وفاة المعارض الأردني ليث شبيلات إثر نوبة قلبية

توفي المعارض السياسي الأردني المهندس ليث فرحان شبيلات (80 عاماً)، أمس الأحد، في منزله بالعاصمة عمّان، إثر نوبة قلبية حادة.

ولد شبيلات في مدينة عمّان في 28 أكتوبر/ تشرين الأول 1942، وعاش حياته محسوباً على التيار الإسلامي، إذ دخل مجلس النواب مرتين؛ الأولى في الانتخابات التكميلية 1984، والثانية في الانتخابات العامة 1989، ونال النسبة الأكبر من الأصوات في الدائرة الثالثة، وسُجن خلال دورة 1989 ومعه نائب آخر في قضية "النفير الإسلامي" والانقلاب على الملك، قبل أن يتدخل الملك حسين شخصياً للإفراج عنه.

وعُرفَ شبيلات بمواقفه الحادة والجريئة، فلم يكن يوماً ليّناً في النقد، سواء كان المعنيّ بعيداً أو قريباً، كما لم يلتزم بقواعد اللعبة السياسية الأردنية، وتجاوز سقوفاً لطالما ظلت عالية بالنسبة إلى المعارضين، ونبش ملفات لم يفكر معارض في الاقتراب منها يوماً، لكنه، ومع ذلك، لم يتجاوز الدستور، وظل معارضاً يطالب بالإصلاحات الدستورية والالتزام بالدستور.

وطالب شبيلات خلال عمله السياسي علانية بأن تستعيد الحكومات ولايتها كاملة من هيمنة موظفي الديوان الملكي، كذلك انتقد جماعة الإخوان المسلمين علانية حين تفجّرت بينه وبينهم خلافات واسعة، كان سببها قانون الصوت الواحد الانتخابي، حيث عارض القانون وقاطع الانتخابات.

بدأ شبيلات دراسته الابتدائية في الكلية الأهلية في بيروت، حيث كان والده سفيراً للأردن في عهد الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح، ثم انتقل إلى الكلية الإسلامية في عمّان لسنة واحدة حتى عام 1956، قبل أن يعود إلى بيروت ملتحقاً بالكلية العامة ثم الجامعة الأميركية فيها. 

تقارير عربية

التحديثات الحية

شبيلات يرفع صوت المعارضة الأردنية: "استرداد أموال الدولة المنهوبة"

وكان من الأوائل في الدراسة، رغم أنه كان شديد الحركة والنشاط في الحياة الاجتماعية والرياضية. وفي السنوات الأولى لتخرجه، عمل في تونس، حيث كان والده سفيراً وانتقل معه إلى واشنطن عندما نقل سفيراً إليها عام 1965.

وأسس في عام 1976 مكتباً استشارياً هندسياً اندمج في 1980 مع مكتب المعماري المشهور راسم بدران، وأصبح مكتبهما الذي شارك فيه المهندس أنس سنو ثم آخرون بعد ذلك مكتباً متميزاً ذا سمعة عالمية.

ورشح شبيلات نفسه لمنصب نقيب المهندسين عام 1978 في قمة الوجود اليساري، فكان أول "نقيب إسلامي" يصل إلى إحدى أهم النقابات المهنية، ثم أصبح رئيساً لمجلس النقباء المهنيين.

وسُجن شبيلات عدة مرات بتهمة "إطالة اللسان"، وأفرج عنه بعفو ملكي، وحصل مرتين على منصب نقيب المهندسين بالانتخاب، أحدهما وهو في السجن.

لكن في السنوات الأخيرة فرضت الأوضاع السياسية والحالة الإعلامية على شبيلات الابتعاد عن النشاط السياسي المستمر، ليعلن اعتزاله العمل السياسي، لكن في فبراير/ شباط الماضي عاد من إسطنبول إلى العاصمة عمّان، بعدما استقر هناك لأكثر من عام، مركزاً على استعادة ما يقول إنها "أموال الدولة والشعب المنهوبة"، من دون أن يعلن عن برنامج سياسي من أي نوع، بما في ذلك الاقتراحات التي تلقاها لتوحيد المعارضة والحراك الشعبي.

وظهر في فترات متقطعة منتقداً الأوضاع بأسلوبه المعتاد نفسه وبسقف عالٍ، إذ انتقد النظام في تصريحات على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، إثر تسريبات إعلامية غربية حول حسابات مالية للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في بنوك سويسرية.

ودعا في تصريحاته إلى استعادة أموال الدولة، ومحاربة الفساد بكل أشكاله، كما طالب الأردنيين بـ"تفويضه" لاسترداد أموالهم. ولقيت مقاطع فيديو وتدوينات المعارض الأردني انتشاراً واسعاً وتفاعلاً كبيراً من قبل أردنيين، الذين سارع قسم منهم إلى تفويضه للتحدث باسمهم، لكنه بعد ذلك اختفى عن الساحة السياسية رغم العديد من التطورات.

أخبار

التحديثات الحية

مقتل 3 من أفراد الشرطة الأردنية وإصابة 5 آخرين في مداهمة

وفاة شبيلات تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي

وتصدرت وفاة شبيلات مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، التي خيّم عليها لون الحداد الأسود وصور المعارض الأردني.

وكتب الحقوقي عبدالرحمن شديفات: "نحن جبناء يا سيدي، كلنا رثيناك ولم يكن حولك أحد في حياتك... رحل الليث وكلماته ستبقى".

نحن جبناء يا سيدي
كلنا رثيناك ولم يكن حولك احد في حياتك
عاش الاسد كريما عاش اللص لئيما
مات الاسد عزيزا سيموت اللص مهانا
رحل الليث وكلماته ستبقى #ليث_شبيلات pic.twitter.com/jGd6BSkfWH

— (Abdulrhman Shdefat)(غير مرحب بالذباب والسحيجة) (@shdefatjor) December 19, 2022

واستذكر الروائي أيمن العتوم، رفقته لليث شبيلات في السجن بتغريدة جاء فيها: "رحم الله المهندس ليث شبيلات رحمة واسعة، زاملتُه في السجن ثلاثة شهور فما وجدتُ أكثر منه لطفاً ولا أكثر منه مودة لإخوانه وتواضعاً لزملائه، عاش ثابتاً شامخاً، ورحل أبياً شجاعاً".

رحم الله المهندس ليث شبيلات رحمة واسعة.
زاملتُه في السجن ثلاثة شهور فما وجدتُ أكثر منه لطفًا ولا أكثر منه مودة لإخوانه وتواضعًا لزملائه.
عاش ثابتًا شامخًا، ورحل أبيًا شُجاعًا.
أعزّي ابنه المهندس فرحان زميلنا في دراسة الهندسة، وباقي عائلته الكريمة.
وإنا لله وإنا إليه راجعون. pic.twitter.com/mykbyEfR0b

— أيمن العتوم (@AymanOtoom) December 18, 2022

أما الكاتب ومدير قناة "الجزيرة" السابق ياسر أبوهلالة فغرد، قائلاً: "برحيل ليث شبيلات عن دنيانا، خسر الأردن قامة وطنية لا تعوّض، تختلف معه كثيراً، لكن لا خلاف على إخلاصه ونزاهته وجرأته وشجاعته. صوت ارتفع عند الصمت، وفي صمته أسمع من به صمم".

برحيل #ليث_شبيلات عن دنيانا خسر #الأردن قامة وطنية لا تعوّض، تختلف معه كثيرا لكن لا خلاف على إخلاصه ونزاهته وجرأته وشجاعته . صوت ارتفع عند الصمت، وفي صمته أسمع من به صمم، رحمك الله وخالص العزاء لأهلك وأحبتك . pic.twitter.com/dE9vXCNLmc

— ياسر أبوهلالة (@abuhilalah) December 18, 2022

وقالت الأمينة العامة السابقة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة سلمى النمس في تغريدة لها: "إذا كان المراقب منذ الثمانينيات مثلي يشعر بالقهر، فكيف لمثل من يملك تاريخ ليث شبيلات أن يشعر؟ عندما قرأت الخبر أمس، قلت: "مات قهرا على الأردن!". لك الرحمة ولذكراك الخلود، آن الأوان أن ترقد بسلام، فهذا العالم ليس مكانا لمن هم مثلك، علَّ السماء تكون أكثر رحابة لروحك".

اذا كان المراقب منذ الثمانينات مثلي يشعر بالقهر فكيف لمثل من يملك تاريخ ليث شبيلات ان يشعر؟ عندما قرأت الخبر امس، قلت: "مات قهرا على الاردن"!
لك الرحمة ولذكراك الخلود، آن الاوان ان ترقد بسلام، فهذا العالم ليس مكانا لمن هم مثلك، علَّ السماء تكون أكثر رحابة لروحك. pic.twitter.com/4GTbyQXhPR

— Salma Nims | سلمى النمس (@Salmanims) December 19, 2022

ونعت المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز شبيلات بالقول: "رحمة الله على المهندس ليث شبيلات. كان رجلاً صادقاً وشجاعاً ومخلصاً لوطنه، تحمّل الكثير من الإساءة ولم يغير خطه ولا باع مواقفه".

رحمة الله على المهندس ليث شبيلات كان رجلاً صادقاً وشجاعاً ومخلصاً لوطنه
تحمل الكثير من الإساءة ولم يغير خطه ولا باع مواقفه

— Hadeel A. Aziz هديل (@hadilaziz) December 18, 2022