روسيا على مشارف خسارة "مرشحها" في الانتخابات الأميركية

25 أكتوبر 2016
ترامب وكلينتون في حوار ثنائي (برندان سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -
قبل أسبوعين من موعد انتخابات الرئاسة الأميركية، يزداد الحديث عن دورٍ روسي فاعل في مسار العملية الانتخابية. وقد بدا ذلك من خلال الغزل المتبادل بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما أن مختلف الأجهزة الاستخبارية الأميركية اعتبرت أن "موسكو هي التي زوّدت ويكيليكس بنصوص رسائل إلكترونية مؤذية لسمعة المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون"، بالتالي تكون روسيا قد حاولت التدخل للتأثير في الانتخابات بما يخدم ترامب. اللافت أن معظم الاستطلاعات، تفيد بأن المعركة باتت في حكم المحسومة لصالح كلينتون، ما يعني أن بوتين دخل في لعبة خاسرة، وقد يكون لهذا الدور تداعياته السلبية لناحية زيادة تأزيم العلاقات المتوترة أساساً بين موسكو وواشنطن.

الخيار الروسي بدعم ترامب، برز منذ عشية انطلاق الانتخابات التمهيدية، في فبراير/شباط الماضي، مع العلم أن بوتين سبق له أن وصف، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ترامب بأنه "لامع وموهوب... وهو القائد المطلق في السباق الرئاسي".

بوتين أساساً لم يكن فعلاً من المعجبين بترامب، ولا أخذ جانبه لأنه جمهوري أو محسوب على الجمهوريين، بل إنه أثنى عليه بالدرجة الأولى لأنه "يتمنى فوز رئيس مثله يسهل التلاعب به"، وفقاً لما أفاد في حينه سياسي مخضرم من الأميركيين الديمقراطيين. وهذا ما يرغب بوتين في التعامل معه.

وقد ذهبت كلينتون إلى أبعد من ذلك عندما رأت في المناظرة الأخيرة، الأسبوع الماضي، أن "بوتين يريد دمية في البيت الأبيض". ثم إن بوتين، حسبما هو معروف في واشنطن، لا يطيق كلينتون منذ أن كانت وزيرة للخارجية، خصوصاً أنها وصفت لقاءاتها السابقة معه بـ"الجافة"، حتى أنه تركها مرة تنتظر أكثر من ساعة بعد الموعد المقرر لاجتماعهما في محل إقامته قرب موسكو.

بدوره، لم يتأخر ترامب في الردّ على الثناء الروسي، مسارعاً إلى الترحيب بدور موسكو في سورية والمنطقة "إذا كانت الغاية مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)". حتى أنه أعقب ذلك بتصريحات عدة، دارت في معظمها حول الإشادة بالرئيس الروسي كـ"قيادي قوي ومحترم، وليس كرئيسنا (باراك) أوباما الضعيف". وقد أثار كلام ترامب ضجة كبيرة آنذاك، حتى أن البعض اعتبره "غير وطني".


وجاءت الردود على ترامب من داخل المعسكر الجمهوري، وأبرزها من السيناتور ليندسي غراهام، الذي اعتبر أن "على بوتين زيارة أحد مخيمات اللاجئين السوريين قبل أن يستحق الثناء من ترامب". كما رأى بعض الجمهوريين أن "قبول المديح من بوتين ليس سوى سذاجة من جانب ترامب"، قبل أن يطفح الكيل لديهم، عندما دعا ترامب علناً موسكو للقيام بالمزيد من القرصنة الإلكترونية، بغية الكشف عما أمكن من رسائل هيلاري كلينتون الفاضحة"، بحسب قوله، كي يعمل على توظيفها في حملته الانتخابية.

وقد حرّكت دعوته نقمة واسعة ضده، شارك فيها جمهوريون تعززت لديهم القناعة بأن ترامب لم يعد "مشروع خسارة انتخابية محسوبة عليهم فحسب، بل هو أيضاً ظاهرة خطيرة". وكان قد تردد أن اختراق موقع الحزب الديمقراطي وسرقة رسائل منه تضرّ بصورة كلينتون، قد حصل من جانب "قراصنة روس". أخذت هذه التهمة شحنة من المصداقية، عندما أكدت كافة وكالات الاستخبارات العسكرية والأمنية والمدنية الأميركية أن "القرصنة التي زودت ويكيليكس بالمعلومات المحرجة، مصدرها موسكو وأنه لا بدّ وأن تكون قد حصلت بإيعاز مباشر من الكرملين". وآخر تلك المعلومات ما تكشف عن مراسلات داخل فريق كلينتون، تشير إلى أن مؤسسة كلينتون الخيرية قد حصلت على 12 مليون دولار من المغرب، في مقابل أن تعقد المؤسسة اجتماعها لعام 2015 على أرض المملكة.

تزايد الكلام عن دور موسكو في الانتخابات مع تلويح ترامب بعدم قبوله للنتائج إلا إذا كان هو الفائز فيها، أثار القلق والتخوف في واشنطن. كما بات مؤكداً في اعتقاد فريق واسع من المراقبين، أن العلاقات الأميركية ــ الروسية مقبلة على مزيد من التوتر والتعقيد، خصوصاً إذا ما خرجت كلينتون ولو بدرجة بسيطة عن سكة أوباما الخارجية باتجاه التصدي ولو البسيط لموسكو.

المساهمون