شهد مجلس الأمن الدولي في نيويورك جلسة طويلة ومتوترة، بدت أشبه بمحاكمة مفتوحة
لروسيا واجتياحها لأوكرانيا من قبل حوالي عشرين وزير خارجية، أغلبهم وزراء دول غربية، جاؤوا إلى نيويورك لحضور اجتماع لمجلس الأمن في الذكرى الأولى للاجتياح الروسي لأوكرانيا، والذي يصادف الـ24 من فبراير/شباط.
وترأس جلسة مجلس الأمن الدولي وزير خارجية مالطا إيان بورغ، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن للشهر الحالي.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، مخاطبا الروس، إن رئيسهم فلاديمير بوتين سيخسر الحرب "قريبا"، وإن بلاده وضعت خطة سلام تهدف لإخراج القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية و"تحويل العالم إلى مكان أكثر أمانا" بعد ذلك.
وحث الوزير الأوكراني كافة الدول على دعوة روسيا للانسحاب من أوكرانيا ووقف هجماتها.
وأشار كوليبا إلى القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، بتأييد 141 دولة (193 دولة عضو في الجمعية العامة) ومعارضة سبع دول وامتناع 32 دولة عن التصويت، والذي يطالب روسيا بـ"الانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط لجميع قواتها العسكرية من الأراضي الأوكرانية داخل الحدود المعترف بها دوليا للبلاد"، ويعيد التأكيد أيضاً على "الالتزام بوحدة الأراضي الأوكرانية". واعتبر الوزير الأوكراني أن القرار يتماشى مع الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل قرابة الثلاثة أشهر للتوصل إلى سلام.
واعترض السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا في بداية الجلسة على قرار الرئاسة (مالطا) بأعطاء وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا الكلمة قبل الدول الأعضاء في المجلس (أوكرانيا ليست عضوًا في المجلس، وفي العادة تتحدث الدول الأعضاء أولا ومن ثم الدول غير الأعضاء المعنية بالموضوع)، وهو ما اعتبره السفير الروسي "تلاعبا بآليات عمل مجلس الأمن المتعارف عليها".
لكن مالطا أصرت على موقفها، مؤكدة أن ذلك لا يتعارض مع آليات عمل المجلس. ثم عاد التوتر بين الدول الأعضاء من جديد، بعدما طلب الوزير الأوكراني في نهاية مداخلته أن تقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي دقيقة حداد على ضحايا الحرب الروسية على أوكرانيا.
ووقف الوزراء والسفراء وعدد من المسؤولين في الأمم المتحدة، ولكن الوقفة كانت سريعة، حيث اعترض السفير الروسي وطلب الكلمة، وقال إن بلاده تقف "لنحيي ذكرى كل ضحايا ما جرى في أوكرانيا منذ عام 2014... كل من قضوا، كل حياة لها قيمة".
وظهر التردد والحيرة على الوزراء والحضور في القاعة الذين كانوا قد عادوا للجلوس، حيث وقف السفير الروسي مجددا وطالبهم بالوقوف، فوقف الجميع وبدا عليهم الامتعاض الشديد.
واتهم المندوب الروسي في مجلس الأمن الدول الغربية بأنها "تسعى لتحويل المجلس إلى أداة خاصة بها"، وقال إن استخدام أوكرانيا والدول الغربية لكلمة "السلام" غايته مختلفة، وهي محاربة روسيا وانسحابها من أراضيها (يقصد غالبا الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا إليها).
وتحدث عن "انقلاب ضد الدستور" في أوكرانيا عام 2014، و"تشكيل نظام عدائي في أوكرانيا يحارب روسيا على حدودها".
وحول عملية السلام، أكد أن بلاده "مستعدة لذلك، ولكن بما يتماشى مع أهدافها العسكرية للعملية"، وأنها غير مستعدة للنظر في السيناريوهات التي لا تتحقق فيها أهدافها، ونفى أن يكون هدف بلاده "تدمير أوكرانيا".
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن "المقاومة الأوكرانية أفشلت خطة الرئيس بوتين بالاستيلاء على أوكرانيا"، متّهمًا روسيا بـ"قتل عشرات الآلاف من الأوكرانيين من النساء والرجال والأطفال وتشريد أكثر من 13 مليون شخص عن ديارهم، وقصف أكثر من 700 مستشفى و2600 مدرسة، واختطاف ستة آلاف طفل أوكراني على الأقل وترحيلهم إلى روسيا".
بدوره، ذكّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بأن حرب أوكرانيا تسببت في أزمة نزوح لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأشار إلى أن الحرب في أوكرانيا تهدد بنتائج كارثية، وأن الأمم المتحدة تعمل على "تفادي أي كارثة نووية"، داعيًا إلى "منح السلام فرصة".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن الغزو الروسي تسبب بقتل وتشريد الأوكرانيين على نطاق واسع، وبتدمير البنية التحتية للبلاد، وأشار إلى توثيق الأمم المحتدة انتهاكات كثيرة تشمل "العنف الجنسي والجسدي"، وأيضاً "الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي"، قائلًا إن "الحياة تحولت إلى جحيم لشعب أوكرانيا".
وتحدث غوتيريس عن "وجود أكثر من 17 مليون أوكراني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية وحماية، كما لا يستطيع 40 بالمئة منهم الحصول على ما يكفي من الغذاء، ناهيك عن نزوح الملايين داخل أوكرانيا وخارجها".