تقدير إسرائيلي: السيسي سيجند ترامب للإطاحة بعباس

09 مارس 2017
السيسي يحاول إقناع ترامب بنزع الشرعية عن عباس (الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من التزام المستويات السياسية في تل أبيب الصمت إزاءها، إلا أن محافل التقدير الإسرائيلي المرتبطة تحديدا بحكومة اليمين المتطرف ترصد المزيد من مظاهر التحرك الذي يهدف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خلالها إلى المساس بمكانة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وتمهيد الظروف أمام تولي خصمه محمد دحلان مقاليد الأمور بعده.

وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن ما يفاقم خطورة تحرك السيسي أنه يأتي في ظل تراجع مكانته الداخلية إثر تنامي الغضب الشعبي الفلسطيني من إصراره على تواصل التعاون الأمني مع إسرائيل، والذي وصل إلى ذروته في أعقاب اغتيال جيش الاحتلال الناشط الشبابي الفلسطيني باسل الأعرج هذا الأسبوع في مدينة رام الله، على مقربة من ديوان عباس.

ويتضح من سلسلة تقديرات موقف نشرها هذا الأسبوع "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد، وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، أن التقاء تحرك السيسي وتعاظم الغضب الشعبي والفصائلي ضد عباس يقلص من قدرته على النجاح في مواصلة التشبث بمكانته.

وفي تقدير موقف نشره اليوم، توقع مركز "يروشليم" أن يحاول السيسي خلال زيارته لواشنطن الشهر القادم تجنيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنزع الشرعية عن عباس وإقناع الأميركيين بوضع ثقتهم في دحلان.

ويرى يوني مناحيم، المدير العام السابق لسلطة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية، الذي أعد التقدير، أن السيسي سيحاول استغلال مكانته لدى ترامب، الذي يرى فيه "زعيم محور الاعتدال"، الذي يخطط لتدشينه في العالم العربي لتحقيق المصالح الأميركية، لإنجاح تحركه ضد عباس.

وحسب المركز، فإنه حتى كبار قادة السلطة الفلسطينية في رام الله يخشون من أن يطلب السيسي من ترامب دعم خلع عباس بوصفه "حصانا ميتا" وتنصيب دحلان محله. لكن المركز يعيد إلى الأذهان طابع العلاقة الإشكالية بين دحلان والأميركيين.

ووفق المركز، فقد قطعت وكالة الاستخبارات الأميركية اتصالاتها بدحلان في صيف 2007 بعدما فشل في منع سيطرة حماس على قطاع غزة، لافتا إلى أن الأميركيين شعروا حينها بخيبة أمل كبيرة عندما تبين لهم فشل استراتيجيتهم التي كانت قائمة على ضخ أموال طائلة في حساب دحلان ليستثمرها في بناء الأجهزة الأمنية بهدف تمكينها من التصدي لحماس، حيث غضب الأميركيون بعدما انهارت هذه الأجهزة في لمح البصر.



وحسب المركز، في حال أقنع السيسي ترامب بإعادة قنوات الاتصال بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "CIA" ودحلان، فإن هذا يمثل مؤشرا على توجه الإدارة الأميركية لدعمه لخلافة عباس.

وأشار المركز إلى أن السيسي وجه صفعة مدوية وعلنية لعباس عندما أمر بطرد جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، من مطار القاهرة قبل أسبوعين ومنعه من دخول الأراضي المصرية.

وأعاد المركز للأذهان حقيقة أن حملة السيسي ضد عباس تأتي في إطار مواصلة دحلان تحركاته الواضحة الهادفة إلى سحب البساط من تحت أقدام قيادة حركة فتح من خلال محاولة إعادة صياغة الحركة من جديد عبر تنظيم مؤتمرات إقليمية للحركة في مناطق مختلفة، ولا سيما في أوروبا أولا، وبعد ذلك في قطاع غزة ومخيمات اللجوء في الدول العربية.

ولم يفت المركز التشديد على أن موقف إسرائيل سيكون له دور حاسم على توجهات ترامب بشأن معركة خلافة عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية. لكن هناك في إسرائيل من يرى أن موقف السيسي المتشدد تجاه عباس لا ينبع بالضرورة من رغبته في تمكين دحلان من خلافته بقدر ما يعبر عن غضبه من رفضه التعاطي مع مشاريع التسوية الإقليمية التي يبلورها بالتعاون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحل القضية الفلسطينية.

وقد أشار المعلق الإسرائيلي جاكي حوكي، في تقرير نشرته صحيفة "هارتس"، الإثنين الماضي، إلى أن موقف عباس من التسوية الإقليمية هو الذي دفع السيسي لطرد الرجوب من القاهرة.

وفي نظر الإسرائيليين، فإن ما يعزز فرص المساس بمكانة عباس هو تعاظم مظاهر الغضب الشعبي الفلسطيني تجاهه بسبب تشبثه بالتعاون الأمني مع إسرائيل. وفي تقدير موقف نشره أمس، قال "مركز يروشليم" إن عباس الذي شعر بخطورة تآكل مكانته الداخلية عقد، أول أمس الثلاثاء، اجتماعا لقادة أجهزته الأمنية، وطلب منهم تفريق المظاهرات الشعبية في أرجاء الضفة الغربية المنددة بالتعاون الأمني بالقوة.

واعتبر المركز أن التعاون الأمني مع إسرائيل يمثل "نقطة الضعف الرئيسة" التي تمكن خصوم عباس من مهاجمته وتصويره على أنه "مجرد عميل لإسرائيل". وأشار المركز إلى أن عباس يرى في التزامه بالتعاون الأمني مع إسرائيل بطاقة تأمين لضمان تواصل الدعم الأميركي.

ونبه المركز إلى أن رئيس "CIA" الجديد، مايك بومبيو، شدد على مسامع عباس في لقائهما في رام الله أخيرا، على أن إدارة ترامب تتطلع إلى تواصل التعاون الأمني مع إسرائيل.

وأضاف: "جهاز المخابرات العامة التابع للسلطة الفلسطينية برئاسة ماجد فرج يعمل على مدار الساعة بالتعاون والتنسيق مع جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك) ضد أي بنية تنظيمية إرهابية تعمل ضد إسرائيل انطلاقا من مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية"، على حد تعبير المركز. وحسب المركز، فإن عباس يراهن بشكل كبير على القمة العربية القادمة في عمان لضمان تمتعه بالشرعية.

المساهمون