إدارة ترامب المحكوم تركيبُها بالنزعة العنصرية

19 نوفمبر 2016
ترامب يحيط نفسه بالمتشددين (بريان بلانكو/ Getty)
+ الخط -

ما إن استبعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ثلاثة من أعتى الصقور عن أدوار أساسية في إدارته الجاري تشكيلها؛ حتى قام بتعيين ثلاثة آخرين من الطينة نفسها في مواقع شديدة الحساسية.

بدلاً من السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، وعمدة مدينة نيويورك، رودي جولياني، ورئيس مجلس النواب سابقاً، نيوت غينغريتش، جاء الجنرال المتقاعد مايكل فلين، والسناتور جاف سيشينز والنائب مايك بومبايو.

كلا المجموعتين من عتاة اليمين المحافظ؛ الفارق أن الأولى مغالية بعنصريتها، ومستهلكة ومرفوضة حتى من أوساط الجمهوريين، فيما الثانية مموهة إلى حدّ ما، وممكن أن تحظى بموافقة مجلس الشيوخ عليها. أما ما يجمع بين الاثنتين، فهو افتقارهما لأهلية تولي الحقائب الموزعة على هذه الأسماء.

الجنرال فلين، الذي خصّه الرئيس المنتخب بمنصب مستشاره لشؤون الأمن القومي، معروف بأطباعه ومواقفه الحادة التي تسببت بدفعه إلى ترك موقعه عام 2014، كرئيس لجهاز المخابرات العسكرية، حيث استقال بعد ذلك من الخدمة. وأثناء الحملة الانتخابية عمل كمستشار لترامب، رافعاً الشعارات ذاتها ومتحدثاً بنفس اللغة التي استخدمها ترامب في الحديث عن "داعش" وغيره من الجماعات المماثلة. بل كان خطابه في هذا المجال أكثر تطرفاً بحيث شمل الإسلام والمسلمين ليضعهما بصورة أو بأخرى، في خانة الإرهاب. واعتبر أن هناك حرباً عالمية ضد "الإسلام المتطرف"، منتقداً الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي رفض استخدام هذا التوصيف. ومن وجهة نظره "الخوف من المسلمين منطقي وعقلاني"، ويزعم أن الإسلام "ايديولوجيا سياسية وليس عقيدة دينية". وهو ما يعني وفق خطابه التحريضي الصارخ، الذي ينضح بالكراهية والاستباحة، أن الإسلام خطر وأن الحرية الدينية لا تشمل المسلمين.

هذا الرجل الذي يحمل مثل هذا الفكر الشمولي الخطير، سيشغل في الإدارة الجديدة، دور البوصلة في السياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي. ويزيد من أهميته أن صاحبه هو الأقرب إلى أذن الرئيس ترامب وعقله. عسكري محترف لكن لا خبرة لديه في هذا الحقل، لكن لا خطر على تعيينه، لأن هذا المنصب لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ.



يتكامل مع هذا الخطر الذي يهدِّد الخارج، تسليم السناتور الجمهوري سيشينز حقيبة وزارة العدل الراعية للحقوق المدنية والتي تتولى شؤون الأمن الداخلي في أميركا. متشدد في موضوع الهجرة. ومعروف عنه نزوعه الرافض التمييزي، سواء إزاء الأميركيين السود أم الأقليات كافة ومنهم المسلمون خاصة. بسبب هذه النزعة، رفض مجلس الشيوخ تعيينه عام 1986 كقاض فيدرالي.

ورافق هذه التعيينات توارد معلومات من جانب مؤيدي ترامب عن نية هذا الأخير إنشاء "قواعد بيانات" لتسجيل المسلمين في أميركا، والمهاجرين من بلدان تنشط فيها مجموعات إرهابية. وسارع هؤلاء إلى التذكير بأن مثل هذه الخطوة ليست جديدة، إذ لها سوابق في أميركا وذلك عندما قررت عام 1942 وضع أكثر من مئة ألف أميركي من أصل ياباني، في مخيمات خاصة مطوقة بالأسلاك الشائكة وذلك في أعقاب ضرب الطيران الياباني لقاعدة بيرل هاربر البحرية الأميركية في هاواي.

ومع تعيين النائب مايك بومبايو، كمدير لوكالة الاستخبارات الأميركية "سي أي ايه"، بدأ طابع التركيبة يتبلور لولادة إدارة تعكس توجهات وخطاب ترامب والتي يخشى كثيرون من خطورتها على الحقوق والحريات في الداخل، كما على العلاقات مع الخارج والتعامل مع قضاياه وتحدياته الراهنة. جواز مرور بومبايو إلى هذا الموقع أنه من سرب المحافظين المتشددين.

الآن واشنطن بانتظار اختيار فريق ترامب لوزيري الخارجية والدفاع. لكن الرسالة تقرأ من عنوانها. عندما يتواصل تشكيل الإدارة بمثل هذه التعيينات التي سبقها وضع ستيفن بانون في البيت الأبيض كمخطط استراتيجي، بالرغم من كل الاعتراضات والتحذيرات، عندئذ تكون الوجهة قد تحددت.