مراقب "إخوان" الأردن لـ"العربي الجديد": دور جماعتنا لم ينحسر

09 أكتوبر 2015
الظروف التي صنعت التحالف المعادي لـ"الإخوان" تغيّرت (العربي الجديد)
+ الخط -

يرى المراقب العام لجماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن، همام سعيد، أن تسجيل جمعية سياسية تحمل اسم "جماعة الإخوان المسلمين"، هي محاولة لحرمان جماعة "الإخوان" التاريخية من كونها تنظيماً أردنياً مرخصاً، عبر الطعن بوجودها القانوني، لكنه يقلل من أهمية هذه الخطوة الرسمية على مستقبل جماعته.

ويعتبر سعيد، في حوار مع "العربي الجديد"، أن الظروف التي صنعت التحالف المعادي لـ"الإخوان" تغيرت، وبرزت على الأرض مستجدات سياسية جديدة جعلت من وصفهم بـ"العقلاء" يراجعون مواقفهم من الجماعة.

منذ مارس/آذار، تاريخ ترخيص جمعية "جماعة الإخوان المسلمين"، التي قدّمت نفسها بديلة ووريثة لجماعتكم، وأنتم تخوضون معركة للدفاع عن شرعية جماعتكم، إلى أي مدى أثّر ترخيص الجمعية على جماعتكم وأصبح يهدد مستقبلها؟

هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها محاولات لإضعاف الجماعة وتهميشها، منذ نشأت الجماعة في الأردن لم تنقطع مثل هذه المحاولات، وضعت القوانين سابقاً لتكون موانع أمام حركتنا ونشاطنا، على غرار قانون الصوت الواحد الذي طُبق منذ العام 1993، والذي كان يهدف لمنع وصول الجماعة بعدد وازن ومؤثر إلى قبة البرلمان، وهو ما ينسجم مع العقلية السياسية التي تحظّر على أي حزب أو جماعة أن يكون لها دور فاعل في حياة المجتمع والإبقاء عليها محدودة الدور. وتبع هذه القوانين العديد من المحاولات لشق وحدة الجماعة وتفكيكها، وفشلت جميع المحاولات، وها هي الجماعة قد تحوّلت إلى مجتمع متكامل، وأصبحت جزءاً من النسيج الاجتماعي للبلاد، بما تضم في صفوفها من أعضاء يمثّلون جميع المكونات الاجتماعية المتنوعة.

لكننا اليوم أمام حالة مختلفة عن السابق، هل ما يحدث اليوم يمثّل تهديداً وجودياً للجماعة ويهدد مستقبلها؟

المشكلة الأخيرة، التي نعيشها اليوم، هي محاولة حرمان الجماعة من كونها تنظيماً أردنياً مرخصاً، عبر الطعن بوجودها القانوني، وظنوا أنهم بهذه الورقة سيؤثرون على قوة الجماعة وانتشارها، ويعلمون كما يعلم الجميع أنها لن تؤثر، لأن من ينتمون إلى الجماعة لا ينتمون لمصالح شخصية بل لعقيدة وإيمان ببرنامج الجماعة المدافع عن مصالح الأمة وقضاياها. ونقول لهم إنه وبعد قرابة العام من خططهم التي داهمونا بها، فإن الجماعة لم تتراجع ولم تنحسر في دورها. وأعود هنا إلى دعوة الرسميين للعودة إلى سيرة الجماعة التي لم تكن يوماً من الأيام إلا قوة أمن وسلام واطمئنان لهذا الشعب، ولم تحمل في يوم من الأيام شعارات التخريب والمغالبة، حتى يعيدوا حساباتهم جيداً.

هل تعتقدون أن الحكومة الأردنية هي المحرك لقضية الترخيص التي انتهت بوجود جمعية "الإخوان"؟

إنشاء هذه الجمعية هو عمل رسمي، ومحاط بالعناية والرعاية الرسمية، والتدرج بالخطوات كان على عين الجانب الرسمي وإشرافه المباشرة، ولا نبرئ هذا العمل من أن يكون بالمجمل عملا تدخّل فيه الرسميون في الأفكار الرئيسة والتفاصيل الجزئية.

سبق ترخيص الجمعية محاولات لإصلاح الجماعة انتهت بالفشل، هل يمكن تحميل فشل محاولات الإصلاح مسؤولية ما وصلت إليه الأمور؟

علينا أن نفصل بين أمرين، نفصل بين مجموعة من "الإخوان" لديهم اعتراضات على بعض الأمور، يحاولون إيجاد شكل من أشكال الشراكة في قيادة الجماعة كما هو الحال في أي حزب أو تجمّع بشري، حيث توجد أغلبية لها توجّه وأقلية تعارض، وتبقى معارضتها ضمن الإطار المقبول، لكن الحديث عن الجمعية يبتعد كثيراً عن هذا الأمر، حين نجد أنفسنا أمام مجموعة خرجت على الجماعة، وانقلبت على أفكارها وتحاول أن تستبدلها بجهة أخرى، لها شعاراتها وبرنامجها، التي هي بعيدة كل البعد عن أسلوب الجماعة.

استندت الحكومة في ترخيص الجمعية، إلى أن ترخيص الجماعة عام 1945 جاء كفرع للجماعة المصرية، من دون أن يتم تصويب وضعكم القانوني طيلة السنوات الماضية، هل حقاً جماعتكم فرع للجماعة المصرية وتتبع لها تنظيميا؟

لم تكن الجماعة في أي وقت من الأوقات تابعة لأي تنظيم خارج الأردن، والعلاقة بيننا وبين "الإخوان" في مصر منذ التأسيس علاقة روحية وجدانية فكرية. الأفكار التي آمن بها "الإخوان" في مصر آمنا بها، ولم تكن علاقتنا مع "إخوان" مصر علاقة تنظيمية، إذ لم يكن لهم دور في اعتماد القيادات في الأردن ولا يعتمدون القيادات إذا ما انتخبت، وليس لها رأي في قراراتنا المتعلقة بمشاركتنا في الانتخابات في الأردن أو مقاطعتها، حتى إن مكتب الإرشاد ومنذ السنوات الأربع الأخيرة كانت تذهب له الشكاوى ويعطي رأيه، وللجماعة أن تأخذ بذلك الرأي أو لا تأخذ، لأنها أعرف بشؤون بلدها وتنظيمها. وحتى ينتهي هذا اللبس بدأنا قبل أكثر من عامين بإعداد مشروع قانون جديد للجماعة، تم النص في مادته الأولى على عدم وجود علاقة بينها وبين أي جماعة أخرى، فهي جماعة أردنية خالصة.

دعوت أكثر من مرة للمصالحة مع المتورطين بترخيص الجمعية، هل ما يزال الباب مفتوحاً للمصالحة والعودة؟

العودة تعني أن يتخلى هؤلاء عن برنامجهم، لا يوجد لقاء على برنامجين، من يعلن التخلي عن أفكاره، باب الجماعة مفتوح أمامه.

قضية الترخيص تزامنت مع هجوم على الجماعة في بعض الدول العربية، كيف تفسّرون ذلك؟

لا شك أن التناغم في مواقف الدول التي انقضت على الربيع العربي، كان حاضراً في تعاملها مع الجماعة ومساعي حظرها ووصمها بالإرهاب، لأن هذه الدول تدرك الدور الكبير الذي قامت به الجماعة في الربيع العربي الذي فتح الآفاق أمام الشعوب العربية، لتمارس حريتها وتبحث في شؤونها باستقلال كامل، وتعزز مشاركتها في صناعة الحكم. هذه الدول أزعجها هذا الربيع فوجدت التضييق على الجماعة وسيلة لوأد الربيع العربي. وأعتقد أن ذلك التناغم ليس بعيداً عن دور القوى العالمية، فلا أتصور أن الولايات المتحدة بعيدة عن مثل هذه الأمور؛ لأنها تعلم أن هذه الجماعة تُنشئ عالماً عربياً جديداً، فيما تريد هي الإبقاء على العالم العربي القديم الذي سيطرت عليه.

اقرأ أيضاً: انفتاح سعودي على إخوان الأردن: وزير الأوقاف يلتقي مراقبها

يبدو أن هناك موقفاً جديداً من جماعة الإخوان، تصوغه السعودية، وكنت قد التقيت وزير الأوقاف السعودي صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، ما هي المستجدات التي أدت لهذا الانفتاح عليكم من السعودية؟

الوضع الآن يختلف عما كان عليه قبل سنة تقريباً، حينها كانت الأمور مغلقة في كثير من البلاد، وكانت معظمها تتجه نحو وصم الجماعة بالإرهاب، لكن جاءت أحداث جديدة أبرزت دور الجماعة، فمثلاً كان دور الجماعة في اليمن دوراً مهماً في إعادة اليمن إلى دائرتها العربية والإسلامية، ودور "الإخوان المسلمين" في الأردن ومعظم بلاد العالم كان واضحاً بالوقوف أمام المد الإيراني الذي استفحل في معظم البلاد، والذي كان يريد تحويلها إلى غنيمة لصالح إيران، ولا ننسى موقف "حماس" في مواجهة الخطر الصهيوني. كل هذه الأمور جعلت العقلاء يفكرون بعقولهم، وينظرون إلى الواقع الحقيقي للجماعة، وأنها تشكّل ضرورة للواقع العربي وليس عبئاً كما رُوج. وأقول لعل السعودية بحكمها الجديد كانت أول من التفتت لهذا الدور، ولم يقتصر الأمر على لقاء بيني وبين وزير الأوقاف السعودي، بل إن لقاءات عديدة تمت، لقاءات مثمرة أظهرت أن هناك من يقرأ الجماعة جيداً.

متى يحق للجماعة الخروج عن السلمية، لو أخذنا مصر نموذجاً لما يلاقيه أفراد الجماعة من إقصاء وقتل وإحكام بالإعدام، هل آن لهم الخروج عن السلمية؟

نطالب دائماً الأنظمة بأن تبقى ملتزمة بعهودها ومواثيقها، ما بقيت هذه الأنظمة تلتزم بالقانون والحريات الأساسية للمواطنين والمحافظة على كرامة الإنسان، وتحقيق ما يحتاجه من حياة كريمة، فلا مبرر لأي شيء من العنف. نعتقد أن "الإخوان المسلمين" ما زالوا مواطنين في مجتمعاتهم ودولهم، والسقف الذي يمكن أن يصلوا إليه إذا رأوا منكراً أن ينكروه بألسنتهم وقلوبهم، وتشكيل القوى السياسية القادرة على أن تكون فاعلة في مجتمعاتهم لتحويل الفساد إلى إصلاح وسداد.

ألا يمكن أن يصلوا إلى إنكاره بأيديهم؟

أبداً.

كيف تنظرون إلى التدخّل الروسي في سورية، هل يمكن أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد جزءاً من حل الأزمة السورية؟

تقوم روسيا الآن بغزو واسع لسورية وربما تعيد هذا الغزو للعراق، وتقوم بتدمير البقية الباقية من البشر والحجر وسفك دماء الأطفال والنساء واحتلال كامل القطر السوري، وهذا إعلان حرب على العالم الإسلامي. والجدير بالذكر أن التنسيق الإيراني الإسرائيلي الروسي وتوزيع الأدوار يشكّلان المشهد المأساوي على الأرض السورية والعراقية. وإننا ندين هذا التدخل وندعو إلى إيقافه حالاً، وندعو إلى الوقوف مع الثورة السورية لتحقيق برنامجها في وحدة الشعب السوري وترابه.

هل الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، دليل على تخاذل العرب تجاه القضية الفلسطينية وتراجعها على سلم أولويات العالم العربي؟

تأتي الاقتحامات اليهودية للمسجد الأقصى في خطة مبرمجة للوصول إلى هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل، بعد فرض حالة التقسيم الزماني والمكاني وإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين. الكيان الصهيوني يتحدى بهذه الجريمة ملياراً وسبعمائة مليون مسلم، وبما يشكلون من دول ومجتمعات، وهذا يقتضي أن يتحرك العالم الإسلامي أجمع لنصرة المسجد الأقصى وفي مقدمته العلماء والحكومات، كما يجب قطع كل الحبال مع الكيان الصهيوني الغاصب، والإعداد العملي لتحرير المسجد الأقصى وكل الأرض المقدسة.

بالعودة إلى الوضع الأردني، قدّمت الحكومة مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية، ينتقل من قانون الصوت الواحد إلى قانون القوائم النسبية المفتوحة، ما هو موقفكم منه؟

بشكل منصف نقول إن القانون خرج من نطاق الصوت الواحد، لكن لم يبتعد كثيراً عنه، وعلى الرغم من ارتياحنا لاستبعاد الصوت الواحد إلا أنه يوجد لدينا العديد من الملاحظات التي سنبديها عند الحوار حول القانون.

هل الارتياح يعني أنكم ستشاركون في الانتخابات المقبلة، وأنتم الذين قاطعتم الانتخابات لدورتين متتاليتين؟

في البداية نسجّل أن مقاطعتنا للانتخابات كانت إيجابية، فما الذي دعا المشرّع إلى التقدّم بمشروع قانون يترك الصوت الواحد سوى مقاطعتنا، ومقاطعة القوى الحية للانتخابات التي جرت والتي تحوّلت إلى مهزلة. أما بخصوص المشاركة أو عدمها، فنحن أمام مشروع قانون ما يزال في مجال الدراسة والحوار، ولنا فيه آراء كثيرة، وإلى أن يُقر القانون بصيغته النهائية من قِبل السلطة التشريعية، فإن موقفنا من المشاركة أو المقاطعة سيكون بناءً على قرارات مجالسنا الشورية والتنفيذية.

ألا تخشون في حال قررتم المشاركة بالانتخابات أن يصار إلى منعكم، تحت مبرر عدم الشرعية؟

لم نكن في السنوات الأخيرة نخوض الانتخابات بقائمة لـ"الإخوان".

اقرأ أيضاً: الأردن: "الإخوان الجُدد" تحصل على تسجيل رسمي