أمير قطر يدعو إلى "مقاربة مشتركة وشاملة" لاجتثاث الإرهاب

29 مارس 2017
أمير قطر: يظلّ الإرهاب من أخطر التهديدات (Getty)
+ الخط -
أكّد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن موقف بلاده ثابت من القضية الفلسطينية ودعم مبدأ حل الدولتين. وتطرق إلى "وباء الإرهاب"، داعياً إلى استراتيجية مشتركة وشاملة لاجتثاثه.
 

وأكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته بالجلسة الافتتاحية لأعمال القمة العربية الـ28، اليوم الأربعاء، في البحر الميت في الأردن، أن بلاده تدعم الموقف العربي في ما يخص القضية الفلسطينية المُلتزم بأن تؤسَّس عملية السلام على تسوية شاملة وعادلة ودائمة، تستند إلى الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي تقوم على مبدأ حل الدولتين، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ودعا إلى العمل الجاد المشترك، للضغط على المجتمع الدولي، لرفض إقامة نظام فصل عنصري، وإجبار إسرائيل على وقف بناء المستوطنات.

 

وقال: "تظلّ القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتنا، وذلك على الرغم من جمود عملية السلام، بسبب المواقف المتعنتة للحكومة الإسرائيلية، وخرقها لالتزاماتها وتعهداتها، ومحاولاتها فرض سياسة الأمر الواقع مع تكثيف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتهويد القدس، ما يشكّل تهديداً لاستقرار وأمن المنطقة، وللأمن والاستقرار الدوليين".

كذلك شدّد على أهمية توحيد الصف الفلسطيني، ركيزةً أساسية في إنهاء الاحتلال، مشيراً إلى أنه "لا معنى ولا جدوى للخلاف على سلطة بلا سيادة، في ظل بقاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، فلن تقوم دولة فلسطينية بدون غزة ولن تقوم دولة في غزة".

من جهةٍ أخرى، رأى أمير قطر أنّ "خطورة المرحلة التي يمر بها وطننا العربي والمنطقة ككل تتطلّب منا الكثير من الواقعية والصراحة والوعي وتطابق الأقوال والأفعال، لتجنيب أمتنا العربية المخاطر. والتضامن العربي الحقيقي عامل مساعد في تحقيق هذه التطلعات، فيما يؤثر غيابه سلباً عليها".

أكد الشيخ تميم أنه "يظل الإرهاب من أخطر التهديدات التي تحدق بمنطقتنا العربية وتستهدف الأمن والاستقرار فيها، ولا شك أن مواجهة خطر الجماعات الإرهابية والتمسك بشرائعنا وقيمنا دون تطرفٍ أو غلوٍ، ودون تفريط أو تهاون، تتطلّب منَا التوافق على رؤية مشتركة تقود جهودنا لتعزيز التعاون، والعمل على إيجاد مقاربة مشتركة وشاملة بالتعاون مع المجتمع الدولي تتضمن كل الأبعاد السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية لاجتثاث هذا الوباء".

ورأى الشيخ تميم أنه "من الضروري في هذا المقام تقديم ملاحظتين: أولاً، إذا كنا جادين في تركيز الجهود على المنظمات الإرهابية المسلحة، هل من الإنصاف أن نبذل جهداً لاعتبار تيارات سياسية نختلف معها إرهابية، على الرغم من أنها ليست كذلك. وهل هدفنا أن نزيد عدد الإرهابيين في هذا العالم؟". وأضاف "أن مكافحة الإرهاب هي قضية استراتيجية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية، وبالطبع أمنية أيضاً، وهي أخطر من أن نخضعها للخلافات والمصالح السياسية والشد والجذب بين الأنظمة". 

وشدّد أمير قطر في الملاحظة الثانية على أن "الإرهاب لا يقتصر على دين أو مذهب بعينه، فثمة مليشيات إرهابية من مذاهب مختلفة ترتكب جرائم ضد المدنيين والمرافق المدنية لأهداف سياسية بعلم وأحياناً برضى حكوماتها. وهذا هو الإرهاب بعينه". 

وأكد الشيخ تميم أن "الإرهاب يتقلّص وينكمش مع التنمية الإنسانية، بما فيها التعليم والمشاركة في ثمار التنمية والمساواة أمام القانون، وفي ظروف الحرية وتحمل مسؤولية الحرية. وينمو الإرهاب والتطرف في ظروف الاغتراب عن المجتمع وقيمه، والحرمان واليأس وانعدام الأفق، وإذلال الناس في المعتقلات والسجون، سواء أكان بسبب الاحتلال أم الطغيان، وغياب حكم القانون وتفشي سياسات الإقصاء والتهميش". 

وأشار إلى أنه "لا يجوز تبرئة الدعاية المتطرفة المتلبسة بلباس الدين، والتي تستهدف الشباب في هذه الظروف"، وفي الوقت نفسه "لا يجوز السكوت على أن يصبح التحريض على حضارتنا العربية والإسلامية وبث سموم الكراهية ضد المسلمين، مسألة تنافس بين الأحزاب والقوى الشعبوية في الغرب". وأضاف "يطلب منا بعض الساسة أن نتفهم ظروف الحملات الانتخابية، وأنهم لا يقصدون ما يقولون. ولكن هذا عذر أقبح من ذنب، لأنه يجعل من كراهية المسلمين موضوعاً شعبياً". 

وفي الملف السوري، رحّب باتفاق وقف إطلاق النار، مشدداً على "أهمية العمل على جعله حقيقياً، لا انتقائياً يسمح بحصول عمليات تهجير، بما من شأنه التخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق، وضمان سلامة المدنيين وتسريع وصول المساعدات الإنسانية، وباعتبار الوقف الدائم والشامل لإطلاق النار يمثل خطوة نحو الحل السياسي المنشود".

 

وأضاف "كما نعيد التأكيد بشكل جازم أن إنهاء كارثة الشعب السوري تتوقف على اتخاذ الإجراءات والقرارات الملزمة للنظام السوري، بتنفيذ مقررات مؤتمر جنيف 1، التي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، فضلاً عن قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتي تلبي تطلّعات الشعب السوري وتفسح له المجال لتحديد مستقبله وفق خياراته".

كذلك أكد أنه "لا بد من إجبار النظام السوري على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2336، والذي جدد الدعوة للسماح بالوصول السريع والآمن للوكالات الإنسانية إلى جميع أنحاء سورية".

وعن الأوضاع في ليبيا، رأى أمير قطر أنه لا بد من تكثيف الجهود والعمل معاً، وفق رؤية موحدة لحثّ الأشقاء الليبيين، ودفعهم لتجاوز خلافاتهم، وتغليب المصلحة الوطنية العليا لاستكمال خطوات الاتفاق السياسي الليبي المتوافَق عليه، والذي حظي بالإجماع الدولي والإقليمي، ومواصلة دعم حكومة الوفاق الوطني الشرعية لكي تقوم بكامل مهامها في وضع حد لمعاناة الشعب الليبي الشقيق ومجابهة خطر التنظيمات الإرهابية وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع ليبيا".

أما في الشأن اليمني، فقال "نجدّدُ حرصنا على وحدة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه، وعلى دعم الشرعية الدستورية ممثلة في فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما نؤكد دعمنا لمهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن وجهود استئناف المشاورات السياسية للوصول إلى الحل السياسي، وفقاً لمرجعية المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرارات الشرعية الدولية".