تباطؤ معركة الموصل: مخاوف من المفاجآت بعد تحييد الطيران

13 نوفمبر 2016
تأخر تقدم المهاجمين بخلاف الخطة الموضوعة للموصل(أود أندرسون/فرانس برس)
+ الخط -
لم يستمر وقْع معركة الموصل كما كان في بدايتها. فمع انتهاء الأسبوع الرابع للحملة، وبعد التقدّم السريع الذي أحرزته القوات العراقية والمليشيات المساندة لها، بدعم من "التحالف الدولي"، ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على مدى 27 يوماً من المعركة، يبدو الوضع الميداني اليوم أكثر صعوبة. ويواجه المهاجمون عثرات لا يمكن التقليل من شأنها، مما أدى إلى تأخر التقدم العسكري في أغلب محاور القتال. فضلاً عن ذلك، تعجز القوات المهاجمة عن تأمين أغلب المناطق التي أعلنت السيطرة عليها منذ الأسبوع الماضي، لا سيما في المحور الشرقي. وهو ما يعني أن وضع معركة الموصل يراوح مكانه.

ومع هذا التعثر غير المتوقع، يبدو أن معادلة معركة الموصل بدأت تتغيّر. فبعد إقدامه على انسحابات سريعة، استطاع تنظيم "داعش" أن يجرّد القوات المهاجمة من غطائها الجوي، الذي يوفره طيران التحالف الدولي. كما أجبرها على تحييد أسلحتها الثقلية عن المعركة، بسبب انتقال المعارك إلى مناطق سكنية تعيش فيها أعداد كبيرة من المدنيين. وهو الأمر الذي فرض معطيات عسكرية جديدة يجب على العملية العسكرية أن تأخذها بعين الاعتبار. ويرى مراقبون أن المعركة الحقيقية بدأت الآن، وأنّه خلال الأيام الماضية، لم تواجه القوات التي تشارك في معركة تحرير الموصل سوى عناصر إعاقة، وضعهم "داعش" لتأخير سير الهجوم لا لصدّه. وتنتظر هذه القوات صعوبات كبيرة خصوصاً إذا ما انتقلت إلى الضفة اليمنى من الموصل (غرب نهر دجلة). وبانتظار مفاجآت "داعش" قد تأخذ المعركة مدى أطول مما كان في الحسبان، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر بخطط المعركة.

وفي السياق، قالت النائبة عن محافظة نينوى، نورة البجاري، لـ"العربي الجديد" إن "معركة الموصل تختلف عن باقي المعارك التي خاضتها القطعات العراقية في المحافظات الأخرى"، مبينة أنه "بعد نحو شهر من القتال المتواصل استطاع تنظيم داعش أن يغير المعادلة، بعدما نقلها إلى المناطق المأهولة بالمدنيين ومنعهم من الخروج، كما أن القوات العراقية تطلب من الأهالي عدم ترك منازلهم". وأكدت، أن "التحالف الدولي أوقف قصفه للمناطق المأهولة بالمدنيين، وأجبر القوات العراقية على التخلي عن الأسلحة الثقيلة، في وقت بدأ فيه التنظيم باستخدام الأسلحة الثقيلة والمدرعات المفخخة التي تعد من أخطر أسلحته". وأضافت أنّ "ذلك فرض معطيات ميدانية جديدة ستجعل من معركة الموصل معركة طويلة الأمد لا نعرف متى ستنتهي". وأشارت إلى أن "الحكومة العراقية باتت اليوم أمام تحديين كبيرين، وهما تحدي خوض المعارك من دون غطاء جوي ومن دون أسلحة ثقيلة، وتحدي الشتاء وجو البرد القارص، المقبل في الموصل"، ودعت الحكومة إلى أن تعمل بشكل عاجل على وضع خطة جديدة لمعركة الموصل، تأخذ في الاعتبار هذه المعطيات الجديدة، مع المحافظة على حياة المدنيين".


من جهته، رأى الخبير الأمني، باسل العامري، أن "القطعات العراقية وطيلة الفترة التي قضتها في محاور قتال الموصل، لم تواجه سوى مفارز وعناصر بسيطة من قبل تنظيم داعش، وأن المعركة ستكون صعبة للغاية كلما اقتربت القطعات من أسوار المدينة". وقال في حديثه لـ"العربي الجديد" إن "تنظيم داعش لم يترك قواته في العراء عند محاور القتال المكشوفة، فهو لا يضحي بها، ويعرف أن بانتظارها معارك كبيرة عند أسوار المدينة وداخلها، لذلك فقد ترك عناصر قليلة لإعاقة تقدّم القطعات وتأخيرها فقط، ليهيئ نفسه لحرب طويلة الأمد داخل المناطق السكنية". وأضاف أن "التنظيم استطاع جر القطعات إلى تلك المناطق خصوصاً في المحور الشرقي الذي دخلته قوات مكافحة الإرهاب، وفرض عليها قواعد اشتباك جديدة بعدما جردها من غطائها الجوي من قبل التحالف الدولي الذي تجنب قصف المناطق السكنية لعدم إيقاع خسائر في صفوف المدنيين، كما جردها من الأسلحة الثقيلة".

وأشار العامري إلى أن "أنظار العالم والمراقبين تحوم حول المعركة، وأي انتهاك فيها سيكون مكشوفاً ليس كما في المعارك السابقة. لذلك، إن قطعات مكافحة الإرهاب تركت أسلحتها الثقيلة كي لا توقع خسائر في صفوف المدنيين، وبهذا لم يبق أمامها سوى الدخول في معارك بأسلحة خفيفة أمام داعش"، وفق تأكيده. وأوضح أن "قواعد الاشتباك الجديدة منحت داعش فرصة إعاقة القطعات وتنفيذ تفجيرات انتحارية وهجمات تعرضية ونشر قناصيه في الأبنية، الأمر الذي امتص من زخم المعركة، وأجبر القطعات المهاجمة على التباطؤ والتأخر خارج سياق الخطة الموضوعة، والتحول من قوات مهاجمة إلى قوات دفاعية". ورأى أن "ذلك يؤشّر إلى خطورة إعادة إمساك داعش بزمام المبادرة وشنّه هجمات على القوات العراقية"، ذاكراً أن "التنظيم لديه مفاجآت ليست بالحسبان"، وفق اعتقاده. وأكد أن "هذه المعطيات تحتّم على القيادة العراقية إعادة دراسة المعركة ووضع خطط مواجهة جديدة تضع بحسابها مفاجآت التنظيم" المحتملة.

بدوره، أكد قائد عمليات نينوى، اللواء نجم الجبوري، أن "وجود المدنيين هو الأمر الذي تسبب بتباطؤ عمليات تحرير (الموصل)، وأن توجيهات رئيس الحكومة، حيدر العبادي، صارمة للقطعات العراقية بأن لا تطاول نيرانها أي مدني". وقال في تصريح صحافي إن "القوات العراقية تعمل جاهدة على الحفاظ على حياة المدنيين، الأمر الذي فرض علينا التعامل بدقة بحيث لا تؤثر نيران الأسلحة على المدنيين". وأشار المسؤول العسكري العراقي إلى أنه "لو كان داعش في أرض مفتوحة ولا يوجد فيها مدنيون لما استغرقت المعركة وقتاً طويلاً". وأكد أنه "لا يوجد عمل متكامل مائة بالمائة، لكن جميع القطعات تعمل على توفير مستلزمات نجاح المعركة وتحقيق النصر فيها".