الجنوب اليمني يدعو هادي إلى رفع رايات الانفصال

22 يناير 2015
يملك هادي شعبية في أبين (جمال نعمان/فرانس برس)
+ الخط -
بات الجنوب اليمني، الملجأ الأخير للرئيس عبد ربه منصور هادي، بعد أن أطاح الحوثيون بحكمه، ليلتحق بركب حراسه، وأبرزهم، قائد قوات الحماية الرئاسية اللواء صالح الجعيملاني، الذي وصل إلى عدن، أمس الأربعاء، حسب ما علمت "العربي الجديد". كما غادر صنعاء عدد من المسؤولين متجهين إلى مدن جنوبية عدة، منها أبين ولحج وشبوة والضالع وحضرموت. وذلك بعد سيطرة الحوثيين على مقرّات الرئاسة، وعلى منزل الرئيس نفسه، ومهاجمة منازل العديد من مناصريه.

وتصدّر "المصير المجهول"، الذي ينتظر هادي، بعد الانقلاب عليه، المشهد الجنوبي. فقد تغيّرت موازين القوى، وعاد الجنوب إلى مستوى "الحلقة الأضعف"، بعد أن كان الأقوى في بداية حكم الرجل، نظراً لحساسية القضية الجنوبية. علماً، أن أصواتاً عدة ارتفعت في الأيام الأخيرة، تنادي بعودة القيادات الجنوبية، من العاصمة اليمنية صنعاء إلى الجنوب، بمن فيهم هادي، الذي لقي تعاطفاً جنوبياً نتيجة الانقلاب.

وفي حال عودة الرجل إلى الجنوب، فإن حظوظه السياسية متأرجحة، بين تصاعد قوته أو ضعفها، وترتبط بمشروعه السياسي الذي سيحمله. ومع أن شعبيته قوية في عدن وأبين وشبوة، إلا أنها ضعيفة في المحافظات الأخرى، بسبب المشاريع السياسية التي تبرز في الشارع الجنوبي، الذي يُعدّ الحراك الجنوبي العنصر الأبرز فيه، على الرغم من وجود غالبية قادته خارج البلاد.

ويرى المراقبون أن حظوظ هادي السياسية كبيرة في الجنوب، لا سيما في حال تعاطيه مع تطلّعات الجنوبيين بذكاء. أما في حال تمسك بمشروعه السابق، والمتمحور حول قيام "دولة اتحادية من ستة أقاليم"، فإن شعبيته ستنخفض، ولن يبقى له أي دور فاعل. وازداد وضعه دقّة، بعد اقتناع جزء من أنصاره، بضرورة الانفصال عن الشمال، بعد الضربات التي تلقوها مع هادي بالذات في صنعاء.

وتفيد مصادر قيادية في الحراك الجنوبي، لـ"العربي الجديد"، بأن "في استطاعة هادي، أن يكون اللاعب السياسي الأول في الجنوب، أكثر من نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، والرئيسين السابقين علي ناصر محمد، وحيدر أبو بكر العطاس، وعبد الرحمن الجفري، وحسن باعوم، في حال تبنّيه مطالب الجنوبيين نتيجة ما يملكه من علاقات دولية واسعة".

ويملك هادي شعبية سياسية في محافظة أبين التي ينتمي إليها، وتُعدّ من أكثر المحافظات التي يتبوأ أبناؤها مناصب في الدولة، سواء في السلك العسكري أو المدني، كما أن أغلب من يديرون المحافظات الجنوبية، هم من رجال هادي.

كما يتحدّر من أبين قادة العشرات من المعسكرات والألوية والأجهزة الأمنية والاستخبارات، بدءاً من شقيق هادي، اللواء ناصر منصور هادي، الذي يتبوأ منصب وكيل الأمن السياسي لمحافظات عدن وأبين ولحج، ويكاد يكون صاحب الكلمة الأولى فيهما، ويمتلك علاقات واسعة.

كما يؤثر ناصر على شريحة واسعة من رموز سياسية ووزراء سابقين جنوبيين، وقيادات داخل الحراك الجنوبي. ويقول كثيرون إن "القيادي البارز في الحراك الجنوبي محمد علي أحمد، هو أحد حلفاء هادي الأقوياء، وهو من أكثر السياسيين نفوذاً في الجنوب".

وتظهر شعبية هادي، من خلال التحرك السريع، الذي اتخذه رجاله في محافظات جنوب اليمن، حيث أغلقت اللجنة الأمنية لإقليم عدن، الذي يضم أربع محافظات: عدن وأبين ولحج والضالع، المنافذ البحرية والبرية والمجال الجوي للإقليم، بما فيها إغلاق مطار وميناء عدن، وإغلاق المنافذ الرابطة للجنوب مع الشمال.

وكان قد سبقها في محافظات حضرموت وشبوة الجنوبيتين، إيقاف إنتاج وتصدير النفط، تضامناً مع هادي ومدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك، ورفضاً لما أسموه "الانقلاب على الشرعية". وانتشرت اللجان الشعبية التابعة لإقليم عدن، في شوارع المدينة، التي امتلأت بالمسلحين الموالين لهادي.

كما أن الصدمة التي تلقّاها الجنوبيون، بعد سقوط الحكم بيد الحوثيين، والتصريحات التي أطلقها زعيم الحركة عبد الملك الحوثي، تجاه الجنوبيين، وتراجعه عن مواقفه السابقة في حلّ القضية الجنوبية، تساعد هادي في القدرة على استغلال هذه المشاعر في الجنوب، وفقاً للمراقبين، بسبب الإحباط الذي فرضته التغيرات الأخيرة في صنعاء على الجنوب وقضيته، والحلول التي كانت مطروحة على الطاولة، بفضل وجود هادي في الحكم.

لذلك يرى بعضهم، أنه إذا تأخر هادي عن العودة إلى الجنوب سياسياً، فقد يبرد غضب الجنوبيين على عبدالملك الحوثي، بسبب خطابه الأخير. وقد يحاول الحوثيون تهدئة الجنوبيين، لأن الخطاب أشعل ثورة في الجنوب ضدهم. ويُشكّل هذا ورقة رابحة لهادي، في حال تحرّك سياسياً في الجنوب.

ويقول الصحافي في الحراك الجنوبي، ماجد الشعيبي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن "الفرصة ما تزال سانحة لهادي، ليكون رقماً صعباً في الجنوب، من خلال تسجيل موقف لصالح المنطقة". وأضاف أنه "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإنه سيخسر كل شيء، الجنوب، ومناصريه أو من يراهن عليه". ودعا الشعيبي، هادي إلى "العودة بسرعة لعدن وتبنّي موقف جدّي لقضية الجنوب"، مؤكداً أن "تواجد هادي في صنعاء، لم يعد يخدمه، ولا يخدم الشمال، بعد سيطرة الحوثيين. ومكانه الطبيعي في عدن".

وتبقى عودة هادي إلى الجنوب، مرتبطة بقدرته على الخروج من صنعاء، وإبرام اتفاقات تمكنه من العودة إلى عدن، هذا إذا لم يكن قد وضعه الحوثيون تحت الإقامة الجبرية، ومنعه من العودة إلى الجنوب على غرار حرّاسه، وبعض القادة العسكريين، لا سيما أن الحوثيين يتهمونه بدعم الجهات التي ترفع شعار الانفصال.

المساهمون