أزمة جديدة في الأفق بين القضاء وحكومة السيسي بسبب الموازنات

24 مايو 2017
أبلغت الهيئات القضائية باستحالة فتح اعتمادات إضافية(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
قالت مصادر حكومية مطلعة في وزارة المالية المصرية إنه تم إبلاغ الهيئات القضائية بعدم إمكانية فتح اعتمادات إضافية للموازنات الخاصة بها من بداية العام المالي 2017/ 2018، في ما يعتبر خطوة لخفض المصروفات التي تتكبدها الدولة لتغطية عجز الموازنات الخاصة بالقضاء والإنفاق عليه.

وكشفت المصادر عن صدور تعليمات مشددة من رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، لوزيري المالية، عمرو الجارحي، والعدل، حسام عبد الرحيم، بضرورة عدم فتح أي اعتمادات إضافية للموازنات، تحت أي بند، بما في ذلك بند تنفيذ الأحكام القضائية التي يحصل عليها القضاة، عبر صرف مستحقات أو معاشات أو بدلات أو مكافآت، طالما لم يتم تضمينها في الموازنة المحددة سلفاً، والتي سيعتمدها مجلس النواب خلال أيام. وبلغت موازنة ديوان وزارة العدل للعام المقبل ملياراً و956 مليون جنيه، وموازنة المحكمة الدستورية 119 مليوناً و920 ألف جنيه، بزيادة 26 مليوناً و200 ألف جنيه، وموازنة مجلس الدولة ملياراً و677 مليون جنيه، بزيادة 180 مليون جنيه، وموازنة هيئة قضايا الدولة ملياراً و465 مليون جنيه، بزيادة 215 مليون جنيه، والنيابة الإدارية ملياراً و972 مليون جنيه، بزيادة 440 مليون جنيه.

وأوضحت المصادر أن السيسي "غضب بشدة" من تفاصيل الإنفاق داخل الهيئات القضائية بعد عرضها عليه من قبل وزير المالية، عمرو الجارحي، خلال الشهر الماضي، لا سيما بعدما تبين أن كلاً من القضاء العادي ومجلس الدولة يلزمان الحكومة بفتح اعتمادات إضافية لسداد مستحقات مالية للقضاة، بحجة تنفيذ أحكام قضائية، عبر صرف بدلات أو مكافآت جهود غير عادية، كان آخرها استصدار قضاة محكمة النقض حكماً بصرف مكافأة جهود غير عادية لهم، نظير قيامهم بالنظر في الطعون الانتخابية الخاصة بأعضاء مجلس النواب والفصل فيها، رغم أن هذا الاختصاص منوط بهم بموجب الدستور. كما استصدر قضاة بمجلس الدولة حكمين قضائيين بصرف بدلات إدارية، يتقاضاها القضاة الذين يقومون بوظائف تنفيذية داخل المجلس، رغم عدم ممارستهم لهذه الوظائف، وهو ما وصفته المصادر بـ"مبالغ مالية ضخمة قد تربك الموازنة العامة بشكل عام"، مشيرة إلى أنه في ما مضى كان القضاة يلزمون الحكومة بتنفيذ مثل هذه الأحكام من خلال فتح اعتمادات إضافية لموازناتهم. وشددت المصادر على أن الزيادات التي طرأت على موازنات الهيئات القضائية هي في حدود تنفيذ أحكام قديمة بالمعاشات والبدلات والتعويضات للقضاة والعاملين الإداريين، وأنه لن يتم تنفيذ أي حكم يصدر مستقبلاً إلا بالنسبة للحالات الفردية المتضررة من قرارات إدارية بعينها، وليس للحالات الجماعية كما جرت العادة سلفاً.


وتأكيداً لهذا الاتجاه الحكومي، أكد مصدر في محكمة النقض أنه تم إبلاغ إدارات الهيئات القضائية باستحالة تنفيذ أي أحكام بمستحقات مالية مستقبلاً، وهو ما يهدد بتصاعد الأزمة بين السلطتين التنفيذية والقضائية، نظراً لتنفيذ بعض الأحكام السابقة لحالات مماثلة، وبالتالي فلا يجوز التمييز بين القضاة أصحاب المركز القانوني الواحد بحجة عجز الدولة عن سداد المستحقات. وأوضح المصدر أنه قد درجت العادة على صدور أحكام بمنح القضاة فوق الستين سنة معاشاً مالياً مثل العاملين المدنيين في الدولة، إلى جانب رواتبهم، وذلك قبل بلوغهم سن التقاعد الفعلي المحدد بسبعين سنة، وأن هذه الأحكام كانت تنفذ وفق قواعد مالية مستقرة، منذ أصدر الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في العام 1993، أول قرار برفع سن تقاعد القضاة لأكثر من 60 سنة. وأشار المصدر إلى أن عدم تنفيذ هذه الأحكام سيؤدي إلى تصاعد الأزمة بين عموم القضاة والسلطة التنفيذية، بصورة قد تفوق مشكلة قانون تنظيم تعيين رؤساء الهيئات القضائية أخيراً، لأن هذه الأحكام تمس الأوضاع المالية لعدد كبير من القضاة، وتشمل معظم قضاة محكمة النقض، ومعظم قضاة المحكمة الإدارية العليا، ونسبة 30 في المائة تقريباً من قضاة القضاء الإداري والاستئناف وهيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية.

وكشف المصدر أن الهيئات القضائية صرفت، الأسبوع الماضي، لجميع أعضائها مكافأة 12 ألف جنيه (667 دولاراً تقريباً)، مقسمة على بدل مصيف وبدل شهر رمضان، وفقاً للمعتاد في هذه الفترة من كل عام، وأن الصرف تم من الموازنات الخاصة بكل هيئة من دون طلب اعتمادات إضافية. وعن مدى تأثير تحديد الموازنات مستقبلاً على إمكانية صرف مثل هذه البدلات الموسمية، قال المصدر القضائي إن وزارة المالية طلبت من وزارة العدل تقليل المكافآت حتى تسهم كل هيئة في تمويل عجز الموازنة الخاصة بها، لكنه رجح في الوقت ذاته ألا يتم ذلك بسبب تمسك القضاة بالحصول على هذه البدلات، واعتياد إدارات الهيئات صرفها تحسباً لغضبهم.

المساهمون