم له.