3 سنوات على الضم: تتار القرم يشكون "الاحتلال الروسي"

18 مارس 2017
احتفال لروس القرم بالذكرى الثالثة لضمهم لروسيا (أليكسي بافليشاك/Getty)
+ الخط -
بعد ثلاث سنوات على ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، يشعر سكان شبه الجزيرة الروس بالفرحة من "استعادة الوحدة"، بينما لا يزال تتار القرم يشعرون بالاستياء، ولم تنجح السلطات الروسية في استيعابهم. وفي الذكرى الثالثة لضم القرم التي تصادف اليوم السبت، لا يتوقع نائب رئيس "مجلس تتار القرم"، إلمي أوميروف، أن تتغير الأوضاع في شبه الجزيرة نحو الأفضل، ولا يزال يرفض الاعتراف بانضمامها إلى روسيا.
ولا يتوقع أوميروف، في حديث لـ"العربي الجديد"، من مدينة بخشي سراي، جنوب القرم، "تحسناً من هذه السلطة وسط استمرار الملاحقات الجنائية والاعتقالات لأسباب سياسية ودينية وبتهم مثل: إثارة أعمال الشغب، وغيرها".

ويضرب القيادي بمجلس التتار مثلاً على هذه القضايا المسيسة، مشيراً إلى "عملية مداهمة مجموعة من الأشخاص للاشتباه بانتمائهم إلى منظمة حزب التحرير الإسلامي أخيراً، ويعتبر أنها شملت اعتقال أشخاص كانوا مجرد متدينين وليس متطرفين". وبعد مرور ثلاث سنوات على أحداث القرم، يعتبر أوميروف أن "ما جرى كان بمثابة فرض سلطة الاحتلال وانتهاك لمذكرة بودابست لعام 1994 التي كانت تضمن أمن أوكرانيا، مقابل انضمامها إلى معاهدة منع انتشار السلاح النووي".

وحول تقديراته لنسبة تتار القرم الرافضين للانضمام إلى روسيا، يشير إلى أن "سياسات السلطات الحالية تهدف إلى ترويع وإسكات الجميع. ولكن هناك سياسة المطابخ التي تؤكد أن ما بين 90 و95 في المائة من تتار القرم لا يعترفون بالاختصاص القانوني لروسيا". مع العلم أن القضاء الروسي يعتبر "مجلس تتار القرم" منظمة "متطرفة"، بينما يواجه أوميروف تهمة "الدعوات العلنية إلى انتهاك وحدة أراضي روسيا الاتحادية"، وفي حال إدانته قد يتم سجنه لمدة تصل إلى خمس سنوات.

ويتوقع القيادي صدور حكم بإدانته، معتبراً أن "المسألة هي ما إذا كات ستتم معاقبته بالسجن أم لا"، كاشفاً أنه "لا توجد محاكم موضوعية في روسيا، بل هي تخدم السلطة. يعود الحكم إلى قرار جهاز الأمن الفدرالي، بينما يقتصر دور القضاء على الإجراءات".

ويُعدّ تتار القرم البالغ عددهم نحو 232 ألفاً (حوالى 10 في المائة من سكان شبه الجزيرة)، السكان الأصليين في القرم، إلا أن السلطات السوفييتية أقدمت خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) على تهجيرهم بتهمة "التعاون مع الاحتلال النازي"، ولم يحصلوا على حق العودة إلا في عام 1989.



ومنذ مارس/آذار 2014، وجد تتار القرم أنفسهم تحت قيادة وريثة للدولة التي حرمتهم من الحياة على أرضهم وتسببت لهم في معاناة امتدت لعقود من الزمن، ما يزيد من صعوبة اندماجهم. في المقابل، عانت الأغلبية الروسية في القرم على مدى أكثر من 20 عاماً من التهميش في ظل توجه السلطات الأوكرانية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي (1991) نحو تضييق استخدام اللغة الروسية والابتعاد عن روسيا مقابل التقارب مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

ومنذ انضمام القرم إلى روسيا، يشعر مؤسس جبهة "سيفاستوبول - القرم - روسيا"، فاليري بودياتشي، بحريته ويصف الفترة التي كانت تتبع فيها شبه الجزيرة لأوكرانيا، بأنها "سنوات سوداء". ويقول بودياتشي الذي سبق أن دانه القضاء الأوكراني بتهمة "الانفصال"، في اتصال مع "العربي الجديد" من سيمفروبول عاصمة جمهورية القرم: "أخيراً انتهت السنوات السوداء الـ23 من الاحتلال الأوكراني. الحرية هي أن تعيش في بلد عظيم وليس في دولة مثل أوكرانيا".

نظراً لعزلتها عن باقي أنحاء روسيا وعدم اعتراف كييف والغرب بانفصالها عن أوكرانيا، تواجه القرم مشكلات اقتصادية عدة، وفي مقدمتها غلاء الأسعار وضعف حركة السياحة إلى سواحلها المطلة على البحر الأسود. إلا أن بودياتشي يربط آماله في تحسن الأوضاع باستكمال أعمال بناء جسر "كيرتش" الذي سيربط القرم بباقي أقاليم روسيا بحلول نهاية عام 2018.

وسيسمح الجسر الذي سيبلغ طوله 19 كيلومتراً، بقطع المسافة بين إقليم كراسنودار جنوب روسيا والقرم على متن سيارة خلال 15 دقيقة فقط دون استخدام العبّارة كما هو الحال الآن، ومن المقرر أن يتم فتح الجسر أمام حركات القطارات بحلول عام 2019.

وكانت روسيا قد ضمت القرم قبل ثلاث سنوات، بعد موجة من الاضطرابات في أوكرانيا وموافقة مجلس الاتحاد الروسي على طلب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استخدام القوات الروسية في أوكرانيا وإجراء استفتاء تقرير المصير في شبه الجزيرة ذات الأغلبية الناطقة بالروسية. وبعد إعلان استقلال جمهورية القرم عن أوكرانيا بشكل أحادي الجانب، وقعت القرم على اتفاقية الانضمام إلى روسيا في 18 مارس/آذار 2014.

يذكر أن القرم كانت جزءاً من الإمبراطورية الروسية، ثم إقليماً ضمن روسيا السوفييتية، قبل أن يضمها الزعيم السوفييتي الراحل، نيكيتا خروتشوف، إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية في عام 1954. ونتيجة لذلك، ظلت القرم جزءاً من أوكرانيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991، إلى أن ضمتها روسيا.