بعد "الهلال الشيعي"... الأردن يحذّر من "حزام برّي"

31 ديسمبر 2016
مليشيات الحشد حازت شرعية قانونية في العراق (خيمن بابان/الأناضول)
+ الخط -
عبّر رئيس هيئة الأركان المشتركة، الفريق الركن محمود فريحات، عن قلق المملكة الأردنية من تمدد فصائل "الحشد الشعبي" قرب تلعفر باتجاه سورية، محذّرًا من "وصل إيران بلبنان عبر حزام بري".

وخلال مقابلة خاصة مع قناة "بي بي سي"، مساء أمس الجمعة، قال فريحات: "الحشد الشعبي يسعى (للتمدّد)، بدءًا من منطقة ديالى على الحدود الإيرانية، ثم إلى بعقوبة فتلعفر، والآن هو مسيطر على محيط تلعفر، على منطقة المطار (تحديدًا)، وهذه منطقة حيويّة، ويسعى للاتجاه أيضًا شمالًا حتى يصل الحدود السورية، والآن حلب مسيطر عليها من قبل النظام... وسيستمرّ (الحشد) بالتواصل حتى يصل لبنان".

وتتسق تحذيرات رئيس هيئة الأركان المشتركة مما أسماه حزام بري يصل إيران بلبنان مع مقولة "الهلال الشيعي" الذي كان ملك الأردن، عبد الله الثاني، أوّل من حذّر منه إبّان حرب العراق، وكانت رؤية الملك تستند إلى أنّ قيام مثل هذا "الهلال"، الذي سيشمل إيران وسورية والعراق ولبنان، ويرتكز على حكومة عراقية موالية لإيران، سيعقّد مشاكل المنطقة، وسيخلّ بـ"التوازن السني الشيعي" القائم، ويخلق صراعات طائفيّة طويلة الأمد.

وأكد أن "فصيل (جيش خالد بن الوليد) الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، والمتواجد بمنطقة حوض اليرموك القريبة من الحدود الأردنية، يشكل خطرًا دائمًا ووشيكًا على المملكة"، قائلًا إن "التنظيم متواجد في مناطق تبعد تقريبًا كيلومتراً واحدًا (عن حدود المملكة)، ويمتلك إمكانيات عسكرية من دبابات وناقلات جند مدرعة ومضادات جوية ورشاشات قد تطاول مواقعنا الأمامية، لذلك نتعامل معه بكل حذر، والجهود الاستخباراتية مستمرة لرصده، ونحن بالمرصاد له، وعلى وعي تام بأنه مصدر خطر دائم ووشيك".


وأضاف أن "ما يزيد خطورة هذا التنظيم هو التعزيزات البشرية التي تصله من أماكن نفوذ تنظيم "داعش" في الشمال السوري، وخصوصًا الرقة".

واستبعد الفريق فريحات إعادة فتح المعابر الحدودية بين الأردن وسورية حاليًّا، مؤكدًا أن "الإقدام على هذه الخطوة يتطلب أولًا سيطرة الجيش النظامي على منطقة درعا واستعادة المعابر في نصيب، وتأمين الطريق إلى دمشق من الجيوب الإرهابية".

وقال إن "الجيش الأردني يقوم بدور مضاعف على طول الحدود الشمالية الشرقية، نظرًا لغياب الجيش النظامي عن الجهة المقابلة، وهو ما يفرض على الجانب الأردني تأمين الحدود من الجهتين".



وأشار الفريق فريحات إلى أن "النظام السوري أمامه عدة خيارات بعد السيطرة على حلب، أولها أن يتقدم نحو إدلب، وهو أمر أقل احتمالية، نظرًا لكبر حجم المدينة، ووجود أعداد كبيرة من المعارضة هناك، أما الخيار الثاني فهو التوجه نحو المناطق الشرقية، وهو أمر يتطلب التنسيق مع التحالف الدولي، أما الخيار الأكثر احتمالًا فهو التوجه نحو المناطق الجنوبية، من خلال السيطرة على وادي بردى، التي يعمل عليها الجيش السوري الآن، ثم الغوطة الشرقية، ومن ثم السيطرة على درعا".

وأكد الفريق فريحات "تدريب بعض الفصائل السورية المعارضة خاصة "جيش العشائر" المتواجد في المناطق الجنوبية لسورية، وذلك بهدف محاربة تنظيم "داعش" في أماكن تواجده"، نافيا أن يكون الهدف من تدريبهم هو "محاربة القوات النظامية السورية".

وقدّر فريحات أعداد الأردنيين المقاتلين في سورية بنحو 300 شخص مع تنظيم "داعش" و"فتح الشام"، مشيرًا إلى أن عددًا ضئيلًا منهم يقاتلون لدى التنظيمات الإرهابية في العراق.

وتنسجم تحذيرات رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني مع سلسلة مواقف عربيّة وغربيّة متوجّسة من التدخّلات الإيرانية في المنطقة، مع وجود أذرع مموّلة ومدرّبة إيرانيًّا في معظم بقع التوتّر بين المحيط والخليج، لا سيّما أن تلك المليشيات، التي شُكّلت ونظّمت خارج إطار الدولة، باتت تحظى، مؤخّرًا، بشرّعية سياسيّة من قبل الأنظمة، كما جرى في العراق، على سبيل المثال، حينما تبنّى البرلمان قانونًا يجيز وضعيّة مليشيات "الحشد الشعبي"، ويدرجها ضمن التشكيلات العسكريّة المقاتلة داخل صفوف الجيش الوطني.

هذا التمدّد، الذي بات أمرًا واقعًا برسم تطوّرات المعارك، أثار حفيظة قادة دول الخليج، على وجه التحديد، حيث دعا بيان القمّة الخليجية، في السابع من الشهر الحالي، إيران إلى تغيير سياستها في المنطقة، والالتزام بقواعد القانون الدولي. وأعربت الدول الخليجية المجتمعة عن "استنكارها لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس".

وبالتوازي مع ذلك، كان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قد انتقد الأنشطة الإيرانية في المنطقة، ووصفها بأنها "مثيرة للقلق"، داعياً طهران إلى "وقف تأجيج النزاعات"، وذلك تزامناً مع زيارته إلى مملكة البحرين، واجتماعه مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، في المنامة، اليوم.
المساهمون