إيران والتحركات الروسية في سورية: توزيع للأدوار

28 أكتوبر 2015
الحرس الثوري سيزيد عدد مستشاريه في سورية (فرانس برس)
+ الخط -

تصرّ إيران، عبر مسؤوليها، على دعم التحركات السياسية الروسية المتعلقة بالوضع السوري والضربات الجوية الروسية في سورية، معتبرة أنها تصب لصالح شنّ حرب حقيقية على "الإرهاب"، كما أنها تساعد على تحقيق حل سياسي داعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في النهاية، وهو ما يتوافق مع المطلب الإيراني.

لكن من جهة ثانية، يرى آخرون أن تعزيز الدور الروسي وقيام موسكو بدور أكبر ميدانياً وسياسياً، يؤدي إلى تهميش دور الحليف الإيراني، إلا أن المواقف والتحليلات المنطلقة من الداخل الإيراني لا تؤيد هذا الأمر. وتعتبر طهران أن موسكو حملت في جعبتها إلى اجتماع فيينا الرباعي، خيار دعم الحل السياسي للأزمة السورية، وأن روسيا باقتراحها إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة، تكون قد أيّدت المقترح الإيراني الموجود في أحد بنود مبادرة طهران المعدلة والمتعلقة بسورية.

وفي الوقت نفسه، أعلنت إيران على لسان المتحدث باسم العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني رمضان شريف، أن "الحرس سيزيد عدد مستشاريه العسكريين في سورية"، أمر عزاه البعض لزيادة عدد الخسائر في صفوف الإيرانيين في الفترة الأخيرة، لكن طهران تتحدث عن أنه خيار يتناسب والتطورات على الأرض في سورية، حسب شريف.

وفيما يتعلق بالموقف الإيراني من الخطوات والمقترحات الروسية الأخيرة، تزامناً وخطوة طهران العسكرية، يقول عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية محمد حسن آصفري، إن ضرب روسيا لمواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية "ضروري في وقت باتت فيه أطراف عربية وغربية جزءاً من المشكلة لا من الحل"، معتبراً أن عقد بعض الاجتماعات المتعلقة بسورية لم يهدف في حقيقة الأمر لحل المشكلة، مشيراً إلى أن الدور الروسي الفعلي سيضع النقاط على الحروف.

ويؤكد آصفري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بلاده تدعم المقترح الروسي المتعلق بإجراء انتخابات مبكرة في سورية، لكنه لا يعلن موافقة بلاده رسمياً على مقترح روسيا تأمين دعم جوي للجيش السوري الحر، قائلاً إن هذا الأمر مشروط بالنسبة لإيران، فعلى روسيا التنسيق مع الأسد وحكومته إذا ما أرادت تقديم أي دعم عسكري للجيش الحر.

ويشير إلى أن بلاده بدأت بالتنسيق مع موسكو قبل أن تأخذ خطواتها هذه منحى عملياً، قائلاً إن التنسيق ما زال مستمراً. ويرى أن مبادرة بلاده للحل في سورية، والمؤلفة من أربعة بنود، ما زالت مطروحة بالفعل، مذكّراً أنه في حال وقف إطلاق النار ونزع السلاح من يد الأطراف المتحاربة وإجراء انتخابات مبكرة والعمل على تحقيق إصلاحات بمشاركة الحكومة السورية والأسد نفسه، "ستصبح الأزمة في سورية قابلة للحل، لكن الأمر يبقى مشروطاً برفع يد كل الأطراف الخارجية عن هذا البلد"، حسب تعبيره.

اقرأ أيضاً: موسكو تطلب مشاركة القاهرة وطهران في محادثات فيينا

من جهته يقول الدبلوماسي السابق في الخارجية الإيرانية هادي أفقهي، والمقرّب من دائرة صناع القرار في إيران، إنه لا يمكن لطهران أن تقبل بدور تنافسي مع موسكو خلال هذه المرحلة، كما أن إيران لا تنظر لما يحدث على أنه تقسيم للحصص وتنازع للقيام بدور أكبر في سورية، واصفاً ما يحدث بأنه توزيع للأدوار.

ويعتبر أن زيادة عدد المستشارين العسكريين الإيرانيين تصب في هذا السياق، فبينما تؤمن روسيا الغطاء الجوي، يتم تعزيز عمل هؤلاء المستشارين تزامناً مع تكثيف تحركات قوات النظام السوري وحزب الله وقوات الدفاع الوطني، وكل هذا يهدف لترتيب الأوضاع على الأرض ليكون مقدمة لأي حل مقبل تتفق عليه القوى الدولية وعلى رأسها روسيا.

ويشير أفقهي إلى أن بلاده تعلم أن دورها إقليمي، بينما يُعدّ الدور الروسي دولياً، ويستطيع أن يكون مؤثراً وحاسماً بالفعل، لافتاً إلى أن "وضع روسيا في الواجهة لا يعني تهميش إيران، إنما سيحقق النتيجة نفسها التي تبتغيها طهران وتوافق عليها، ولا سيما مع استمرار الرفض السعودي لأي دور يمكن أن تقوم به إيران".

ويعرب أفقهي عن اعتقاده بوجود تفاهم سياسي بين طهران وموسكو على اتخاذ هذه الخطوات في سورية، لافتاً إلى أن "غرفة العمليات الرباعية المشتركة بين إيران وروسيا وسورية والعراق ما زالت مستمرة بتنسيقاتها، وإرسال إيران لمستشاريها يأتي كذلك ضمن هذا التنسيق وليس خارجاً عنه"، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي طلب من موسكو أخيراً توجيه ضربات لـ"داعش" على غرار ما يحصل في سورية، لكن اتخاذ هذا القرار ينتظر تنسيقاً روسياً أميركياً.

وعن زيارة الأسد لموسكو، والتي رأى فيها البعض أنها تسببت بامتعاض للإيرانيين، يقول أفقهي إنه "لا يمكن لإيران خلال هذه المرحلة على الأقل أن تنظر لروسيا بطريقة سلبية، ولا سيما أن الدور الروسي سيحدد شكل المرحلة المقبلة، وحتى عرض مساعدة الجيش الحر، قد يساعد على تحقيق الأهداف ذاتها بشكل أو بآخر، وسيجعل هؤلاء كمعارضة جزءاً إيجابياً من المعادلة المستقبلية لسورية".

من جهته، يرى الخبير في الشأن الإيراني حسين رويوران، أن "إيران خلال هذه المرحلة ستدعم أي تحرّك يصب لصالح القضاء على التنظيمات الإرهابية، فهذا سيُشكّل الأرضية الملائمة التي ستسمح بتطبيق أي مقترحات تصيغها القوى الكبرى لاحقاً"، معتبراً أن التنسيق الإيراني الروسي واضح، وأن طهران ستعمل على دعم أي تيار سيساهم في الحرب ضد "داعش" خلال المرحلة المقبلة.

ويشير رويوران إلى أن "المبادرة الإيرانية ما زالت قائمة، وقد تطرأ عليها تعديلات، لكن الحل السياسي النهائي سيكون بعد أن تعرض كل الأطراف وجهات نظرها وبعد إجراء مقدمات ستساعد على صياغة حل مناسب، ولكن هذا يتطلب دعم الدور الروسي والتنسيق مع موسكو".

اقرأ أيضاً: لافروف: مستعدون لدعم "الجيش السوري الحر" ضد "داعش"

المساهمون