الحرب النفسية... سلاح جديد للقوات العراقية في الموصل

20 نوفمبر 2016
تحاول القوات العراقية إقناع المواطنين بالتعاون (أود أندرسن/فرانس برس)
+ الخط -
مع تأكيد قيادات عسكرية عراقية على صعوبة معركة الموصل، التي قالوا إنها ستكون معقدة، وقد تتطلب وقتاً أطول، بعد أن تحولت إلى حرب شوارع، بدأت القوات العراقية استخدام سلاح جديد في حربها مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تمثل بحرب نفسية لتقديم الدعم المعنوي للمقاتلين العراقيين، وتشجيع السكان المحليين للانتفاض على التنظيم. وقال ضابط في معهد التطوير الأمني والإداري التابع لوزارة الداخلية العراقية إن المعهد أرسل 100 محاضر نفسي إلى جبهات القتال في الموصل، لتنفيذ خطة عمل متكاملة أعدتها الوزارة لتقديم الدعم المعنوي للقوات العراقية، مؤكداً، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هذه الخطة تمثل خطوة ضمن المعركة النفسية التي بدأتها التشكيلات المقاتلة في الموصل. وأضاف "بعد أن حصلت الوزارة على تقارير ميدانية، تفيد بأن معركة الموصل لن تحسم بشكل سريع، كما حدث في معارك سابقة في الفلوجة والرمادي وتكريت، قررت القيادات الأمنية إرسال ضباط محاضرين مختصين بعلم النفس إلى جبهات القتال لرفع معنويات المقاتلين الذين بدأ كثير منهم يخشى من طول المعركة واحتمال فشلها"، مبيناً أن فريق الدعم النفسي باشر منذ وصوله إلى قاعدة القيارة جنوب الموصل بإلقاء محاضرات، وتوزيع منشورات تحث الجنود على القتال.

وقال العقيد في الشرطة الاتحادية العراقية، حيدر الغالبي، إن فريق الدعم النفسي، الذي وصل إلى القيارة أمس السبت، سيمارس مهمات جديدة تعطي زخماً معنوياً للمقاتلين في الموصل، موضحاً، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن جميع المحاضرين، الذين أرسلهم معهد التطوير الأمني في وزارة الداخلية، ضباط يحملون شهادات بكالوريوس في علم النفس، ودبلوم عالي في العلوم العسكرية. وأضاف "جميع جيوش العالم تعتمد على الدعم المعنوي والنفسي أثناء المعارك، لمنع الانهيار، والتأثير على وحدة وتماسك العدو"، مشيراً إلى قيام الفريق الجديد بنصب إذاعات محلية موجهة إلى الأحياء السكنية التي لا تزال تحت سيطرة "داعش"، من أجل تحريض السكان المحليين على التعاون مع القوات العراقية، وإرشادهم أولاً بأول إلى الطرق الآمنة، والإجراءات التي يجب عليهم القيام بها، أثناء تقدم القطعات العسكرية.

وأشار الغالبي إلى قيام فريق الدعم النفسي بتزويد عناصر القوات العراقية، من الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب الذين انقطعت عنهم خطوط الاتصال، بمعلومات عن الانتصارات التي تتحقق في قواطع أخرى، والأنباء التي ترد عن هروب قيادات تنظيم "داعش" باتجاه الحدود السورية والصحراء التي تربط الموصل بمحافظتي صلاح الدين والأنبار، مؤكداً أنه ستظهر للخطة الجديدة نتائج ملموسة خلال الايام المقبلة.
ودعا البرلمان العراقي، أخيراً، إلى شن حرب إعلامية على "داعش"، أثناء معركة الموصل، وإبراز الانتصارات التي تحققها القوات العراقية. وطالب نائب رئيس البرلمان، همام حمودي، بتفعيل الحرب الإعلامية على تنظيم "الدولة الإسلامية"، خلال معركة الموصل، من خلال تنشيط عمل وسائل الإعلام، مشدداً، في بيان، على ضرورة تسليط الأضواء على مشاهد الانتصارات، وفضح الممارسات العدائية التي تطلقها بعض الأصوات المأجورة.


وفي سياق متصل، قال أستاذ الاستراتيجيا في جامعة النهرين، غسان الخفاجي، إن الحرب النفسية قد تأتي بنتائج أكبر بكثير من حرب الصواريخ والمدافع والدبابات، مؤكداً، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الحرب النفسية يجب أن تأخذ جانبين، الأول موجه للقوات العراقية والسكان المحليين، من خلال حثهم على التعاون والتماسك بوجه "داعش"، حتى تحقيق النصر، والثاني يوجه للعدو من خلال إيهامه بانتصارات واستعراضات وأحاديث عن قوة عسكرية هائلة قادرة على تدميره. وأضاف "لقد أثبتت الحروب النفسية نتائج ملموسة في تجارب سابقة، لا سيما إذا كانت موازية لحرب حقيقية على الأرض"، مبيناً أن الحربين يمكن أن تؤديا إلى إقناع الخصم على أنه مهزوم لا محالة، ولا بد له أن ينسحب، أو يبحث عن جبهة أخرى.

وشدد الخفاجي على ضرورة اعتماد فريق الدعم النفسي، الذي وصل إلى الموصل، على المطبوعات والصحف والمنشورات والخطب والأغاني والأناشيد الحماسية لتحفيز المقاتلين، محذراً من المبالغة غير المبررة في نقل الأخبار التي قد تصيب القطعات العسكرية بالإحباط لاحقاً في حال اكتشفوا عدم صحتها. وأشار إلى أن الخطوة الجديدة التي تقوم بها القوات العراقية، قد تكون ضمن إطار الرد على الحملة الاعلامية التي يقوم بها "داعش" خلال معركة الموصل، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى فشل ما سمي بالتحالف الإعلامي الذي تأسس مع انطلاق معركة الموصل، وتقوده مؤسسات إعلامية مرتبطة بالحكومة. وأعلنت شبكة الإعلام العراقي، المرتبطة بالحكومة الشهر الماضي، عن انبثاق "تحالف الإعلام الوطني"، برئاسة القيادي في "ائتلاف دولة القانون" علي الشلاه، لتقديم الدعم الإعلامي للقوات العراقية. واقترح عضو التحالف، عبد الأمير الماجدي، تشكيل خلية إعلامية تتولى مهمة رفد وسائل الإعلام العراقية بأحدث التقارير والأخبار المتعلقة بمعركة الموصل، فيما أكد عضو "تحالف الإعلام الوطني"، إسماعيل زاير، ضرورة نقل الأخبار الميدانية والتقارير العسكرية للجماهير، مطالباً وسائل الإعلام بالعمل على إعداد تقارير موحدة حول سير معركة الموصل.