أولويات شكري في الخرطوم: تنسيق إعلامي وتعاون أمني

19 ابريل 2017
شكري سيطالب السودان بتسليم المطلوبين المصريين (إبراهيم حميد/فرانس برس)
+ الخط -


قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن على رأس المواضيع المطروحة للمناقشة خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى العاصمة السودانية الخرطوم، غداً الخميس، توقيع ميثاق شرف إعلامي بين البلدين وتشكيل لجنة حكومية إعلامية مشتركة للحيلولة دون نقل الخلافات السياسية بين البلدين من الغرف المغلقة إلى وسائل الإعلام، باعتبارها تزيد الحساسيات وتعقّد العلاقات الثنائية.
وأضافت المصادر أن الهدف الرئيسي من الميثاق المزمع توقيعه خلال الزيارة أو الاتفاق على موعد مستقبلي لتوقيعه، وقف وسائل الإعلام في البلدين عن تناول مواضيع مثيرة للحساسية مما يؤدي لتعقيد الأوضاع أكثر، خصوصاً في المسائل العالقة بين البلدين وعلى رأسها النزاع على منطقة حلايب وشلاتين بالإضافة للمشاكل الأمنية العالقة كالتسلل عبر الحدود وإيواء السودان لأعضاء من جماعة "الإخوان المسلمين" مطلوبين من قبل نظام عبدالفتاح السيسي في مصر.
وأوضحت المصادر أن وزير الخارجية المصري سيعرض على الخرطوم برنامجاً لتطوير التعاون الأمني والاستخباراتي في مجال مكافحة الإرهاب، مستغلاً معلومات تلقتها الاستخبارات المصرية تفيد بتصاعد حالة من الضجر في الأجهزة الأمنية السودانية إزاء أعضاء جماعة "الإخوان" المقيمين هناك، على خلفية تطورات التحقيق في حادث الانفجار الذي وقع في منطقة أركويت في فبراير/شباط الماضي.
وأشارت المصادر إلى أن مصر في ظل التقارب الحذر حالياً مع السعودية تريد تخفيف الضغط السوداني عن كاهلها، وتجنيب وتحييد المشاكل البينية بالنسبة لمستجدات الأوضاع في قضية المياه وسد النهضة الإثيوبي، والتي حاول السيسي استمالة نظيره السوداني عمر البشير أكثر من مرة لتكون مواقفه متناغمة مع مواقف القاهرة فيها في مواجهة رغبة إثيوبيا في التحكم الكامل في قرارات إدارة السد وتنظيم قواعد الملء للمرة الأولى ثم الملء الدوري.
إلا أن جهود السيسي لتحقيق هذا "التناغم" فشلت، وعكست ذلك تصريحات البشير، الذي سبق أن حاول طمأنة الرأي العام المصري أكثر من مرة بأن سد النهضة لن يؤثر على حصة مصر من المياه، لا سيما أن السودان لن تتضرر من بناء سد النهضة نظراً لوجود مصدر آخر لمياه النيل وزيادة حصة السودان المائية عن أغراض الزراعة والغذاء، مما يحول بلدهم إلى لاعب غير مؤثر في المعادلة الثلاثية لأزمة السد.
وأكدت المصادر أن شكري سيجدد مطالبة السودان بتسليم المطلوبين المصريين الهاربين إليه، طالما صدرت بحقهم أحكام غيابية أو قرارات اتهام قضائية، إذ يقول مسؤولون مصريون، إن لدى أجهزة الأمن المصرية معلومات موثقة رقمياً بأن المئات من "الإخوان" المطلوبين في قضايا ما بعد عزل الرئيس محمد مرسي يعيشون في السودان ويحظون بحماية قوى قريبة من النظام الحاكم.


وتنطوي المطالبات المصرية المصحوبة بوعود أو مشاريع لتطوير التعاون الأمني والاستخباراتي، على تهديد ضمني، إذ أكد مصدر دبلوماسي مصري آخر مقيم في الولايات المتحدة إن مساعدين أمنيين للسيسي ذكروا خلال لقاءاتهم ببعض مساعدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الخرطوم من العواصم التي تأوي عناصر إرهابية مطلوبة للقضاء المصري.
وأوضح المصدر المقيم في نيويورك، أنه من المحتمل أن يلعب السيسي، في حال استمرار السودان في تصعيده، بورقة اتهامه بإيواء عناصر إرهابية، لإساءة صورة الخرطوم أكثر في الأوساط الأميركية والأوروبية، خصوصاً أن القيادة الأميركية الجديدة مستعدة للتعاطي مع مثل هذه الأطروحات التي تضع في كفة واحدة جميع المنتمين للحركات الإسلامية بمختلف درجات تشددها.
وفي السياق ذاته، أوضحت المصادر الدبلوماسية المطلعة على ملف الزيارة المرتقبة، أن اللقاءات التي سيعقدها شكري في الخرطوم ستناقش أيضاً سبل تفعيل الاتفاق الشفهي بين السيسي والبشير على تشكيل لجنة مشتركة لبحث الموقف القانوني للمعتقلين والمحكومين السودانيين في مصر، والذين يناهز عددهم الآلاف ممن يلقي الجيش المصري القبض عليهم لتجاوزهم الحدود بين البلدين، ولممارستهم أنشطة غير مشروعة في مصر، سواء بالتنقيب عن الذهب والمعادن في الصحراء، أو تهريب الأسلحة والمخدرات أو أنشطة الهجرة غير الشرعية. ويحال جميع المتهمين في هذه القضايا إلى المحاكم العسكرية التي تصدر أحكاماً متفاوتة عليهم ولا تبرئ أحداً منهم.
وكان من المقرر أن يصدر السيسي قراراً بالعفو عن دفعة أولى من هؤلاء وإعادتهم لبلدهم، لأول مرة منذ عام 2013، لكن جاءت تصريحات البشير الأخيرة عن حلايب وشلاتين وسد النهضة لتعرقل تنفيذ هذه الخطوة، بحسب المصادر المصرية، التي تؤكد وجود علاقة تواز بين المسار المصري-السعودي والعلاقات المصرية-السودانية، يتعلق بملفات أخرى مفتوحة كتفعيل نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وإرجاء ترسيم الحدود البحرية بين الرياض والخرطوم.