فرنسا تتجاوز تقاليدها الانتخابية: لوبان وفيون في مرمى القضاء

26 فبراير 2017
ماكرون اعتبر أن فيون ولوبان يهدّدان مؤسّسات الدولة(فاليري هاشي/AFP)
+ الخط -
الأزمة مع القضاء تلاحق مُرشَّحَين بارزين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتقذف الفضائح في وجهيهما في كل لقاء انتخابي. قرع الأواني يستقبل مرشّح اليمين فرانسوا فيون في كل تحركاته، والاحتجاجات الصاخبة تواجه رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" المتطرف، مارين لوبان، في استعراضاتها الانتخابية، وهو ما يلطخ سمعة الحملة الانتخابية التي كان من المفترض أن تكون "نظيفة"، وأن تتنافس فيها البرامج وليس سواها.

ويبدو أن تقليد "الهدنة القضائية"، غير المكتوب، لم يعد ساريًا كما كان عليه الحال قبل عقود. هذا التقليد، الذي يتوقّف بموجبه القضاء عن متابعة عمله، مع اقتراب الحملات الانتخابية، والذي استفاد منه مرشحون سابقون، وقد وصل بعضهم إلى سدة الرئاسة، لعلّ منهم جاك شيراك، الذي لم يلاحقه القضاء ويُدِنه إلا بعد انتهاء ولايتيه الرئاسيتين.

وعلى الرغم من إصرار المرشَّحَين على المضيّ قُدُما في حملتيهما، وكأن لا شيء جدّيًا يمكن أن يتخذه القضاة، إلا أن ملفاتهما القضائية تثير القلق؛ فرانسوا فيون يعرف أنه من الصعب عليه أن يبرهن بوثائق وأعمال أن عمل زوجته وولدَيْه لم يكن "وهميًّا"، ولو كان بإمكانه لَفَعل ذلك. لذا، يضع الآن في حسبانه إمكانية استدعائه من القضاء، بل وحتى وضعه في قفص الاتهام، وإن كان الاحتمال الأخير أمراً مستبعداً.



من جهةٍ أخرى، فإن الملفات القضائية التي تلاحق مارين لوبان، لا تستثني أيضًا أربعة من نواب حزبها "الجبهة الوطنية"، وهم برونو غولنيش، وصوفي مونتيل، وميلين تروسينسكي، ودومينيك بيلد، والذين يطالبهم البرلمان الأوروبي بتعويض مالي يصل إلى مليون ومئة ألف يورو. هذا فضلًا عن أسماء أخرى، منها كاثرين غريزي، المقربة السابقة من مارين لوبان، والمتهمة بالاستفادة من تعويضات، باعتبارها ملحقة برلمانية، في حين أنها كانت تعمل في مؤسسات الحزب. وحسب ما كشفت الصحافة حتى الآن، فإن عدد الضالعين من حزب مارين لوبان في فضيحة تلقّي أموال من بروكسل لقاء أنشطة مُورِسَت، يصل إلى عشرين شخصًا خلال الولايتين البرلمانيتين الأوروبيتين الأخيرتين.

وقد جاء تصريح وزير العدل الفرنسي، جان - جاك أورفواز، ليستبعد وضع أي كوابح في مسيرة القضاء المستقل، وأكّد، صباح اليوم الأحد، لصحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، أن "لا شيء يبرر هدنة قضائية". وإذ استهجن رفض لوبان الاستجابة لاستدعاء الشرطة، أكد أنه "لا توجد عدالة للمجهولين وعدالة أخرى لأصحاب الشهرة".

ورفض وزير العدل الفرنسي اللجوء إلى الاحتماء بـ"الهدنة" الانتخابية، وقال "لنتصور أنه أثناء الحملة الانتخابية لا يستطيع القضاء الفرنسي التحقيق، بعد الانتخابات الرئاسية تأتي الانتخابات التشريعية ومجلس الشيوخ، فمتى يمكن إذن للقضاء أن يعمل بشكل طبيعي؟ إن الشيء الطبيعي، تحديدًا، هو العمل من دون أي كابح".

كما أكد أنه "لا يوجد نصّ يقرّ هذه الهدنة القضائية. وما هو السبب الذي سيكون وراءها؟ وباسم أي استثناء؟ لا شيء، في نظري، يبررها"، في ردّ صريح على الأمل الذي عبَّر عنه فرانسوا فيون، أيضًا، بخصوص هذه "الهدنة".

ماكرون يهاجم فيون ولوبان

وفي شأن متّصل، عاوَدَ المرشح إيمانويل ماكرون، التعليق على متاعب فيون ولوبان مع القضاء، فبعد أن انتقد في 13 فبراير/شباط الجاري "تشكيك فيون ومحاميه في قدرة وصلاحية النيابة المالية في قضية بينيلوبي"، وبعد أن قال إنه "لا يمكن أن نتطلع لحكم فرنسا ونحن نشكك في عدالة بلدنا"، هاجم، أمس السبت، فرانسوا فيون مجدداً بسبب "غرقه في أعمال  يفترَض أنها وهمية"، كما هاجم مارين لوبان، بسبب رفضها الاستجابة لاستدعاء المحققين في قضايا مُساعدين برلمانيين للحزب تم توظيفهم في البرلمان الأوروبي.

وأبدى ماكرون قلقًا على المؤسسات، قائلاً "نحن على بعد أيام من خيار تاريخي من أجل فرنسا، بينما البلد يُواجِه كثيرًا من الشكوك وكثيرًا من التغيرات". واعتبر أن "السؤال الذي سيُطرح على مواطنينا هو معرفة ما إذا كانوا مستعدين لاختيار برنامج كراهية وانطواء وتخلٍ عمّا نحن عليه، ودروسٍ في الأخلاق من قبل أناس ليس لديهم ما يمنحونه لأي كان، ومُقرِّرين (لا يحترمون وسائل الإعلام ولا القضاء)، وهم بصدد البرهنة أنه لا يمكنهم أن يكونوا ضمانة لمؤسساتنا". ​

المساهمون