شهر على إصلاحات العراق: نتائج متواضعة وخطة لاستبدال العبادي

22 سبتمبر 2015
لم يستطع العبادي الاقتراب من الملف القضائي(جيم واتسن/فرانس برس)
+ الخط -
لم يستطع رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، تحقيق إلّا جزء بسيط من الإصلاحات، بعد مرور أكثر من شهر على إطلاقها، والتي من المفترض أن تشمل كافة مفاصل الدولة، فيما لم يتمكّن من المسّ بالملفات الحساسة كالقضاء والمؤسسة العسكرية وكبار المفسدين وغيرها، بسبب معارضة الكتل السياسية الشريكة له في "التحالف الوطني" الحاكم للبلاد، الأمر الذي أثار شكوك الشارع العراقي في إمكانية العبادي بتنفيذ المشروع كاملاً. وما زاد من تلك الشكوك، أنّ العبادي لم يحضر جلستين في البرلمان، خُصّصتا لمناقشة تفاصيل ملف الإصلاحات، ما تحقق منها وما لم يتحقق، وما يعترض طريقها، ومدى إمكانيّة تحقيقها من عدمه.

ودفعت تلك الشكوك كتلاً سياسية، أخيراً، باتجاه سحب التفويض الذي منحه البرلمان إلى العبادي لتطبيق الإصلاحات، فيما عمد قادة في الدولة إلى التحشيد لتغيير العبادي بعد "فشله" بخطوات الإصلاح، ما دفع بالأخير إلى الإعلان عن أنّه "مصرّ على مواصلة الإصلاح، ولو كلّفه ذلك حياته". وقال العبادي في كلمة ألقاها، أمس الغثنين، خلال حفل تأبين ضحايا الاعتداءات الأخيرة، في بغداد، "نعمل على تحقيق الإنصاف والعدالة، ولن أتراجع عن الإصلاحات ولو كلّفني ذلك حياتي". وأضاف أنّ "النداءات والأصوات المتعالية من المتظاهرين هي تحذير لنا، أنّ هناك ناراً متّقدة وعلينا إطفاؤها".


وذكّر العبادي الحضور بأنّه "عندما أصبحت رئيساً للوزراء، جعلت من نفسي مقياساً، وكل ما أحتاجه من حماية سيكون مقياساً، لقد تفقّدت الشوارع والمحافظات، ولم أغلق الطرقات ولم أستخدم المصفّحات. الإصلاح مقبل لا محال، على الرغم من أنّ هناك مقاومة له من قبل الذين يعتاشون من المال الحرام".

في هذا السياق، يكشف النائب عن "تحالف القوى العراقية"، صلاح الجبوري، عن وجود توجّه لدى معظم الكتل السياسيّة لسحب التفويض البرلماني الذي منح إلى العبادي، في حال استمرت عملية التسويف والمماطلة منه"، مؤكّداً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبادي لم ينفّذ حتى الآن أيّ إصلاحات حقيقيّة تمس الواقع العراقي، والشعب ملّ الانتظار". ويلفت إلى أنّه "لن يبقى الشارع العراقي منتظراً تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها العبادي، كما أنّ البرلمان لا يمكنه إبقاء التفويض للعبادي، في وقت لم يطبّق فيه من الإصلاحات إلّا الشيء البسيط جداً".

بدوره، يعتبر عضو التحالف الوطني، حسن الخيكاني، لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبادي، عندما رأى حجم التظاهرات والاحتجاجات الغاضبة التي عمّت الشارع العراقي، والتي بدأت تتسع دائرتها، أطلق وعوداً كبيرة لا يستطيع تنفيذها"، لافتاً إلى أنّ "الإصلاح داخل المؤسسات العراقية التي نخرها الفساد منذ أكثر من 10 سنوات يحتاج إلى سنوات طويلة، ويستحيل أن يقوم العبادي بتنفيذ وعوده خلال الدورة البرلمانية الحاليّة". ويوضح أنّ "العبادي لم يستطع حتى الآن، إلّا عزل نواب رئيس الجمهورية نظرياً، ودمج بعض الوزارات ببعضها، وفتح بعض شوارع بغداد، والسعي إلى فتح المنطقة الخضراء"، مشيراً إلى أنّ "الإصلاحات الفعلية لم يستطع تنفيذ أيٍ منها حتى الآن".

اقرأ أيضاً العراق: مخطط يقوده علاوي للإطاحة بالعبادي

ويضيف الخيكاني أنّ "العبادي لم يقترب من المؤسسة القضائية، ولم يستطع التخلص من المفسدين فيها، كما لم يقترب من ملفات الفساد المتورط فيها كبار قادة الدولة"، مبيناً أنّ "ملفات الفساد الكبيرة كصفقات الأسلحة وعقود النفط والكهرباء والإعمار وغيرها، ملفات شائكة وخطيرة جداً، إذ أنّ زعماء كبار في الدولة مشتركون فيها وهي ملفات خطيرة، قد تعرّض العبادي وحكومته للخطر".

بدوره، يؤكّد النائب عن "تحالف القوى العراقيّة"، رعد الدهلكي، أنّ "العبادي يماطل بتطبيق الإصلاحات، ويحاول الالتفاف على التفويض الذي منحه له البرلمان"، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "العبادي لم يطبق حتى الآن وعوده بالإصلاحات، ولم يقدّم أيّا من الفاسدين المعروفين إلى القضاء".
 
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي نهاد الكبيسي، أنّ "كافة الإجراءات التي اتخذها العبادي لإصلاح مؤسسات الدولة لم توفر أي مردود مادي للبلاد". ويقول الكبيسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العراق بلد نخره الفساد مدة طويلة، واليوم يتعرض لأزمة اقتصاديّة خطيرة، لذلك يجب أن تركز الإصلاحات على الفساد والمفسدين، وأن توفر مردودات مالية للبلد"، موضحاً أنّ "كافة الإجراءات التي اتخذها العبادي من إلغاء بعض الوزارات ودمجها ببعضها، وإلغاء حمايات المسؤولين، لم يكن له أيّ أثر مادي، فيما حافظ الوزراء والمدراء العامّون والموظفون على رواتبهم ومخصصاتهم، وهم اليوم يتقاضون كل تلك الأموال من دون أي جهد يبذلونه".

وكان مصدر في التحالف الوطني الذي ينتمي إليه العبادي، قد كشف في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، عن وجود اتصالات بين نائب رئيس الجمهورية المقال، إياد علاوي وعدد من قيادات التحالف المتضررين من الإصلاحات الحكومية، في محاولة لطرح مسألة حجب الثقة عن حكومة العبادي، واستبدالها بحكومة جديدة يرشح التحالف الوطني رئيسها، كونه يشكل الكتلة الأكبر التي فازت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

اقرأ أيضاً العراق: العبادي يشكو التمرد على الإصلاحات للمراجع الدينية