حثت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، الخميس، قادة الاتحاد الأوروبي على وضع خطط عاجلة لتحقيق تقدم في مفاوضات بريكست، تحديدا في ما يتعلق بحقوق المواطنين الأوروبيين، في وقت يستعد نظراؤها في الاتحاد لتأخير المحادثات المتعلقة بالشق التجاري حتى ديسمبر/ كانون الأول على أقل تقدير.
ويبدو أن ماي المشاركة في القمة التي ستستمر على مدى يومين، سلمت بأن باقي قادة الاتحاد الـ27 لن يروا على الأرجح أنه تم تحقيق تقدم كاف في المسائل المرتبطة ببريكست تسمح بالانتقال إلى المرحلة الثانية، حيث أشارت إلى أن الاجتماع هو لـ"التقييم".
وفي تحرك يهدف إلى التأثير على قادة الاتحاد عبر مسألة يعيرونها أهمية كبرى، نشرت ماي رسالة مفتوحة موجهة إلى ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا، تعهدت خلالها بأنه لن يطلب منهم المغادرة بعد بريكست في مارس/ آذار 2019.
وكشفت عن أن الاتفاق لضمان حقوقهم "قريب جدا"، إلا أنها أعربت للصحافيين عن رغبتها في أن يظهر قادة الاتحاد "اهتماما عاجلا في التوصل إلى اتفاق".
من جهته، حذر رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، من أنه لا يتوقع "حدوث أي اختراق"، مؤكدا أنه رغم وجود "تقدم محتمل" فإن على لندن "تقديم مقترحات ملموسة بشكل أكبر".
ولا يخفي قادة الاتحاد الأوروبي امتعاضهم جراء الانقسامات في حكومة ماي في ما يتعلق ببريكست، حيث يشيرون إلى أنهم لا يزالون لا يعرفون بالتمام ما تريده بريطانيا.
وتم نقل مكان انعقاد الاجتماع في اللحظة الأخيرة الأربعاء من مبنى يوروبا، الذي كلف بناؤه 321 مليون يورو، إلى مبنى أقدم بعد تسرب غازات ضارة من المطبخ وإصابة العديد من الاشخاص بعوارض تسمم.
ويتفق الاتحاد الأوروبي على أنه من بين المسائل الثلاث الأهم في البريكست، حقق الملف المرتبط بحقوق المواطنين التقدم الأكبر، رغم استمرار وجود بعض النقاط العالقة.
ووصلت المحادثات بشأن الفاتورة التي ينبغي على بريطانيا دفعها لمغادرة الاتحاد إلى طريق مسدود، فيما لا يزال الطريق طويلا أمام المفاوضات المرتبطة بأيرلندا الشمالية.
وقال مسؤول رفيع إنه خلال عشاء العمل الذي سيجمع ماي بباقي قادة الاتحاد، مساء الخميس، ستشجع رئيسة الوزراء البريطانية نظراءها "على نقل المحادثات إلى مسألة التفكير في الشراكة المستقبلية وفترة التطبيق". وصباح الجمعة ستتركهم ليستكملوا نقاشاتهم بشأن بريكست في غيابها.
وبعدما فشلت خمس جولات مفاوضات بشأن بريكست في التوصل إلى نتائج مهمة، تزداد المخاوف من أن تفشل بريطانيا في التوصل إلى اتفاق يتعلق بانسحابها قبل الطلاق رسميا في 29 آذار/مارس 2019.
وانخرطت ماي في حراك دبلوماسي قبيل القمة، حيث اتصلت بقادة فرنسا وألمانيا وغيرهم، وعقدت عشاء عمل مع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في بروكسل.
وفي خطوة بدا أنها تحمل قيمة رمزية، دخلت ماي إلى قاعة انعقاد القمة برفقة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث انخرط القادة الثلاثة في نقاش معمق.
وتعد فاتورة خروج بريطانيا من الاتحاد أكثر مسألةٍ تسمم علاقات لندن ببروكسل، فقد وعدت ماي بالإبقاء على مساهمات بريطانيا لسنتين بعد الخروج من الاتحاد لاستكمال الموازنة الحالية للاتحاد، بما يبلغ مجموعه نحو 20 مليار يورو (24 مليار دولار).
وتصر ألمانيا وفرنسا على أنه لا يجب أن تتأثر ميزانية الاتحاد الأوروبي جراء مغادرة بريطانيا، ولكن رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تاجاني، الذي سيكون لهيئته قرار نهائي بشأن اتفاقية بريكست، قال لشبكة "بي بي سي" إن "20 مليارا تمثل مبلغا زهيدا جدا. المشكلة هي 50 أو 60 (مليار يورو)، هذا هو الوضع الحقيقي".
وتواجه ماي ضغوطا من كبار المؤيدين لبريكست في بلدها، حيث حثتها إحدى المجموعات في رسالة الخميس على التخلي عن المفاوضات في حال رفض الاتحاد الأوروبي الانتقال إلى المحادثات التجارية.
من جهة أخرى، عقد زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، محادثات مع كبار مفاوضي الاتحاد الأوروبي الخميس في ما وصفها بالمحاولة لـ"كسر الجمود المتعلق ببريكست".
وحذر كوربين من أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق سيكون "كارثيا".
وسيدفع ماكرون، اليوم، بموضوع التجارة إلى جدول الأعمال بدعوة نظرائه المشككين إلى وقف اتفاقات التجارة الحرة أو المخاطرة بإثارة غضب المواطنين الذين يتزايد قلقهم إزاء العولمة.
وسيناقش القادة كذلك الأمور المتعلقة بالشؤون الخارجية، بينها تركيا والأزمة المرتبطة بالملف النووي لكوريا الشمالية، وسحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الإقرار بالاتفاق النووي الإيراني عام 2015.
وفرضت الأزمة المتعلقة بكتالونيا كذلك نفسها على جدول القمة، حيث وصل رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، إلى بروكسل بعد وقت قصير من إعلان حكومته أنها ستمضي في تعليق الحكم الذاتي الذي يتمتع به الإقليم المطالب بالانفصال.
(فرانس برس)