أميركا: قضية ترامب ــ روسيا تنذر بلجنة تحقيق خاصة

26 مارس 2017
نونيز في مؤتمر صحافي في الكونغرس (بيل كلارك/Getty)
+ الخط -
يتوالى كشف المعلومات والشبهات حول ملابسات الدور الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بصورة تحوّلت معها القضية إلى ما يشبه كرة ثلج متدحرجة قد لا تتوقف قبل دحرجة رؤوس سياسية كبيرة في واشنطن. فعملية نبش خفاياها المتسارعة وحرب التسريبات الاستخباراتية المتفاقمة حولها، تشي بأن ما بدا منها قد لا يكون أكثر من رأس جبل الجليد.

في هذا السياق، أشار رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، النائب الجمهوري ديفين نونيز، إلى أنه "حصل على معلومات من مصدر ما، تفيد بأن اتصالات الرئيس دونالد ترامب وعدد من معاونيه، قد وقعت تحت المراقبة بصورة عرضية، في سياق التجسس على مكالمات لجهات خارجية، لم يفصح البيت الأبيض عن مصدرها، ولا تفاصيلها". كما أن نونيز، زار البيت الأبيض بحجة "إبلاغ الرئيس بتلك المعلومات" من دون إطلاع أعضاء لجنته على الموضوع، متناسياً أن اللجنة تقوم بالتحقيق في موضوع التدخل وبالتالي يفترض بها أن تبقى محايدة.

خطوة نونيز بدت كمحاولة لتبرير تهمة ترامب لسلفه باراك أوباما، بأنه أمر بالتنصّت عليه أثناء الحملة الانتخابية والتي نفتها الأجهزة الاستخباراتية، ولم يصدقها غير الرئيس، الذي أصر على التمسك بها. ولهذا كانت الزيارة في غير محلها، وأججت عوامل الاشتباه بوجود تواطؤ بين الروس وحملة ترامب الانتخابية. مع العلم أن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي أي"، جيمس كومي، كان قد كشف خلال شهادته يوم الاثنين الماضي، أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، أن "التحقيق جار لمعرفة ما إذا كان هناك تواطؤ من هذا النوع".

وعلى ضوء هذه التطورات وما سبقها بخصوص الدور الروسي الذي تحولت قضيته إلى مشروع أزمة وطنية، تزايدت المطالبة، حتى في صفوف الجمهوريين في مجلس الشيوخ، بتعيين لجنة محايدة أو محقق خاص للنظر في الملف الروسي وما يتصل به. وهي صيغة يتم اعتمادها عادة في الأزمات والفضائح التي تتصل بالأمن القومي ومخالفة الدستور وإساءة استخدام السلطة والتستر على فعل جرمي رسمي، مثل "ووتر غيت" وفضيحة "مونيكا لوينسكي"، فضلاً عن قضية 11 سبتمبر/أيلول 2001، وغيرها.



ومثل هذه الهيئة تمنح صلاحيات شبه قضائية واسعة لاستدعاء الشهود والتثبت من الوقائع والمعلومات والأدلة ومختلف الظروف والملابسات المتعلقة بالقضية. وثمة اعتقاد متزايد بأن مثل هذا التحقيق قد يكشف عن علاقة تواطؤ قد تترتب عليه مضاعفات خطيرة لو جرى تثبيت معطياته.

بدوره، يشير النائب الديمقراطي آدم شيف، وهو الرجل الثاني في تراتبية لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، بعد اطلاعه على معلومات استخباراتية حساسة إلى أن هناك "أكثر من مجرد أدلة ظرفية بشأن التواطؤ وبما يقضي بتكليف لجنة تحقيق خاصة". ذلك لأن تراكم المؤشرات ومحاولات الإدارة لصرف الأنظار عن الموضوع الروسي، عمّقت الشكوك. من جهته، وصف أستاذ الحقوق ريتشارد باينتر، ما حصل بـ"الحالة الخطيرة"، أثناء شهادته أمام إحدى لجان الكونغرس.

كما أدى تضافر مثل هذا الخطاب والأجواء، إلى هبوط شعبية ترامب إلى 37 في المائة. وهو رقم غير مسبوق لدى أسلافه، على الرغم من أنه لم يمرّ أكثر من شهرين فقط على تولّيه الرئاسة. وقد انعكس الهبوط في شعبية ترامب على فشله الرئيس في حمل غالبية الجمهوريين في مجلس النواب المفترض أن يدعموا سياساته، على التصويت لصالح قانون الرعاية الصحية الذي يريده، بدلاً من قانون "أوباما كير". ولم يبال هؤلاء بتهديده السياسي لهم لو رفضوا الانصياع. وكانت مسألة قانون الرعاية الصحية بمثابة المواجهة التجريبية التي كشفت بداية انحسار زخم رئاسة ترامب، فحتى لو صوتت الأغلبية لمصلحة القانون، فإن الضرر السياسي قد وقع ضده. وقد يكبر هذا الضرر في حال استمر تفاعل الملف الروسي إلى مرتبة التحقيق الخاص. ولا يبدو أن هناك بعد الذي حصل، ما يمكن أن يغير من دينامية هذا الملف.