مؤتمرا الحزبين الأميركيين: الخيار الثالث يهدّد مصير ترامب وكلينتون

06 يوليو 2016
تزايد عدد المعارضين لترشيح ترامب وكلينتون (فرانس برس)
+ الخط -
يشهد الأسبوعان الثالث والرابع من شهر يوليو/تموز الجاري حدثين سياسيين كبيرين، يتمثلان بعقد الحزبين الجمهوري والديمقراطي مؤتمريهما الوطنيين في ولايتين متجاورتين، هما أوهايو وبنسلفانيا لتتويج ممثليهما في السباق إلى البيت الأبيض واختيار مرشحين اثنين لمنصب نائب الرئيس، يمثلان الحزبين في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وتقول نائبة رئيس مؤتمر الحزب الجمهوري، سارة أرمسترونغ، لـ"العربي الجديد": إن التحضيرات تجري حالياً على قدم وساق في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو، بعدما اقترب العد التنازلي للمؤتمر المقرر أن يعقد في الفترة الممتدة من 18 إلى 21 يوليو/تموز 2016. وتشير أرمسترونغ إلى أن جدول أعمال المؤتمر يتسم بالمرونة مع إمكانية إدخال تعديلات عليه، تحسباً لبروز منافسين للمرشح الجمهوري المفترض دونالد ترامب. لكن المسؤولة الحزبية تؤكد في تصريحها أن تمديد أعمال المؤتمر لمدة إضافية لن يكون مطروحاً، مهما كانت التباينات، مشيرة إلى أن الاحتكام لأصوات المندوبين كفيل بقطع أي جدل. وتجري العادة أن يعقد الحزب الجمهوري مؤتمره قبل الحزب الديمقراطي المقرر أن تستضيفه مدينة فلادلفيا بولاية بنسلفانيا في الفترة الواقعة بين 25 و28 من الشهر الجاري.

وعلى الرغم من إطلاق وصف "الرئاسية" على الانتخابات التمهيدية، وتسليط الأضواء خلالها على مرشحي الرئاسة، إلا أن مهام المقترعين ليست اختيار أي مرشح رئاسي مباشرةً بقدر ما تتمثل في اختيار مندوبين إلى مؤتمري الحزبين، ليتولوا هم اختيار مرشح الحزب إلى الرئاسة. ويبلغ عدد مندوبي الحزب الجمهوري 2470 مندوباً، في حين أن مندوبي الحزب الديمقراطي يتجاوز الـ 4700 مندوب.

وبما أن المندوبين في الأساس هم من أنصار هذا المرشح أو ذاك، إلا أن نتائج الانتخابات التمهيدية غير ملزمة لهم، ومن حق المندوب نظرياً أن يغير رأيه، خصوصاً إذا طلب المرشح الرئاسي، الذي التزم له المندوب مسبقاً، أن يصوت لمرشح الإجماع.

لكن الإجماع المطلوب الذي يسعى كل حزب إليه من أجل رص الصفوف يبدو بعيد المنال، ولا تزال تسمية مرشحي الحزبين، وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، ورجل الأعمال المثير للجدل، دونالد ترامب، غير مضمونة لأي منهما بغض النظر عن تفوقهما الكاسح على منافسي كل منهما في الانتخابات التمهيدية.

ويقترب موعد مؤتمري الحزبين في وقت تتزايد فيه التشكيكات والصعوبات القانونية والسياسية المحيطة بكل من ترامب وكلينتون إلى درجة أصبح من غير المستبعد فيها الإطاحة بآمال أي من المرشحين أو بكليهما.

تحدٍّ واحد لسببين متناقضين

التحدي الأكبر الذي يواجهه كل من المرشحين يكمن في وجود كتلة أو كتل مناوئة من داخل حزبيهما. ومع أن المعارضين ليس بإمكانهم عددياً التغلب على كلينتون وترامب، إلا أن مستوى تأثيرهم على كل من المرشحين كبير جداً ويسبب قلقاً لحملتيهما. ومن الواضح أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يعانيان من انقسام بين مؤسسة الحزب المهيمنة والمؤثرة على صنع القرار فيه وكتلة أخرى ناشئة من الناقمين على مؤسسة الحزب، يقودها متمردون وأصبحت الغلبة لهم في كثير من الولايات الأميركية.


تنتمي المرشحة الديمقراطية، كلينتون، إلى مؤسسة الحزب الديمقراطي، وهذه المؤسسة تواجه تحدياً كبيراً من الناخبين الشباب. ويتضح ذلك من خلال الدعم الذي حصل عليه السيناتور الليبرالي، بيرني ساندرز، أثناء منافسته وزيرة الخارجية السابقة. ويظهر إصرار ساندرز على تحدي كلينتون خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي، أنه يعوّل على تفاقم قضية "البريد الإلكتروني"، التي تواجهها كلينتون منذ مدة، بحيث يجبر مؤتمر الحزب على اختياره بديلاً منها.

غير أن عدم توجيه اتهام رسمي من مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي إلى المرشحة الديمقراطية في أي قضية جرمية، حتى الآن، يجعل من المرجح أن الجمهوريين عازمون على محاصرتها قانونياً بعد اختيارها ممثلة للحزب الديمقراطي وليس قبل ذلك. ومن خلال موقف ساندرز أثناء المؤتمر سيتضح ما لديه من معلومات عن قضية كلينتون، إن كان يتوقع أن يتم إحباط طموحها لاحقاً لصالحه أم لا. وإذا ما تراجع عن إصراره على تحد خاسر فإن ذلك سيكون مؤشراً على أنه يسعى فقط إلى تحقيق مكاسب في أجندة الحزب المستقبلية لصالح الناخبين الشباب.

أما المرشح الجمهوري، ترامب، فهو قادم من خارج مؤسسة الحزب المهيمنة في واشنطن وتكمن قوته في تحديه لهذه المؤسسة. وبسبب الخلاف العميق بين قيادات الحزب وهذا المرشح المفروض عليها، من المحتمل أن تتم محاصرة ترامب بأي قضية قانونية تتعلق بتخلفه عن دفع الضرائب أو بالدعوى المدنية المقامة عليه من طلاب في الجامعة التي يمتلكها وتحمل اسمه، بتهمة الاحتيال.

الأمر المؤكد هو أن ترامب سيواجه تحدياً قوياً داخل المؤتمر من المندوبين المعارضين لاختياره ممثلاً للحزب ومن المتظاهرين خارج قاعات المؤتمر، لا سيما أن بعض المنظمات أعلنت عزمها على رص صفوفها وحشد أكبر عدد ممكن من المتظاهرين للاحتجاج على ترشيح ترامب، أثناء انعقاد المؤتمر.

وإذا لم ينجح المناوئون للمرشحين البارزين في إحباط أمليهما في خوض معترك الرئاسة، إلا أن هذا لا يعني انتهاء المحاولات، لأن الفترة الممتدة حتى الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل تبقى كافية لحصول تطورات يمكن أن تغيّر مسار الانتخابات، وهو ما سيتجسد ربما بانخراط وجه ثالث قد لا يكون في مستوى قوتهما، ولكنه سيكون بكل تأكيد أقل منهما إثارة لغضب المناوئين ومخاوف المستقلين.