إبراهيم الجعفري... الوزير الذي عُطِّلَت الدبلوماسية العراقية في عهده

31 يناير 2017
غالباً ما يغيب الجعفري عن الحضور إلى مكتبه(سينان يتيك/الأناضول)
+ الخط -


يرى مراقبون عراقيون أنّ وزارة الخارجية العراقيّة أصيبت بالشلل بعدما تولّى القيادي في حزب "الدعوة" إبراهيم الجعفري الحقيبة. يقول مدير عام في وزارة الخارجيّة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "وزارة الخارجية تعدّ من أهم الوزارات وأخطرها وأكثرها حساسيّة للبلاد التي تمر بظرف أمني وسياسي عصيب"، مبيناً أنّ "مسؤوليّة وزير الخارجية اليوم، خطيرة، وتحتاج الى خبرة وحنكة ودهاء سياسي، خصوصاً في ظل الأجندات الخارجيّة التي تفرض على البلاد، وتنتهك سيادتها وتتحكم بقرارها السياسي". وأشار المدير الذي فضل عدم نشر اسمه، الى أنّ "كل ذلك يحتاج إلى رجل خبر السياسة والأساليب الدبلوماسية، ويستطيع إخراج البلاد من كل تلك التقاطعات مع بناء علاقات رصينة مع الدول، والحفاظ على سيادة البلاد في الوقت نفسه". واعتبر أنّ "الوزارة تشهد اليوم تراكم ملفات كثيرة وخطيرة، لم تعالج، ولم يتم حتى بحثها ووضعها ضمن جدول أعمال الوزير الجعفري"، مبيناً أنّ "الجعفري لم يكن راضياً بالوزارة، بل كان يعدّ نفسه أكبر من أن يكون وزيراً للخارجية، وحوّل مكتبه إلى مكتب عائلي وأناط المهمات الحساسة إلى أقاربه". وأضاف أنّ "الوزير لم يكتف بذلك، بل تعدّاه، بحيث نقل اجتماعات الوزارة الخاصّة إلى منزله وبحث الملفات يتم في بعض الأحيان بحضور ضيوف الجعفري، وهم من خارج الوزارة، الأمر الذي أفقد الكثير من الملفات خصوصيّتها وسريّتها التي يجب ألا تخرج خارج الوزارة، وهو ما أثّر سلبا على عملهاً". 

وأشار المصدر نفسه إلى أنّ "كل ذلك تسبّب بانحدار غير مسبوق في عمل الوزارة، فالجعفري لا يحسن أن يدير ملفات دبلوماسية على درجة كبيرة من الحساسيّة، كملف العلاقات مع إيران وملف العلاقات مع المحيط العربي وملف العلاقات مع واشنطن، والملفات: السوري واليمني والتركي، وخلق توازن في العلاقات والتعاون الدبلوماسي في البلاد".

من جهته، رأى الخبير في العلاقات الدولية، باسم المعيني، أنّ "الجعفري هو وزير على الهامش، فلا يستطيع إدارة الوزارة". وأكّد المعيني، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "وزارة الخارجية لا تقوم اليوم بمسؤولياتها، إذ لم يبحث الوزير مع التحالف الدولي الاتفاقيّة الأمنية ومستوى العلاقات والارتباطات والواجبات بين واشنطن وبغداد، ولم يطالب بتطبيق كامل للالتزامات الواجبة على الطرفين، حتى أنه لم يتحدّث عن ذلك في الإعلام".


وأبدى استغرابه من "ردّ الوزير في نيويورك (عام 2015) عن سؤال حول التحالف الرباعي (بين روسيا والعراق وإيران والنظام السوري) بالقول إنّه (لا يعلم شيئاً عنه)، في وقت دخلت فيه البلاد بحلف رباعي مع روسيا وإيران وسورية، فمن الذي كان يفاوض؟ ومن الذي بحث المشروع؟ ومن الذي درس تأثيره على علاقات العراق في المنطقة ومع الدول الأخرى؟ ومن الذي بحث مدى تعارضه مع التزامات العراق العربية والتزاماته مع واشنطن ضمن اتفاقيّة الإطار الاستراتيجي؟ كل تلك المسؤوليات هي في صلب عمل وزير الخارجية الذي لا يعلم شيئاً عن الاتفاق إلا من خلال الإعلام، فأين الجعفري من كل ذلك؟ وما هو دوره؟ وما الذي يعمله؟".

 بدوره، أوضح القيادي في تحالف القوى محمد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ملفات وزارة الخارجية ومسؤولياتها تدار من قبل جهات أخرى خارج الوزارة". وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفشل الكبير في إدارة ملفات وزارة الخارجيّة، دفع بجهات أخرى لتبنيها، ومتابعتها بعدما يئسوا من أن تدب الحياة في الوزارة الخاملة".

وأضاف، أنّ "ملف العلاقات العراقيّة -العربية كان قد تبناه نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، فيما تبنى نائب رئيس الجمهورية الآخر أسامة النجيفي ملف العلاقات العراقيّة التركية، وتبنّت لجنة العلاقات الخارجية البرلمانيّة بالتعاون مع وزارة الهجرة موضوع هجرة العراقيين إلى الخارج، ومتابعتها مع الدول الأوروبية". 

وأشار إلى أنّ "شتات وزارة الخارجية اليوم تنهض به جهات مختلفة في الرأي والانتماءات والارتباطات، وكل منهم يعمل لأجندة خاصة، ويتقاطعون فيما بينهم جملة وتفصيلاً، الأمر الذي يجعل من تلك الملفات تتعارض فيما بينها تعارضاً لا يمكن له أي تقارب مستقبلي، وهو ما يضع سياسة العراق الخارجيّة في أزمات سياسية خطيرة، كما حدث من تعارض التحالف الرباعي وواشنطن على أرض العراق، وما يتبعه من نتائج".