تعديل حكومي مرتقب لتنفيس الأزمة الجزائرية

11 يناير 2015
أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة في الجزائر(فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -
تترقّب الساحة السياسية في الجزائر حدوث تعديل وزاري قد يشمل رأس الحكومة التي يقودها الوزير الأول عبد المالك سلال، فيما يجري تداول اسم رئيس الحكومة الأسبق، الرئيس الحالي لديوان الرئاسة أحمد أويحيى، للعودة الى رأس الحكومة، بفعل قدرته على إدارة الأزمات الاقتصادية.

ولم يُعلن بشكل واضح عن التعديل الحكومي الموعود، غير أنّ أكثر من حزب سياسي محسوب على السلطة ومقرّب من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أشار إلى ذلك؛ فقبل يومين صرح الأمين العام للحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني"، عمار سعداني، بأنّ بوتفليقة سيعلن عن تعديل حكومي وشيك في غضون أسبوع. لكن سعداني، وهو من الشخصيات السياسية المقربة من الرئيس، لم يعط أي تفاصيل بشأن التعديل الموعود.


وفي السياق نفسه، أشارت تقارير متداولة منذ فترة في الجزائر الى قرب حدوث هذا التعديل، مضيفة أنّه تأجّل في أكثر من مرّة بسبب الوعكة الصحية الأخيرة التي ألمت بالرئيس في شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول الماضيين، ونقل على أثرهما الى غرونوبل وباريس الفرنسيتين. وذهبت بعض هذه التقارير الى ذكر أسماء وزراء قد يشملهم التعديل الوزاري كوزير الطاقة يوسف يوسفي، بسبب معارضته استغلال الغاز الصخري في الجزائر، ووزير الصحة محمد بوضياف، بسبب موجة الاضطرابات التي شهدتها المستشفيات، ووزير الاتصال عبد الحميد قرين، نتيجة مشاكل هذا الأخير مع الصحف.
من جهته، تحفظ الحزب الثاني في الحكم "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي يقوده رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، عن الخوض في طبيعة وتوقيت التعديل الحكومي، واعتبره مسألة تتصل بصلاحيات الرئيس بوتفليقة، فيما أعلن وزير النقل الجزائري عمار غول، الذي يقود حزب "تجمع أمل الجزائر"، عن قرب إعلان التعديل الحكومي من دون تأكيد موعده أو بعض تفاصيله، ما أبقى حالة الغموض السياسي، وهي ميزة تطبع صناعة القرار في الجزائر منذ عقود.
 
واذا كانت أحزاب السلطة وحاشيتها مهتمة بهذا التعديل، لأنه يعني الحقائب الوزارية التي تديرها، فإن أحزاب المعارضة لا تبدو كذلك، ولا ترى في التعديل المرتقب حلّاً سياسياً لأزمة اقتصادية بدأت تلقي بظلالها على الواقع الاجتماعي والسياسي في الجزائر.
ويقول زعيم "إخوان" الجزائر، رئيس "حركة مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، إن الحل في الجزائر لا يتصل بإجراء تعديل حكومي لن يغير من سياسات النظام، ولن يرسم في الأفق السياسي والاقتصادي أي بديل عملي لدعم التنمية وتصحيح السياسات الاقتصادية في البلاد. واعتبر أنّ الحلّ يكون في التوجّه مباشرة الى انتخابات رئاسية، تشرف عليها هيئة مستقلة، تتوج مساراً انتقالياً مشتركاً بين السلطة والمعارضة.
بدوره، يعتبر رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، العضو في تنسيقية الانتقال الديمقراطي، أن التعديل الحكومي يفترض أن يكون خياراً تقنياً تلجأ إليه السلطة، بحسب الحاجات السياسية والاقتصادية التي تفرضها الظروف الطارئة، على غرار الأزمة النفطية، لكن السلطة في الجزائر تعتمد على التعديلات الوزارية كلما شعرت باختناق سياسي، وتتعامل مع الموضوع وكأنه جرعة دعم لها، وإعطاء انطباع للرأي العام بأنّ هناك أفقاً للتغيير وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
كذلك يرى رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض محسن بلعباس، أنّ التعديلات الحكومية التي لجأ إليها بوتفليقة على مدار 15 عاماً من حكمه كانت محاصصة سياسية يلجأ إليها لإعادة التوازنات السياسية داخل دوائر السلطة، وأنها لا تتصل مطلقاً بضرورات سياسية واقتصادية واجتماعية.

وتواجه السلطة في الجزائر أزمة متعددة الجوانب؛ فمن جهة هناك جمود سياسي ناجم عن غياب بوتفليقة عن المشهد بفعل المرض وما يتبعه من تشكيك مستمر في ماهية ومصدر القرارات المعلنة من قبل الحكومة، ومن جهة هناك موجة الاحتجاجات والاضطرابات التي تضرب مناطق الجنوب وفي قطاعات حيوية كالصحة والتربية. وهناك الأزمة النفطية التي بدأت تنذر بعواقب وخيمة على الاقتصاد الجزائري. وهكذا، تجد السلطة نفسها بحاجة إلى متنفس من الاختناق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإرجاء ملفات مطروحة على طاولة الحكومة، وإعطاء انطباع للرأي العام بأنّ هناك تغييراً.