تحرير الرمادي: تسونامي مرعب يطمس معالم المدينة

عثمان المختار (العربي الجديد)
عثمان المختار
صحافي عراقي متخصص بصحافة البيانات وتدقيق المعلومات. مدير مكتب "العربي الجديد" في العراق.

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
29 ديسمبر 2015
+ الخط -
انسحب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أخيراً من مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار وترك أجزاء واسعة، أهمها قلب المدينة الذي يضم المجمع الحكومي والأحياء الراقية المجاورة له، بعد معارك استمرت لثمانية أيام كانت كافية لتدمير نحو 80 % من مباني المدينة ومنازلها وشوارعها ومؤسساتها وحتى جسورها.

سيناريو يتكرر مرة أخرى بالرمادي بعد تكريت وبيجي وجرف الصخر والصينية وسنجار وجبة والبغدادي شمال وغرب العراق، مدن منكوبة لا تصلح للحياة البشرية حيث الدماء والدمار والأوبئة التي خلفتها الحروب، تجعل منها مدناً غير صالحة للعيش.

من يقف على ضفاف نهر الفرات أقصى غرب المدينة، بات بإمكانه أن يشاهد وسط المدينة أو حتى أجزاء من طرفها الثاني، فالمباني المرتفعة والمجمعات التجارية والسكنية جاثية على الأرض، "هذا ما خلفته داعش بالرمادي" هكذا يقول الشيخ أحمد العسافي، أحد زعماء الحرب العشائرية على تنظيم "داعش" وعضو مجلس العشائر المتصدية للتنظيم.

ويلفت العسافي إلى أن "القوات المهاجمة فضّلت تدمير كل شيء على تقديم خسائر كما إن داعش فخخ كل شيء وأي شيء أمامه من منازل ومبانٍ ودكاكين وحتى أعمدة الكهرباء وفتحات المجاري".

كما بيّن في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المدينة ستحتاج إلى إعمار جديد وقد يكون استبدالها بمدينة جديدة بالصحراء أقل كلفة وعناء"، ويستدرك "حتى الأموال لا توجد لإعادة الإعمار ولا يمكن أن ننتظر مؤتمر مانحين دولياً لذلك".

هذا ما أكده أيضاً وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي في مؤتمر صحافي عقد الثلاثاء، قال فيه إن نسبة الدمار بالرمادي بلغت نحو 80%، ملقياً باللوم على تنظيم "داعش"، مبينا أن الرمادي تبدو مدينة أشباح بسبب الدمار والخراب وعمليات التلغيم من عناصر تنظيم "داعش".

وأوضح أن القوات الأمنية لم تجد أي بناية مرتفعة لرفع العلم العراقي عليها عند التحرير، كاشفا عن مقتل 813 عنصرا من التنظيم في عملية تحرير مدينة الرمادي، وأن التنظيم الإرهابي فجر 56 عجلة مفخخة خلال المعركة.

اقرأ أيضاً: القوات العراقية تتوجه لتحرير محيط الرمادي من "داعش"

بدوره، أعلن وزير التربية العراقي محمد إقبال في بيان له أن "260 مدرسة دمرت في مدينة الرمادي تكلفتها تبلغ نحو نصف مليار دولار بالإضافة إلى وجود مدارس أخرى، دمرت بشكل جزئي"، من دون أن يبين عددها.

ويقول رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح الكرحوت في حديث لـ"العربي الجديد" إن الرمادي "انتزعت من تنظيم داعش رغماً عنه".

ويرى أنه "كان لا بد من استعادة عاصمة الأنبار بغض النظر عن أي شيء آخر والحمد لله تمكنا من إنقاذ العوائل المتبقية"، لافتا إلى أن الطريق ما زال طويلا أمام الحديث عن عودة النازحين من سكان المدينة الآن.

تلك التصريحات سرعان ما قتلت الفرحة في مخيم النازحين بمنطقة بزيبز على حدود بغداد الذي يؤوي مئات العوائل التي احتفلت بـ(التحرير) وقرب العودة إلى منازلها بعد إظهار وسائل الإعلام العراقية المحلية صوراً تظهر حجم الدمار.

الحاج لطيف عبد الرحمن 56 عاماً يشرح لـ"العربي الجديد" أن "منزله وتعب عمره كله دمر ولا يدري أين سيذهب عندما تعود الناس لديارها ويغلق المخيم".

ويضيف متهكماً "كل ما في الأمر أن جنود الخلافة دخلوا المدينة فدمروا جزءاً منها وتركوا الباقي بعهدة الجيش لتدميرها عندما قرر إخراجهم".

وفي هذا السياق، يقدر الخبير بالشأن المحلي في محافظة الأنبار والمستشار الأمني السابق لمحافظ الأنبار فؤاد علي الخسائر المالية في الرمادي بأكثر من 20 مليار دولار عن أملاك عامة وخاصة.

ويضيف علي "نحن نتحدث عن شبكات المياه والكهرباء والاتصالات والمجاري والطرق والجسور والدوائر الحكومية والمدارس والجامعة والكليات التابعة لها، فضلاً عن المجمعات السكنية والمنازل"، مبيناً أن "الخسائر البشرية في صفوف السكان بالآلاف وصار لدينا جيش جديد من الأيتام والأرامل والثكالى والعوائل التي بلا معيل فكيف يشعر الخليفة الآن؟".

اقرأ أيضاً: العبادي يجول بالمناطق المحررة في الرمادي

دلالات