البرازيل: روسيف تقرّر الاتحاد مع لولا لمواجهة المعارضة والشرطة

18 مارس 2016
تتصاعد الاحتجاجات في البرازيل يومياً (ميغيل شينكاريول/فرانس برس)
+ الخط -

الأحداث تتسارع في البرازيل. حزب "العمال" الحاكم قرر المواجهة متّحداً. بدّلت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، من أسلوب النزاع الحاصل، بين أركان من حزبها والشرطة الفيدرالية. رفضت أن يواجه "والدها الروحي"، الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا "لولا"، اتهامات الشرطة والقضاء بمفرده. غيّرت استراتيجيتها القاضية بـ"الابتعاد عن لولا قليلاً"، لصالح التعاون المشترك، لتُدشّن بذلك المنازلة الكبرى مع المعارضة اليمينية.

لا ريب في أن روسيف تسعی من خلال هذا التطوّر إلی تأمين جبهتها الداخلية الحزبية، في ظل التخبّط الذي يشهده حليفها في الائتلاف الحاكم، حزب "الحركة الديمقراطية"، برئاسة اللبناني الأصل ميشال تامر، نائب الرئيس. تخبّط أدی إلی تشرذم صفوف الحركة، علی وقع التظاهرات الضخمة للمعارضة التي عرفتها البرازيل، يوم الأحد، التي شارك فيها 3 ملايين نسمة، وانغماسها في خلافاتها الذاتية وصراعات أجنحتها المتصادمة.

3 ملايين متظاهر "لا شيء" في دولة يبلغ تعدادها نحو 200 مليون نسمة، لكن بالنسبة لروسيف، فإن الملايين الثلاثة، سيتزايدون إن حاولت الرئيسة القتال منفردة. بناءً عليه، خرجت روسيف بقرار مفاجئ، مساء الأربعاء، فعيّنت "لولا" رئيساً لديوان الحكومة، وهو المنصب الأعلى فيها، ما سيسمح له بالتمتع بالحصانة وتفادي الملاحقات القضائية، التي أعلن عنها القضاء الأسبوع الماضي، وذلك خلفاً لجاك واغنر.

رأت المعارضة في خطوة روسيف، أن "لولا كرّس الاتهامات الموجّهة إليه، بدلاً من نفيها بطريقة قانونية". مع العلم أن "لولا" متهم بـ"شراء شقة من 3 طوابق في منتجع غواروخا علی ساحل المحيط الأطلسي وبيت ريفي، بتمويل من شركة النفط الوطنية بتروبراس".

اقرأ أيضاً ‏مصير روسيف يتحدّد اليوم: الشرطة البرازيلية تضرب ونائبها ينتظر

وقد أجّج قرار روسيف احتجاجات المعارضة، التي اعتبرت على لسان النائب أنطونيو إيمباساهي، رئيس الكتلة البرلمانية لأكبر أحزاب المعارضة "الحزب الاجتماعي الديمقراطي البرازيلي" (يمين الوسط)، أنه "بدلاً من إعطاء توضيحات وتحمّل مسؤولياته، اختار لولا الفرار من القضاء من الباب الخلفي". وأضاف أنه "اعتراف بالذنب وصفعة للمجتمع. الرئيسة أصبحت شريكة له بدعوته والفصل الأخير لهذه القصة سيكون إقالة روسيف".

لم تقف المسألة عند هذا الحدّ، بل إن الشرطة الفيدرالية تدخلت بدورها، ونشرت تسجيلات للمحادثات الهاتفية بين روسيف و"لولا"، في رسالة واضحة من الشرطة بأنها "مستمرة في مواجهتهما"، واستطراداً مواجهة حزب "العمال". وفي التسجيل الذي نشرته الشرطة، تؤكد روسيف لـ"لولا" في اتصال هاتفي أنها "سترسل إليه مرسومها الرسمي (الذي يقضي بتعيينه في الحكومة) ليتمكن من استخدامه في حال الضرورة فقط".

أشعل التسجيل البلاد، مساء الأربعاء وأمس الخميس، كما تجمّع نحو ألفي شخص أمام مقرّ الرئاسة في برازيليا للمطالبة باستقالة "لولا" وإقالة روسيف، مؤكدين دعمهم للقاضي المكلف بملف الرئيس السابق، سيرجيو مورو. وقال مورو الذي يشرف على التحقيقات في تهم الفساد، إن "المحادثة الهاتفية أظهرت أن لولا وروسيف ناقشا محاولة التأثير على التحقيق الذي يجريه".

وكان مورو قد ذكر في الوثائق التي نشرت على الموقع الإلكتروني للمحكمة، أنه "لحظ في بعض الحوارات التي تحدثا في شأنها، محاولة على ما يبدو للتأثير، أو الحصول على مساعدة من ممثلي الادعاء أو المحاكم لصالح الرئيس السابق". وأضاف أنه "ليس لديه أي معلومات بأن محاولة للتأثير على السلطات قد حدثت بالفعل.

كما خرجت تظاهرة عفوية أخرى في جادة باوليستا في ساو باولو، للمطالبة بـ"استقالة لولا وإقالة روسيف". مع العلم أنه لإقالة روسيف سيكون من الضروري كسب ثلثي أصوات النواب في البرلمان أي 342 صوتاً من أصل 512، من أجل اتهام روسيف في مجلس الشيوخ، وهناك تتطلّب إقالتها أيضاً تصويتاً يحتاج إلى ثلثي الأصوات أي 54 صوتاً من أصل 81.

أما في شأن "الضوء الأخضر" الممنوح للشرطة الفيدرالية للقيام بحربها مع "بتروبراس"، ومن خلفها من المتورطين في فضيحة "غسيل السيارات" التي بدأت تتكشّف في عام 2014، فقد ذكرت بعض المصادر أن "شركات متعاملة مع بتروبراس ومتضررة من الفضيحة، هي من شكّلت الغطاء اللازم للشرطة لشنّ الحملة القضائية". وتنوّه المصادر إلى أن "الشركات محلية وإقليمية ودولية"، خصوصاً أن "بتروبراس هي أكبر شركة نفطية في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية".

اقرأ أيضاً: "لولا" البرازيل.. انتصر على الجوع والسرطان وطاولته اتهامات الفساد

دلالات