الإعدامات الميدانية والتنسيق الأمني

26 مارس 2016
بات إعدام الاحتلال للفلسطينيين شبه يومي (عباس مومانس/فرانس برس)
+ الخط -
لا يمكن فصل مُضي إسرائيل في سياسة الإعدامات الميدانية، التي كانت آخر حلقاتها جريمة إعدام الشهيدين عبد الفتاح الشريف ورمزي القصراوي، أمس الأول الخميس، في الخليل، عن استمرار تمسك السلطة الفلسطينية بخيار التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، باعتبار أنّ هذا التنسيق يتيح للاحتلال تركيز قواته في المناطق الساخنة قرب المستوطنات مثل محافظة الخليل. 


وطالما يتواصل التنسيق الأمني، وبضمنه وباعتراف قادة السلطة الفلسطينية منع وإحباط تنفيذ عمليات من داخل المدن والبلدات الفلسطينية، سيبقى الاحتلال مطمئناً إلى وجود "مناطق ميّتة" خالية من أي مواجهة. وبالتالي، فإنه يدفع بقواته إلى تركيز أكبر في محيط المستوطنات، ولا سيما عند مستوطنات غوش عتصيون، الأكثر تطرفاً، والتي وبحسب اعتراف صحف إسرائيل يقوم مستوطنوها بتوزيع البيتزا والطعام على الجنود الذين يقتلون الفدائيين الفلسطينيين عند محاولتهم تنفيذ عمليات ضد الاحتلال.

لم يعد الموقف الفلسطيني الرسمي، كما تمثله السلطة الفلسطينية، والذي لا يتعدى التهديد بوقف التنسيق، كافياً، خصوصاً على ضوء استمرار سياسة الإعدامات الميدانية. السلطة الفلسطينية مطالبة هذه المرة، خصوصاً في ظل القرائن التي وفّرها الشريط الأخير لمنظمة "بتسيلم" (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة)، للمطالبة بتقديم المسؤولين، وهم بحسب القانون الدولي، ليسوا محصورين بالجنود الذين أطلقوا النار ولا بقادتهم الميدانيين، إنما بمن يتبوؤون مناصب رسمية في الحكومة الإسرائيلية نفسها، للمحاكمة بتهمة انتهاك وخرق القوانين والمواثيق الدولية.

لقد أضاعت وأهدرت السلطة الفلسطينية فرص محاسبة قادة إسرائيل على جرائم الحرب التي ارتكبوها في قطاع غزة خلال عدوانَي الرصاص المصبوب والجرف الصامد، وسعت بدلاً من ذلك إلى محاولة استئناف المفاوضات مع إسرائيل. واليوم، وفيما يبدو جلياً للجميع أنه حتى ما يسمى بـ"اليسار الإسرائيلي"، ممثلاً بزعيم "المعسكر الصهيوني"، يستحاق هرتسوغ، لا يرى متسعاً حالياً لمفاوضات على أساس حلّ الدولتين، فإن القيادة الفلسطينية الرسمية للشعب الفلسطيني مطالبة بدورها بإسقاط عقيدة التنسيق الأمني والعمل على حماية أبناء شعبها من سياسة الإعدامات، والسعي رسمياً لتوجيه دعاوى قضائية في محكمة الجنايات الدولية والمحافل الأخرى لمحاكمة جنود الاحتلال وضباطه وقادته على هذه الجرائم.