كردستان تفشل في إخماد التظاهرات... وبغداد تسعى لحكومة مؤقتة

22 ديسمبر 2017
تتخوّف سلطات الإقليم من اتساع التظاهرات اليوم(شوان محمد/فرانس برس)
+ الخط -
فشلت جهود حكومة كردستان العراق في إخماد التظاهرات المشتعلة في مدن عدة من الإقليم منذ الأحد الماضي، رغم تحريكها لزعامات قبلية ودينية محلية مختلفة، عقدت عدة لقاءات مع ناشطين ووجوه بارزة في التظاهرات، بهدف إقناعهم بتجميد التظاهرات ولو مؤقتاً بسبب حساسية الوضع الحالي في الإقليم والأزمة مع بغداد. لكن حركة الاحتجاجات تجددت، أمس الخميس، في مناطق عدة، رغم نشر جهاز الأسايش والشرطة قوات مدرعة وعربات خاصة بفض الشغب في مدن مختلفة، أبرزها رانية وكلار وكويه والسليمانية. يأتي ذلك في وقت كشفت فيه مصادر سياسية وحكومية في بغداد والسليمانية لـ"العربي الجديد"، عن مساعٍ جديدة لبعثة الأمم المتحدة في العراق لإقناع بغداد بمفاوضات جديدة مع أربيل بعد عطلة رأس السنة، وإيقاف أي تحرك عسكري وشيك من بغداد باتجاه منطقة فيشخابور المتنازع عليها بين الطرفين والواقعة على الحدود مع تركيا.

وتركزت التظاهرات، أمس، في سبع مدن دون غيرها من الإقليم تُعتبر معاقل تقليدية للإسلاميين وكوادر الحزب الشيوعي الكردي، خصوصاً السليمانية ورانية وكلار وكويه وقلعة دزه، واستخدمت خلالها قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والخراطيش المطاطية والرصاص الحي. وقالت مراسلة "العربي الجديد" إن المتظاهرين كانوا ينتقلون من زقاق إلى آخر ومن حارة إلى أخرى مجاورة فضلاً عن دخولهم الأسواق الشعبية مرددين شعارات مختلفة مناوئة لحكومة الإقليم وتطالب بالكشف عن أموال النفط الخاصة بالإقليم ومرتبات الموظفين والخدمات وغيرها. كما هاجموا دائرة التقاعد العامة المسؤولة عن تسليم الموظفين المتقاعدين المرتبات تحت شعارات مختلفة.

وكشفت مصادر طبية في السليمانية ورانية عن ارتفاع عدد ضحايا المواجهات بين المتظاهرين والأمن الكردي إلى 7 قتلى و183 جريحاً، بينهم 10 بحالات خطرة، أحدهم فتى مراهق. وقال طبيب في مستشفى آزادي الطبي في السليمانية لـ"العربي الجديد"، إن عدداً كبيراً من الجرحى إصاباتهم طفيفة وخرجوا من المستشفى بعد تلقيهم العلاج، لكن هناك حالات خطرة بسبب إصابتهم بعيارات نارية في الظهر والبطن. فيما أكدت مراسلة "العربي الجديد" في بلدة رانية، قطع شبكة الإنترنت في عدة مدن كردية بأمر من وزارة الاتصالات في كردستان المسؤولة عن تزويد الخدمة للمنازل في الإقليم. بينما شهدت السليمانية عودة جزئية للتيار الكهربائي بعد يومين من انقطاعها.
وتخشى حكومة الإقليم اتساع التظاهرات اليوم، الجمعة، خصوصاً بعد الانتهاء من الصلاة، إذ عادة ما تتحول الجوامع في الإقليم إلى منابر سياسية في مثل هذه الظروف. هذا الأمر أكده مجيد كيلان زاده، أحد الناشطين في التظاهرات في السليمانية، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إن "الجمعة سيكون مميزاً بالتأكيد".

في هذه الأثناء، فشلت حكومة الإقليم في احتواء التظاهرات بعد تحريكها لزعامات قبلية ودينية باتجاه قادة التظاهرات وناشطين ووجهاء عدة بلدات كردية بالإقليم. وقال عضو في حركة التغيير الكردية المعارضة لأربيل، لـ"العربي الجديد"، إن "البارزانيين حركوا شخصيات دينية صوفية وسلفية وقبلية كردية بارزة لوقف التظاهرات تحت مزاعم حساسية الوضع وخطر انهيار وتفكك كردستان، لكنهم فشلوا في ذلك"، معتبراً أن "تفكك الإقليم سيكون حتمياً في حال بقاء الحكومة الحالية".


في غضون ذلك، تحدثت أوساط سياسية عراقية عن تواصل رئيس الوزراء حيدر العبادي مع قيادات في حركتي التغيير والجماعة الإسلامية وحزب الاتحاد الديمقراطي لبحث مسألة تشكيل حكومة مؤقتة، وهو ما يمثل تطوراً جديداً في الحرب الباردة الحالية بين بغداد وأربيل، ما دفع برئيس حكومة كردستان نجيرفان البارزاني إلى الإعلان عن استعداده للتفاوض عبر الدستور.

وقال قيادي بارز في التحالف الوطني الحاكم في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن "العبادي تواصل مع قيادات مهمة في عدة أحزاب كردية في السليمانية للتباحث بشأن الأزمة الداخلية في كردستان، وتشكيل حكومة جديدة مؤقتة تكون مدعومة من بغداد"، موضحاً أن "العبادي وافق على رفع الإجراءات العقابية المتخذة ضد كردستان فوراً، وبدء العمل على حل سياسي سريع في حال تحقق ذلك، وتشكيل حكومة جديدة". وأضاف القيادي العراقي أن "حكومة نجيرفان البارزاني تعني مسعود البارزاني نفسه"، مشيراً إلى أنّ "تلك الجهات كانت لا تزال تتواصل مع بغداد حتى مساء أمس، الخميس"، واصفاً تدخل بغداد في الإقليم بأنه "وارد".

مقابل ذلك، قال القيادي في التحالف الكردستاني العراقي حمة أمين، لـ"العربي الجديد"، إن بعثة الأمم المتحدة في العراق ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم يقودان جهوداً كبيرة لاحتواء الموقف المتصاعد بين بغداد وأربيل منعاً لأي تطور عسكري. وأوضح أن "معصوم يتحرك على جبهة أربيل، والأمم المتحدة تعمل على معسكر الحكومة في بغداد، لإقناع الطرفين بمفاوضات جديدة تستند إلى الدستور فقط بما يتعلق بالمنافذ الحدودية والمناطق المتنازع عليها، على أن يكون ذلك بعد عطلة رأس السنة"، معتبراً أن استمرار جهود الطرفين سيثمر على أقل تقدير تأجيل أي تصعيد عسكري ينجم عن تحرك الجيش العراقي نحو فيشخابور.

وعقدت حكومة إقليم كردستان أول اجتماع لها منذ اندلاع التظاهرات، غاب عنه وزراء حركة التغيير والجماعة الإسلامية. وقال رئيس الحكومة نجيرفان البارزاني، خلال مؤتمر أعقب الاجتماع، إن أربيل مستعدة للحوار مع بغداد لحل الخلافات وفق الدستور وفي أي وقت. وأضاف: "نحن نحترم قرار المحكمة الاتحادية، ويجب حل خلافاتنا مع بغداد في إطار الدستور العراقي، ونملك الإرادة لذلك، ونتمنى أن تكون بغداد كذلك"، موضحاً أن "ألمانيا وفرنسا تتطلعان لمساعدة إقليم كردستان في حل مشاكله مع بغداد على أساس الدستور العراقي".