اغتيال رجل دين أفغاني: ضرب التحالف مع الحكومة

19 يناير 2015
يحظى علماء الدين بنفوذ داخل أفغانستان (عارف كريمي/فرانس برس)
+ الخط -
اغتيل في ظروف غامضة، يوم الجمعة الماضي، عالم دين موالٍ للحكومة الأفغانية ومعارض لحركة "طالبان" والجماعات المسلحة، يُدعى المفتي عبد الرشيد النقشبندي، في إقليم خوست جنوب أفغانستان، وذلك بعد يوم واحد من اجتماع لعلماء الدين في العاصمة الأفغانية كابول، شاركت فيه شخصيات دينية بارزة، ومئات العلماء من مختلف مناطق أفغانستان.
وتأتي عملية الاغتيال، التي لم تتبناها أي جهة، بموازاة الجهود التي يبذلها الرئيس الأفغاني، أشرف غني أحمد زاي، لاستقطاب رجال الدين، وحثهم على المشاركة إلى جانب الحكومة في حربها ضدّ الجماعات المسلّحة، وهو ما بدأ يؤتي ثماره.
وفيما ترفض السلطات الأمنية الإفصاح عن أي تفاصيل في مقتل النقشبندي، تقول مصادر قبلية إن النقشبندي قُتل أثناء خطاب له في مسجد داخل قاعدة شمبين الأميركية. كما لوّح حاكم الإقليم عبد الواحد بتان، إلى أن عملية اغتيال عالم الدين وقعت في مسجد داخل قاعدة عسكرية مشتركة للقوات الأميركية والأفغانية.
بدوره، يؤكد رئيس مجلس العلماء بإقليم خوست، المولوي شاه محمد محمدي، أن النقشبندي قتل داخل قاعدة شمبين، لكنه ينفي علمه بأي تفاصيل حول الحادث.

والمفتي النقشبندي معروف بولائه للجيش الأفغاني ومناهضته لحركة "طالبان" والجماعات المسلحة في البلاد. وكان يدعو الشعب الأفغاني إلى الوقوف إلى جانب القوات المسلحة الأفغانية والجيش القبلي الموالي لها.


ويأتي الحادث بعد يوم واحد من اجتماع لعلماء الدين في العاصمة الأفغانية كابول بهدف التضامن مع القوات المسلحة الأفغانية، مرحبين بالانسحاب الدولي وتولي الجيش الأفغاني كامل المسؤوليات الأمنية في البلاد، كما دعا المشاركون في الاجتماع الشعب الأفغاني إلى مساندة أجهزة الأمن لإخراج البلاد من المأزق الأمني.
وقال عضو مجلس علماء أفغانستان مولوي عزيز الله مفلح، في خطاب له، إن الطريق الوحيد لتفادي الحالة الأمنية في البلاد هو دعم ومساندة القوات المسلّحة التي قدّمت تضحيات جمّة على مدى أكثر من ثلاثة عشر عاماً الماضية، موضحاً أن التعاون مع أجهزة الأمن لحلحلة المعضلة الأمنية من أبرز مسؤوليات علماء الدين. بينما دعا المولوي أسد الله يوسفي القوّات المسلّحة الأفغانية إلى الالتزام بالقوانين والعمل على تعزيز اللحمة الوطنية بين الشعب الأفغاني، الذي عانى خلال العقود الماضية من أسوأ حالة أمنية.

وعلى غرار اجتماع كابول، عُقد اجتماع آخر لعلماء الدين في إقليم غزنة وسط أفغانستان، غير أنّه ركّز على إيجاد التماسك بين مختلف أطياف المجتمع. وطالب المشاركون في الاجتماع علماء الدين في كافة الأقاليم الأفغانية بالعمل لتعزيز الثقة بين شرائح المجتمع الأفغاني.

إزالة الحواجز بين علماء الدين والسلطة

ويولي الرئيس الأفغاني اهتماماً بالغاً بشريحة علماء الدين والزعامة القبلية، منذ توليه رئاسة حكومة الوحدة الوطنية. ويشدّد على تفعيلهما لإيجاد حلول للتحديات التي تواجهها أفغانستان، إذ إنّه وعد في خطاب له بعد تأديته اليمين الدستورية بإزالة الحواجز بين علماء الدين والسلطة، قائلاً إنه لا يمكن القضاء على الأزمة الأمنية الأفغانية، إلا بمساندة علماء الدين والزعامة القبلية.

وإضافة إلى الجلسات التشاورية مع أعيان العلماء وزعماء القبائل، اهتم الرئيس الأفغاني بعلماء الدين وطلبة المدارس الدينية الأفغان في المدارس الباكستانية. وفي هذا السياق، جاء قرار  إسلام آباد، بعد التشاور مع كابول، بترحيل مئات طلبة المدارس الدينية وعلماء الدين الأفغان الذين يدرسون في المدارس الدينية الباكستانية. وبحسب مصادر مطلعة، فإن الحكومة الأفغانية تعتزم فتح مدارس دينية لأولئك الطلبة، إذ إنها تزعم أن الجماعات المسلحة تجندهم ضد قوات الأمن الأفغانية.

ونظراً لمكانة علماء الدين في المجتمع الأفغاني، أتت جهود الرئيس الأفغاني أكُلها، ولو نسبياً، إذ ألقى مئات المسلحين في شمال أفغانستان وجنوبها سلاحهم أمام الجيش الأفغاني، وأعلنوا عن انضمامهم إلى الجيش القبلي الموالي للحكومة. وكان نحو 200 مسلح بقياد القيادي في حركة "طالبان" مولوي نعمة الله قد انضموا إلى الحكومة الأفغانية في إقليم جوزجان شمال أفغانستان.
ورغم تأكيد حركة طالبان أن سبب انضمام القيادي إلى الحكومة إقالته من منصبه من قبل الحركة لضلوعه في أعمال تخالف الشريعة الإسلامية، غير أن الخطوة انعكست بشكل كبير على الوضع الأمني في الأقاليم الشمالية. ولا يستبعد أن ينضم المزيد من مسلحي وقيادات "طالبان" إلى الحكومة الأفغانية أو الجيش القبلي الموالي لها، وهو ما صرح به نعمة الله قائلاً إنه "على صلة ببعض قيادات "طالبان" في شمال أفغانستان لإرضائهم بإلقاء السلاح، إذ لا مبرر للقتال بعد الانسحاب الدولي".