عام على هدنة أبريل اليمنية: تكريس تراجع المسار السياسي

10 ابريل 2017
يدفع المدنيون ثمن استمرار الحرب (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
على مدى شهور طويلة، خلال النصف الثاني من العام الماضي، تمحورت بيانات المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، واللجنة الرباعية الدولية بشأن اليمن، حول الجهود الرامية إلى استئناف وقف إطلاق النار في البلاد، وفقاً لاتفاق العاشر من أبريل/نيسان، وهو التاريخ الذي يرمز إلى أطول هدنة في الحرب اليمنية المستمرة منذ ما يزيد عن عامين، لكن من دون جدوى. كما فشلت الجهود لاستئناف مشاورات السلام اليمنية.

ويعكس هذا التعثر المستمر منذ أشهر كيف أن التقدم السياسي الذي كان قبل عام من اليوم تراجع خطوات إلى الوراء، ليبقى صوت الحرب هو الأعلى، مع إعلان الشرعية اليمنية مواصلة عملياتها العسكرية في الساحل الغربي، وسعيها للسيطرة على مدينة الحديدة الساحلية، التي يستحوذ عليها الحوثيون وحلفاؤهم، فيما الجهود الدولية لحل سلمي في البلاد، لم تقدم أي جديد، منذ أشهر.
وتزامن هذا التعثر مع مجيء إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، والتي بدأت تعاملاً مغايراً تجاه اليمن، إذ تركز على العمليات العسكرية ضد تنظيم "القاعدة"، مع تقارب واضح مع التحالف بقيادة السعودية.


عام على هدنة إبريل اليمنية

في 23 من مارس/آذار 2016، وبعد تحضيرات ولقاءات امتدت أشهرا، أعلن المبعوث الأممي أن وقف إطلاق النار في اليمن سيبدأ في العاشر من أبريل. وهو إعلان بدا مختلفاً عن كل ما سبق من الهدَن الهشّة في البلاد، إذ جاء بعد عام على انطلاق عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الانقلابيين في اليمن. كما جاء بعد أسابيع من الكشف عن تفاهمات مباشرة بين السعودية وممثلين عن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، نتج عنها الاتفاق على هدنة في المناطق الحدودية، كسابقة، منذ تصاعد الحرب في اليمن، وعلى مستوى تاريخ العلاقات السعودية مع الحوثيين، ككل.

ولتجنب الفشل الذي رافق الهدنات السابقة، والتي كانت في الغالب حبراً على ورق، لم تتوقف معها الحرب يوماً واحداً، فقد كانت هدنة أبريل وفق آلية أممية، تضمنت تشكيل لجنة عُرفت بـ"لجنة التنسيق والتهدئة". تألفت اللجنة من خمسة ممثلين عن الحكومة الشرعية ومثلهم عن الحوثيين والموالين لعلي عبدالله صالح، بالإضافة إلى مشرفين أمميين. وتم تكليف اللجنة بالإشراف على تطبيق الهدنة.
في العاشر من أبريل 2016، كان أعضاء لجنة التنسيق والتهدئة قد التقوا في الكويت، قبل أسبوع من موعد انطلاق أكبر جولة مشاورات سياسية ترعاها الأمم المتحدة. ووفقاً لمصادر سياسية مطلعة تحدثت مع "العربي الجديد"، فقد كان تقديم الهدنة أسبوعا، قبل انطلاق المشاورات، تلبية لاشتراطات الانقلابيين، الذين كانوا يرفضون الدخول في أية مفاوضات جديدة قبل التأكد من الالتزام بوقف إطلاق النار. ومع ذلك، فقد تسببت الخروقات في تأخير انطلاق المشاورات، حتى الـ21 من أبريل، بعد أن كان من المقرر أن تنطلق في الـ18 من الشهر نفسه.
تضمّن اتفاق العاشر من أبريل، وقفاً كاملاً للعمليات الجوية والبرية، فيما أعلن التحالف التزامه بالهدنة، وحددها بأنها تستمر حتى اليوم الثاني من مفاوضات الكويت. كما أكد التحالف احتفاظه بحق الرد على أي خروقات، في مقابل إعلان الحوثيين وحلفائهم التزامهم بالهدنة والاحتفاظ بحق الرد على أي خروقات.
بقي الالتزام نسبياً بالهدنة مع تكرار الخروقات. وعلى الرغم من كل ذلك، بقيت أطول هدنة، وترافقت معها خطوات مهمة لوقف إطلاق النار، عبر تشكيل لجان فرعية للتهدئة في المحافظات، استمرت بطريقة أو بأخرى، حتى انتهاء مشاورات الكويت في الثامن من أغسطس/آب 2016.

وكان اتفاق العاشر من أبريل قد بدأ ينهار فعلياً، مطلع يوليو/تموز، إذ أعلن المبعوث الأممي، في 30 يونيو/حزيران، اتفاق طرفي المفاوضات اليمنية برعاية أممية، على انتقال اجتماعات "لجنة التنسيق والتهدئة" من الكويت إلى مدينة ظهران الجنوب السعودية، وهي المدينة التي استضافت التفاهمات المباشرة بين الحوثيين والجانب السعودي. غير أن الانقلابيين، رفضوا إرسال ممثليهم إلى "ظهران الجنوب"، بعد مغادرتهم الكويت، ما أدى إلى عودة التصعيد العسكري في مختلف الجبهات.

تعثّر سياسي

في الشهور التي أعقبت اختتام مشاورات الكويت (استمرت لما يزيد عن ثلاثة أشهر)، كانت جهود المبعوث الأممي واللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، تتمحور حول مساعي العودة إلى اتفاق العاشر من أبريل. وقد صدر بيان عن مجلس الأمن الدولي، في سبتمبر/أيلول العام الماضي، طالب "جميع الأطراف باستئناف العمل من خلال لجنة التنسيق والتهدئة، من أجل تسهيل تعزيز وقف الأعمال العدائية"، لكن من دون جدوى.