مساع لدعم التوجه الإيراني في سورية خلال تحضيرات "ميونيخ"

17 أكتوبر 2015
المؤتمرون: الأولوية لمحاربة "الإرهاب" (Getty)
+ الخط -
استقبلت طهران اليوم السبت الاجتماع التحضيري لمؤتمر ميونيخ للأمن، والذي سيعقد في ألمانيا شهر فبراير/شباط المقبل، حيث وصل إليها وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير، ليفتتح الاجتماع ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، بحضور عدد كبير من المسؤولين من المنطقة والعالم، ومنهم وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، واللبناني جبران باسيل.

وحاولت طهران تسليط الضوء في الاجتماع الذي يبحث القضايا الأمنية على الأزمة في سورية، وأكد مسؤولوها خلال تصريحاتهم الصادرة في الاجتماع التحضيري أو على هامشه، على ضرورة دعم الحل السياسي هناك، ومنهم من أكد على أن التحالف الرباعي الروسي الإيراني السوري العراقي يقوم بتنسيقات أمنية على أعلى المستويات لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقد حاولت طهران خلال هذا الاجتماع الحصول على دعم أكبر لتوجه هذا التحالف.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال خلال كلمته الافتتاحية، إنه على الكل في المنطقة أن يبدوا مرونة أكبر إزاء ما يحدث في سورية، فعليهم إعادة صياغة تعاريف جديدة لخيارات الحلول هناك، قائلا إن طهران جاهزة لرعاية حل يعود بالنفع على الجميع، مركزاً على أن خيار الحوار السياسي هو الأمثل في هذه الحالات.

واعتبر ظريف أن التهديدات الإقليمية المشتركة تحتاج لجهد جماعي لمواجهتها، فالإرهاب خطر محدق بالمنطقة برمتها حسب وصفه، قائلاً إن أمام الجميع خيارين لا ثالث لهما، فإما تحقيق الأمن للجميع وإما عدم تحقيقه لأي طرف، مرجحا بذلك سيناريو التعاون الإقليمي وحتى الدولي لشن حرب حقيقية على الإرهاب، والتخلي عن "سياسات استغلال تبعات الربيع العربي لتحقيق مصالح لدول دون أخرى في المنطقة.

وظهر من تصريحات ظريف أيضاً رسائل واضحة وجهها للمملكة العربية السعودية، فمنذ أن توصلت إيران لاتفاقها النووي مع الغرب شهر يوليو/تموز الماضي، وهي تسعى لأن تلعب دوراً علنياً أكثر تأثيراً في ملفات المنطقة العالقة، وخاصة ما يتعلق بسورية، إلا أن وجود اختلاف وتوتر كبير مع الرياض لم يساعد على تحقيق هذا المبتغى الإيراني حتى الآن.

وقال ظريف إن إيران لا تعمل على تهميش السعودية، إلا أن الرياض بالمقابل تسعى لعزل طهران، وهو ما لن تقبله بلاده بالمطلق حسب تعبيره، مضيفاً أن طهران لا تسعى لتشكيل هلال شيعي، وقال إن كل من يتحدث عن هذا الأمر يسعى لشيطنة إيران.

في الوقت ذاته، رحب ظريف بمقترح نظيره الألماني والذي دعا للاستفادة من الاتفاق النووي، وجعله قاعدة إيجابية لإطلاق حوار إقليمي يصب لصالح حل أزمات المنطقة.

شتاينماير كان أكثر واقعية في كلامه خلال الاجتماع، فقد اعتبر أن حل ما يجري في سورية طويل الأمد وليس سهلاً، ولكنه رأى أنه من الممكن تكثيف الجهود للوصول إلى حلول أكثر عملية.

اقرأ أيضاً: سورية والسعودية تشغلان حوار ظريف وشتاينماير

والحلول الأكثر عملية بالنسبة لطهران بحسب ما تنقل تصريحات مسؤوليها، تتلخص بإطلاق حوار إقليمي، رغم صعوبة هذا الخيار بوجود جبهة أخرى تقودها الرياض، لذا تسعى طهران لتحقيق التوازن رغم وجود عراقيل تقف بوجه رغبتها هذه.

وذكر ظريف أن التحالف الدولي ضد (داعش) قد فشل بالفعل، قائلاً إن الطلعات الجوية فوق مواقع الإرهابيين كانت استطلاعية وحسب.

من جهة ثانية، يبدو أن التنسيق الأمني بين طهران وموسكو وبغداد ودمشق مستمر، وهو ما أعرب عنه رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، والذي شارك كذلك في اجتماع طهران التحضيري لميونيخ، فقد أعلن أن بين العراق وروسيا تنسيقا أمنيا، قائلاً إنه إذا ما استدعت الظروف تعاوناً أكبر فهذا ما سيحدث، ونقلت وكالة مهر الإيرانية عن الجبوري قوله إن العراق يحتاج لمساعدة الجيران والأصدقاء في حربه ضد الإرهاب.

رئيس وزراء إقليم كردستان العراق نيجروان بارزاني قال كذلك إن إقليمه يرحب بجهود التحالف الرباعي، واصفاً تنسيقاته بالإيجابية والبناءة، مؤكداً هو الآخر على أن إيران تستطيع أن تلعب دوراً إيجابياً في الحرب على الإرهاب، ومرجحاً أولوية خيار الحوار لحل القضايا العالقة.

هذا الاجتماع التحضيري الذي عقد ليوم واحد فقط، عمل على وضع أطر لجهود طهران الأخيرة، والتي تعمل على الاستفادة من تدخل روسيا عسكريا في سورية، كونها تقف إلى جانب هذه الجبهة، وبعد أن زار مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بروكسل، والتقى هناك بمنسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، أعرب عن أن مساعد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد سيزور طهران قريباً، وبذات الوقت توجه رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية الإيرانية علاء الدين بروجردي إلى دمشق وبيروت، وعاد أمس الجمعة من هناك، وكل هذا يعني تكثيف التحركات والمساعي.

بروجردي الذي عاد إلى طهران في طائرة واحدة مع وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، أكد أنه بحث سبل تعزيز المبادرة الإيرانية المتعلقة بسورية في زيارته لكلا البلدين، وأكد أن أخبارا جديدة ستأتي من سورية نفسها خلال فترة قريبة.

واعتبر بروجردي في تصريحات للمواقع الرسمية الإيرانية أن قصف روسيا لمناطق من وصفهم بالإرهابيين يساهم في شن حرب نفسية، فضلاً عن حرب عسكرية حقيقية ستؤدي لتراجع تواجد هذه التنظيمات في سورية، وعاد وأكد أنه بحال طلب العراق دعماً أكبر من إيران فسيدرس هذا الأمر جدياً.

إلى ذلك، قال مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي إن الرئيس السوري بشار الأسد هو الطرف الذي سينتصر في النهاية، كونه رمزا للمقاومة في سورية، والتي تشكل العمود الفقري لمحور المقاومة حسب وصفه.

حضور وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي اجتماع طهران التحضيري قد يصب في سياق محاولة جديدة لدعم مبادرة الحوار الخليجية ــ الإيرانية، فلطالما كانت مسقط الوسيط الرئيس في كل قضايا إيران الحاسمة، ولكن في الوقت ذاته، تسعى إيران لتوجيه البوصلة الإقليمية والغربية نحو مساعيها، لإيجاد ما تسميه "حلاً في سورية" وقد يصب التنسيق مع موسكو لصالحها في معادلات التوازن الإقليمي.

اقرأ أيضاً: هجوم مسلّح على حسينية في إيران يودي بحياة شخصين
المساهمون