بدء تنفيذ صفقة تسليح الجيش اللبناني: رسائل وخطوط حمراء

19 ابريل 2015
تشمل الصفقة 250 عربة عسكرية من نوع "فاب"(حسين بيضون)
+ الخط -
يحضر وزير الدفاع الفرنسي، جون إيف لودريان، برفقة وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل، في بيروت، غداً الاثنين، مراسم تسليم 48 صاروخاً فرنسياً مضاداً للدروع من نوع "ميلان"، في أول دفعة من الأسلحة المبرمجة في إطار صفقة فرنسية لبنانية بتمويل سعودي لتحديث عتاد الجيش اللبناني وتعزيز قدراته العسكرية.

تشمل الصفقة، التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، تسليم 15 مروحية عسكرية، من نوع "غزال" و"كوغار"، مزودة بصواريخ مضادة للدروع وطائرات أخرى من نوع "بوما" خاصة بنقل الجنود والمعدات. وهي حالياً في طور التصنيع في فرنسا، ومن المتوقع أن يتم تسليمها بعد عامين ونصف. كما تشمل هذه الصفقة، وهي الأضخم في تاريخ تسليح الجيش اللبناني، تعزيز قدرات سلاح المشاة وتسليمه 250 عربة عسكرية مصفحة ثقيلة من نوع " فاب" وأخرى خفيفة من نوع "بي بي ال" مزودة بنظام مضاد للعبوات الناسفة مصنعة خصيصاً للمعارك البرية المعقدة. يضاف إلى ذلك شاحنات مصفحة مزودة بمدافع 155 ملم متطورة من نوع "سيزار" وصواريخ جو/ أرض قصيرة المدى وطائرات بدون طيار "درون" من نوع "اس دي تي آي"، للقيام بعمليات الاستطلاع ونقل المعلومات للقوات على الأرض. وتشمل الصفقة أيضاً معدات اتصال إلكترونية وبرمجيات متطورة للتنصت والرصد بالإضافة إلى زوارق حربية يتم تصنيعها حالياً في ورشة الصناعات الحربية في منطقة "نورماندي" على أن تُسلم في غضون عامين إلى لبنان.

اقرأ أيضاً: حرب كلامية في لبنان تمهّد لـ"عاصفة حزم شامية"

كما تتضمن تأمين الصيانة للمعدات العسكرية التي ستسلّم لمدة عشر سنوات على الأقل وبرنامجاً طويل المدى لمدة سبع سنوات لتدريب وتأهيل مئات من الضباط والجنود اللبنانيين في القواعد العسكرية الفرنسية، في مسعى استراتيجي فرنسي وسعودي للتأكد، حسب مصادر وزارة الدفاع الفرنسية، من "فعالية العتاد الفرنسي والتحقق من طرق استعماله ميدانياً"، وأيضاً "لتكوين نواة جيل جديد من العسكريين اللبنانيين مؤهل لمجابهة التحديات الأمنية الجديدة التي لم تعد كما كانت عليه قبل 15 عاماً"، حسب المصادر نفسها التي أكدت أيضاً أن "تدابير سرية تم اتخاذها لضمان بقاء العتاد الفرنسي في أيدي الجيش اللبناني".
ويعتبر المحلل السياسي، خطار أبو دياب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مسعى فرنسياً لتأهيل جيش لبناني قوي قادر على فرض هيبة الدولة في مواجهة التنظيمات الجهادية التي تنشط على الحدود اللبنانية السورية والتي وضعت أخيراً الجيش اللبناني في مواقف صعبة وبيّنت هشاشته وضعف أدائه وتسليحه".

كما يرى البعض أن هذه الصفقة تعكس الرغبة السعودية في مواجهة المدّ الإيراني في لبنان ورسم ملامح ميزان قوى عسكري مع حزب الله.
وعلى الرغم ممّا راج في بعض وسائل الإعلام حول وجود تحفظات إسرائيلية على صفقة تسليح الجيش اللبناني، إلا أن خبراء عسكريين فرنسيين أجمعوا على أن هذه الصفقة لا تثير مخاوف إسرائيلية محددة، لكون السلاح الفرنسي المقترح بشكل عام استبق من دون شك التحفظات الإسرائيلية، لهذا فهو لا يقلب موازين القوى مع الجيش الإسرائيلي ولا يشكل تهديداً لجيشه حتى في حال انتقاله لجهات معادية. ومن هنا كان ملاحظاً الحرص الفرنسي على ألا تشمل الصفقة صواريخ بعيدة أو متوسطة المدى، كما أن برامج التنصت والرصد الفرنسية غير مؤهلة لاختراق البرامج العسكرية الإسرائيلية المتطورة.
لكن الجيش، كما يقول مدير مركز الشرق الأدنى والخليج للتحليلات العسكرية في دبي، رياض قهوجي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "هو بحاجة إلى السلاح، لكنه أيضاً بحاجة إلى دعم سياسي قوي لفرض الأمن الداخلي ومجابهة التهديدات الخارجية في غياب وحدة سياسية تعطيه شرعية التدخل. بالتالي، فإن أي حديث عن بناء مؤسسة الجيش وتقويتها بالعتاد والتدريب يجب أن يمرّ عبر استعادة القرار السياسي وملء الفراغ الذي تشهده رئاسة الجمهورية، ولا سيما أن رئيس الجمهورية، حسب الدستور، هو القائد الأعلى للقوات المسلحة".
وهذه الصفقة هي بمثابة حقنة منعشة للصناعة الحربية الفرنسية التي كانت تعاني حتى وقت قريب من أزمة خانقة وتقلّص حاد في ميزانيتها. وبلغ عدد الشركات الفرنسية المنخرطة في هذه الصفقة حوالي 20 شركة تشغل المئات من الفنيين والعمال في ورشات الصناعة الحربية في الشمال. كما أنها تندرج في إطار استراتيجية فرنسية واضحة المعالم هدفها تمتين الحضور العسكري في المنطقة العربية الذي تضاعف بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.