تونس: متحف باردو يذكر العالم بالفاجعة

تونس

أمينة الزياني

avata
أمينة الزياني
18 مارس 2016
+ الخط -

لوحة فسيفساء عريضة تخلد أسماء الذين سقطوا في الهجوم "الإرهابي" بباردو، وعرض للموسيقى السمفونية وكتاب عن تاريخ عريق شوهه مسلحان تسربا إلى داخل متحف باردو وقتلا اثنين وعشرين شخصاً، هو كل ما أعدته وزارة الثقافة والمحافظة على التراث والمجتمع المدني التونسية لتذكير العالم بأن "الوحشية" مرت من هنا ذات 18 مارس/ آذار 2015 وحولت صرح التاريخ إلى ساحة مليئة بالدماء والجثث.


سنة كاملة مرت على الهجوم  بمتحف باردو، وما تزال مشاهد السياح القتلى ومحاصرة "الإرهابيين" في الداخل، والجثث الملقاة بانتظار انتهاء العملية الأمنية حاضرة في الذاكرة.

يروي علاء حمدي، العامل في المتحف لـ"العربي الجديد"، أن سنة ليست كافية حتى ينسى ما شاهده من دماء وهلع، وكبقية الشهود على العملية الإرهابية، لا ينفك علاء يردد أنه ولد من جديد يومها، طالما أخطأت بوصلة "الإرهابيين" الغرفة التي كان يختبئ بها رفقة عدد كبير من السياح، وإلا لكان المشهد أكثر دموية وفظاعة.

لم يبد علاء في حديثه لـ"العربي الجديد" أسفه لأن بلاده لم تعامله كبطل بعد الواقعة، ولم تهتم له ولبقية العاملين الذين ساهموا في الحفاظ على الأرواح، لكنه يؤكد بشدة أن الحدث كان يوما فارقا في حياته.

اقرأ أيضاً أحداث بنقردان والأبعاد الليبية: تغيير الموقف التونسي مستبعَد

متحف باردو أضحى محجا لكبار الشخصيات في العالم، والذين جاءوا للتأكيد على مساندتهم لتونس، في ظل ما تمر به من صعوبات أمنية واقتصادية. وفي هذا الصدد، قال جون مارك إيرولت، وزير الخارجية الفرنسي الذي يزور تونس، لـ"العربي الجديد" إن بلاده تعبر عن دعمها لتونس في هذا الظرف، وأن فرنسا على وعي بأن الإرهاب ضرب عمودا من أعمدة الاقتصاد في البلاد وهو السياحة، وأن شركاء تونس يريدون فعلا أن تنجح في التغلب على تحدياتها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.

ورغم أن الزينة غطت كل أرجاء المتحف، إلا أنها لم تستطع أن تمحي من الأذهان صورة الدماء والجثث في بوابته، ولا يمكن أن يغطي صوت الموسيقى صوت الرصاص وقنابل الصوت والمفرقعات التي دوت هنا منذ سنة مضت.

المتحف أيضا صار عاكسا لما تعيشه البلاد، بين تاريخين قبل انطلاق "العمليات الإرهابية" وبعد استفحال الآفة فيها.

المكان الذي اعتادت حافلات السياح الوقوف فيه، أول مسرح للحادث، قبل انتقاله إلى الداخل، صار مكانا خاليا إثر الواقعة، خاصة مع تناقص عدد السياح بعد أن صارت الوجهة التونسية "خطرة"، أمامها مباشرة وضعت فسيفساء أعدتها جمعية "كلنا باردو" تخليدا للذكرى، والتي ساهم في تصميمها 120 حرفيا ويبلغ طولها 12 متراً ونصف المتر، وشكلت اللوحة التي تتضمن صور الاثنين وعشرين قتيلا وأسماءهم وجنسياتهم، وفي مقدمتهم الملازم أيمن مرجان من الوحدات الخاصة لمكافحة الإرهاب.

وإلى جانبها، رسمت فسيفساء ثانية للكلب "عقيل" الذي قام بعمل بطولي، حينما عثر على مكان اختباء "الإرهابيين" أثناء العملية ليتم إطلاق النار عليه وقتله من طرفهما. ويقول ممثل جمعية "كلنا باردو" إن العملين جاءا لتخليد ذكرى الذين قضوا خلال العملية، ولرد الاعتبار لهم ولعائلاتهم لأن الملحمة يتخلدها التاريخ.


أما داخل المتحف وأروقته فقد حافظ على ما تبقى من الفاجعة، فالأطر البلورية التي توضع داخلها المنحوتات والتماثيل ما تزال عليها آثار الرصاص، والقطع التي تناثرت من فسيفساء رومانية قديمة تعود لآلاف السنوات، لم يتم ترميمها قصدا حتى تبقى آثار الفعل الإرهابي محفورة أيضاً على جدران المتحف وجزءا من ذاكرته.

إلى ذلك، تصدر وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بمناسبة إحياء الذكرى كتابا بعنوان "أنا باردو" يروي تاريخ الآثار التاريخية في المتحف التي تعود للعصر القرطاجني والروماني.