مفاوضات تعز استعداداً لمعركة الحسم... وتحريض إماراتي لمناطق الساحل

11 ديسمبر 2017
الإمارات تنسّق مع قيادات نافذة بحزب المؤتمر(فرانس برس)
+ الخط -
الأحداث الأخيرة، التي شهدتها صنعاء والمتمثلة بفض تحالف قوى الانقلاب والتي انتهت بتصفية جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح وعدد من أتباعه، ألقت بتأثيرها على مسار الأحداث في تعز من الجانبين السياسي والعسكري. فمحافظة تعز، التي تعدّ من بين أهم المحافظات المتحكّمة بمسار الأزمة اليمنية، تكتسب أهميتها نتيجة موقعها الجغرافي الرابط بين شمال اليمن وجنوبه، وكذلك وقوعها على مضيق باب المندب (جنوباً)، الذي يعدّ من أهم المضائق البحرية في العالم، إضافة إلى تأثير تعز في الحركة الوطنية في كل مراحل التاريخ اليمني الحديث.



وطبقاً للمتابعين، يبدو أن تأثير أحداث صنعاء على سير المعارك العسكرية في تعز له شقان يختلفان عن بعضهما، فمعارك المدينة وريف مناطق الحجرية جنوبي المحافظة لا تزال على حالها، حيث تشهد الجبهات اشتباكات متقطعة بين الحين والآخر بين الجيش التابع للحكومة الشرعية والقوات التابعة للانقلاب، من دون أن يحقّق أي طرف منهما تقدماً يذكر.

لكن هذه الاشتباكات المتقطعة، وبحسب حديث الناشط السياسي تيسير المجاهد لـ"العربي الجديد"، تتم بالتزامن مع مفاوضات سريّة بين بعض قيادات الجيش التابع للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، مع بعض قيادات عسكرية كانت ضمن القوات الموالية لصالح في تعز ومع شخصيات اجتماعية موالية له أيضاً، من أجل الانضمام إلى صفوف الجيش اليمني.

وفي هذا السياق، أفرجت قيادة اللواء 35 مدرّع التابع للحكومة الشرعية، عن كافة الأسرى التابعين لحزب المؤتمر وعلى رأسهم الشيخ أمين حسن اليوسفي رئيس فرع المؤتمر بمديرية المواسط وعضو المجلس المحلي بالمحافظة. كما أعلن مشايخ وأعيان وشخصيات اجتماعية في المواسط، وهي مديرية تقع جنوبي تعز وتمثّل قاعدة مهمة للمؤتمر ومسقط رأس رئيس حزب المؤتمر جناح صالح، الشيخ جابر عبدالله غالب، وقوفهم الكامل مع المقاومة والجيش والشرعية ضد الحوثيين.

وتهدف قيادات الشرعية العسكرية إلى استغلال دعوة صالح أنصاره بالتمرّد على أوامر جماعة "أنصار الله"، وهي الدعوة التي أطلقها في خطاب متلفز قبل مصرعه بيومين، وبالتالي زيارة حالة الشرخ بين طرفي الانقلاب بما يمكّن الجيش التابع للشرعية من حسم معركة تحرير تعز إذا وافقت قيادة التحالف العربي على ذلك.

وبحسب المجاهد، فإن "هناك تفاصيل في هذه المفاوضات لن تكون سهلة إذا علمنا أن قوات الحرس الجمهوري التي أرسلها صالح إلى تعز لها أهداف تختلف عن بقية المحافظات"، لأنها جاءت للانتقام من تعز، في ظلّ حالة التعبئة التي مارسها الرئيس السابق ضد هذه المدينة التي كان لها السبق في إشعال ثورة فبراير/شباط 2011 والتي أسقطته من الحكم. ويشير المجاهد إلى أنه "من غير المستبعد أن تواجه الترتيبات الهادفة لإعادة قوات صالح للواجهة في تعز ضمن الشرعية هذه المرة، برفض شعبي، إذ إن هناك مخاوف تسيطر على شباب ثورة فبراير 2011 من استغلال أحداث صنعاء من قبل الإمارات والسعودية والدفع بقيادة الثورة المضادة، التابعين لصالح إلى الواجهة، ومن ثمّ عودة النظام الذي خرجت الثورة ضده، برعاية السعودية والإمارات، إضافة إلى أن قوات صالح لها سجلّ حافل من الجرائم في هذه المدينة".

في المقابل، تسبّبت أحداث صنعاء بتحوّل في الاستراتيجية السياسية والعسكرية للإمارات في المناطق الساحلية منذ تحريرها. فبعد أن كانت القوات الإماراتية في الساحل قد منعت تسليم إدارة هذه المناطق للحكومة الشرعية ممثلة بالسلطة المحلية - على الأقل ما يتعلّق بميناء المخا الاستراتجي التابع لمحافظة تعز - وعملت على عزل المدينة عن مينائها وسواحلها، جرى خلال الأسبوع الماضي تحوّل في المشهد في مناطق الساحل الغربي من تعز.

وكشف أحد المشاركين في المعارك العسكرية بجبهة الساحل، وطلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، عن أنه "تمّ نقل القوات الجنوبية الموجودة في مناطق الساحل الغربي، في باب المندب ويختل وموزع والمخا غربي تعز، بعد أن أصدر قائد القوات الإماراتية توجيهاته بنقل تلك القوات من هناك إلى المناطق الحدودية بين تعز ولحج في طور الباحة وكرش والمقاطرة جنوبي تعز وشمالي لحج. وانتقلت وفقاً لهذه التوجيهات القوات التابعة للواء العمالقة من أبناء الجنوب، بقيادة حمدي شكري الصبيحي، من مواقعها في مديريات المخا وموزع وتمركزت في مناطق الحدود الجنوبية بين محافظتي تعز ولحج بمديرية طور الباحة في لحج وحيفان في محافظة تعز، فيما انتقلت قوات اللواء 17 مشاة بقيادة العقيد عبدالله التركي من مناطق باب المندب والوازعية إلى مواقع جديدة في كرش القبيطة بين تعز ولحج من الجهة الجنوبية شرقية".

وبحسب حديثه، فقد "جاء نقل القوات الجنوبية من مديريات محافظة تعز الساحلية الغربية بعد تنسيق بين أبوظبي وبعض قيادات عسكرية تابعة  للعميد أحمد علي عبد الله صالح المقيم في الإمارات لتسليم مناطق الساحل لقوات الحرس الجمهوري، التي انتشرت في مناطق واسعة في ساحل تعز، بعد تسوير مساحات واسعة في ساحل ذباب كمعسكرات لتلك القوات، فيما فُتحت أكثر من ثلاثة معسكرات جديدة في سواحل المخا لتدريب آلاف المجندين الجدد من الذين يتم تدريبهم هناك، والذين من بينهم 6000 جندي من أبناء مديريات الساحل الغربي الأربع: ذباب، المخا، الوازعية وموزع، من محافظة تعز، في إطار الترتيبات الجديدة بين الإمارات وحزب المؤتمر الشعبي العام في تلك المناطق".

إلى ذلك، قالت مصادر متطابقة في المجلس المحلي بمديريتي المخا والوازعية، إن الإمارات بدأت تنسّق مع قيادات نافذة في حزب المؤتمر الشعبي العام لتشكيل ما يسمى مجلس التوافق للمناطق الساحلية، يضم عدداً من العسكريين والسياسيين والشخصيات النافذة في مديريات الساحل الأربع، يكون مقره في باب المندب والمخا تحت إشراف إماراتي.

وتهدف الإمارات بهذه الخطوة إلى تعزيز النزعة المناطقية لدى أبناء مناطق الساحل الغربي في تعز، وتسوّق عبر نشطاء وإعلاميين موالين لها من أبناء الساحل على مواقع التواصل الاجتماعي أن تكون مديريات المخا وذباب وموزع والوازعية محافظة ساحلية مستقلة عن تعز.