‏مصير روسيف يتحدّد اليوم: الشرطة البرازيلية تضرب ونائبها ينتظر

13 مارس 2016
روسيف ونائبها تامر أثناء احتفال رسمي (ايفاريستو سا/فرانس برس)
+ الخط -
خلف حكاية الفساد البرازيلية المتنامية أخيراً، روايات عدة، تبدأ من "الضوء الأخضر" الممنوح للشرطة الفدرالية، التي تصول وتجول في البلاد لـ"محاربة الفساد"، وتمرّ في وضع معارضي الرئيسة ديلما روسيف لمساتهم الأخيرة قبل بدء تظاهراتهم المناوئة لها، اليوم الأحد، وتنتهي بدور ميشال تامر.

تامر، نائب الرئيسة البرازيلية، رئيس حزب "الحركة الديمقراطية" في البلاد. الحركة التي تأسست في عام 1965 وأُعيد تأسيسها في عام 1981 بعد تعديل طفيف لاسمها. لا ايديولوجية واضحة للحركة، بل عبارة عن تجمّعٍ لرجال أعمال ومحافظين وحتى قادة مليشيات سابقين، أمثال روبرتو ريكياو. تامر ثاني برازيلي من أصل لبناني، يتبوأ منصب نيابة الرئيس بعد خوسيه ماريا ألكمين (1901 ـ 1974)، الذي تسلّم منصبه بين عامي 1964 و1967.

لكن النائب ذاته تحوم الشبهات حوله في البرازيل، عبر "دفعه" أركان حزبه من الصفوف الدنيا، لشنّ الهجمات الإعلامية على حزب "العمال" واعتباره أحد المنتفعين من الفساد المستشري في البرازيل، وهو نفسه الذي ظهر وكأنه "حامٍ" لروسيف الصيف الماضي. في ذلك الوقت، بدأت الرئيسة تترنّح على وقع فضيحة شركة النفط الوطنية "بتروبراس" من خلال عملية "غسيل أموال السيارات" التي دشنتها تحقيقات الشرطة الفدرالية منذ نحو العامين، وبدأ حلفاء الرئيسة يتخلّون عنها، فاختارت ألا تخسر تامر، ووعدته بأن يكون مرشح "العمال" في انتخابات الرئاسة 2018.

اقرأ أيضاً: "لولا" البرازيل.. انتصر على الجوع والسرطان وطالته اتهامات الفساد

أدرك تامر أن التحالف مع "العمال" في مثل هذه الظروف، سيكبّده الخسائر، فاختار الابتعاد ثم المعارضة مع احتفاظه بمنصبه، وهو الأمر الذي خلق مشاكل جمّة له داخل حزبه، اندلعت على أثرها صراعات الأجنحة والانشقاق الداخلي، وتلقى تامر سيلاً من الاتهامات الحزبية، التي اعتبرت أنه يسعى خلف حلمه الرئاسي، مدمّراً الحزب معه. غير أن الأمر تطوّر وبات تامر بدوره، مع الرئيس الحالي لمجلس النواب، المنتمي لـ"الحركة الديمقراطية" أيضاً، إدواردو كونيا، أسير تحقيقات الشرطة الفدرالية، خصوصاً لناحية تمويل الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2014، وما إذا كان مصدرها "بتروبراس" أيضاً. مع العلم أن "الحركة الديمقراطية" سيناقش مصير تحالفه مع "العمال" الحاكم مع احتمال فكّ الارتباط به نهائياً، وفق ما ستؤول إليه تظاهرات اليوم.

وإذا كانت روسيف تعمل بقوة على إبعاد نفسها عن كل من يقع في دائرة التحقيقات والفساد، ولو بلطف، مثل الرئيس السابق، لويس ايناسيو لولا دا سيلفا "لولا"، وغيره، إلا أنها قد تُصبح في وضعٍ لا تحسد عليه، بعد توقيف جواو سانتانا، أواخر شهر فبراير/شباط الماضي. وسانتانا كان مدير الحملة الانتخابية لروسيف في الدورتين الأخيرتين، وهو ما تجد فيه الشرطة الفدرالية "خزاّن المعلومات الأهمّ"، والذي من المفترض أن تؤدي إفادته إلى تبدّل الكثير من المعطيات.

وسط كل هذا، تستعدّ المعارضة البرازيلية لحملتها اليوم، للمطالبة برحيل روسيف وإجراء انتخابات مبكرة، وعلى الرغم من أن الرئيسة البرازيلية تعمل وفق قاعدة "الاستمرارية حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة"، غير أن مصيرها الدستوري وربما الشعبي، قد يُنهي مشوارها بصفحة سوداء.

مع ذلك يطرح مراقبون سؤالاً واحداً: "ما السبب الذي يدفع الشرطة الفدرالية للتحرّك بهذه البساطة والسهولة، وإلقاء القبض على رؤساء وشيوخ ورؤساء أحزاب، وحتى المخاطرة بتهديم أكبر شركة نفط (بتروبراس) في الجزء الجنوبي من العالم. من الذي منح الضوء الأخضر للشرطة الفدرالية"؟ لا توجد إجابة فعلية في الإعلام البرازيلي، بل فرضيات تتناغم وفق الوقائع السياسية المتحرّكة، لكن من المؤكد أن الجيش لا يرغب، وحتى لا قدرة سياسية وشعبية له، للعودة إلى السلطة. مع العلم أنه في السابق، وحين كانت الشرطة تتحرّك، كانت تتلقّى ضربات قاسية تتجلّى في اغتيال قادتها، كما أن الكثير من عناصر الشرطة وكوادرها متورّط في الفساد أيضاً. فضلاً عن ذلك، فإن هموم الشرطة الميدانية توسّعت مع ازدهار نشاط العصابات المتحدّرة من أصولٍ صينية، التي باتت تُشكّل خطورة على نشاط العصابات المحلية وتلك المتحدرة من أصول إيطالية.

شيئاً واحداً برز في ظلّ ذلك، هو انخفاض صرف سعر الدولار برازيلياً، من 4 ريالات إلى 3.7 ريالات بعد الإعلان عن بدء التحقيق مع "لولا"، لعلّه السبب الذي قد يكشف الكثير في البرازيل في المرحلة المقبلة.

اقرأ أيضاً الصحة العالمية: تفشي فيروس زيكا سيزداد سوءا
دلالات