واقع غزة يفضح أكاذيب نتنياهو في خطابه: "حادثة" رفح والمساعدات وغيرها

25 يوليو 2024
متظاهرون في واشنطن يحملون نعوشاً رمزية وصور شهداء أطفال غزة، 24 يوليو 2024 (رويترز)
+ الخط -

"الحادثة" التي أشار إليها نتنياهو في رفح أدت إلى استشهاد 45 شخصاً

نتنياهو زعم إدخال مساعدات لغزة فيما الأمم المتحدة تحذر من مجاعة

الاحتلال قصف "مناطق إنسانية" ادعى نتنياهو أنها لحماية المدنيين

ردد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال خطابه في الكونغرس الأميركي، الأربعاء، تصريحات ليس من الصعب دحضها وإثبات التضليل القاطع فيها حول حرب الإبادة على غزة، سواء على صعيد استهداف المدنيين أو المفاوضات مع حركة حماس، أو مسألة إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر، لكن رغم ذلك حظي بتصفيق جنوني من قبل الحاضرين، بينما كان المئات من اليهود خارج مقر الكونغرس يعلنون البراءة من مرتكبي الإبادة وعلى رأسهم نتنياهو نفسه.

ورغم أن العالم تابع المذبحة طيلة نحو 10 أشهر في بث حي ومباشر، أبرزت وسائل إعلام أميركية بعضاً من الادعاءات الكاذبة التي رددها مرتكب الإبادة أمام الحضور الذي رد عليه بالتحية قياماً وجلوساً، في ما بدا حفلة تتوج 10 أشهر قتلت فيها إسرائيل نحو 50 ألف فلسطيني (10 آلاف مفقودين) جلهم نساء وأطفال.

رفح

ولفتت قناة "سي أن أن"، اليوم الخميس، إلى أن نتنياهو زعم أن عدد المدنيين الذين قتلوا في رفح، "لا شيء عملياً، باستثناء حادثة واحدة حيث شظايا من قنبلة أصابت مستودع أسلحة لحماس وقتلت عن غير قصد عشرين شخصاً". وردت القناة بأن الادعاء نفسه كاذب بشكل يمكن التحقق منه، فقد أدت الغارات المتعددة في رفح إلى سقوط ضحايا من المدنيين.

وقالت إن "الحادثة" التي أشار إليها نتنياهو وقعت في شهر مايو/ أيار، أدت إلى مقتل 45 شخصاً وإصابة أكثر 200، معظمهم من النساء والأطفال، في مخيم للنازحين الفلسطينيين، بعد اندلاع حريق في المخيم في أعقاب غارة جوية إسرائيلية استهدفته. وأضافت القناة: "في الأسبوع نفسه من تلك الغارة، قُتل ما لا يقل عن 29 فلسطينيًا في هجومين إسرائيليين منفصلين على مخيمات النازحين في رفح، وفقًا لمسؤولين فلسطينيين وأمميين".

وأشارت إلى أنها رصدت من خلال مقطع فيديو مباشر تم تصويره بواسطة مراسلين صحافيين في رفح، إضافة إلى تصريحات لمسؤولي الصحة والعاملين في المجال الإنساني وشهود العيان، مقتل مدنيين نتيجة الهجوم العسكري الإسرائيلي على المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة، لافتة إلى تصريحات وزارة الصحة في غزة عن أن نحو 70% من الضحايا في القطاع بأكمله كانوا من النساء والأطفال.

وفي السياق نفسه، قالت صحيفة ذا غارديان البريطانية، في تقرير لها، اليوم الخميس إنّ "خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس كان مليئاً بالتصريحات الهجومية، فضلاً عن الادعاءات حول الحرب في غزة".

الصورة
جرحى في غزة لا يجدون أسرة لتلقي العلاج، 25 يوليو 2024 (Getty)
جرحى في مستشفى ناصر بمدينة خانيونس لا يجدون أسرة لتلقي العلاج، 25 يوليو 2024 (Getty)

وأوردت الصحيفة بعض الادعاءات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال خطابه، وقرنتها بالمعلومات المتوفرة التي تثبت العكس.

المساعدات الغذائية لغزة

وأوردت الصحيفة البريطانية تصريحاً لنتنياهو خلال الخطاب قال فيه إن اتهام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إسرائيل بتجويع سكان غزة عمداً، "هراء مطلق وتلفيق كامل"، زاعماً أنّ إسرائيل "سمحت لأكثر من 40 ألف شاحنة مساعدات بالدخول إلى غزة. نصف مليون طن من الطعام".

ورداً على التصريح، ذكرت الصحيفة أنه ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، دخلت 28.018 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ بدء الحرب. وبعد اجتياح رفح في مايو/أيار، تقلصت إلى حد كبير إمدادات المساعدات إلى المناطق الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، دخلت 2.835 شاحنة فقط عبر معبر كرم أبو سالم في الجنوب ومعبر إيريز في الشمال.

ونقلت الصحيفة عن سالي أبي خليل، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة أوكسفام، قولها في مارس/ آذار: "السلطات الإسرائيلية لا تفشل في تسهيل جهود المساعدات الدولية فحسب، بل تعوقها بشكل فعال". ولفتت الصحيفة إلى التحذيرات الأممية من أن غزة على شفا مجاعة.

ادعاءات نتنياهو حول حماية المدنيين

وحول مسألة حماية المدنيين، قال نتنياهو إنّ جيشه "أسقط للتو ملايين المنشورات، وأرسل ملايين الرسائل النصية، وأجرى مئات الآلاف من المكالمات الهاتفية لإبعاد المدنيين الفلسطينيين عن طريق الأذى". ورداً على الادعاء، نقلت الصحيفة تصريحاً لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، "أوتشا" قال فيه: "صدر أمر الإخلاء في سياق الهجمات المستمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي ولم يمنح المدنيين الوقت لمعرفة المناطق التي يتعين عليهم المغادرة منها أو إلى أين يجب أن يذهبوا. وعلى الرغم من أمر الإخلاء، استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة وما حولها دون هوادة".

وقال أندريا دي دومينيكو، رئيس مكتب "أوتشا"، إنّ 90% من سكان غزة أجبروا على الفرار مرة واحدة على الأقل، والعديد منهم تعرضوا للتهجير نحو 10 مرات. وفي حين صنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مناطق معينة مثل مواصي خانيونس جنوبي قطاع غزة على أنها "مناطق إنسانية"، فقد شنت غارات جوية على عدة مناطق تم تصنيفها سابقاً على أنها آمنة.

وبحسب الصحيفة، تقدر وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن أكثر من 80% من إجمالي مساحة أراضي قطاع غزة "وضعت تحت أوامر الإخلاء أو تم تحديدها كمنطقة محظورة". ووصف مدير مكتب "أوتشا" أوامر الإخلاء الجماعي بأنها "مربكة"، مشيراً إلى أنّ القوات الإسرائيلية تصدر هذه المطالب حتى يهرب المدنيون بينما تكثف الهجمات على هذه المواقع أو الأماكن نفسها التي يمكن للمدنيين استخدامها كطرق للهروب، وفقاً لما أوردت الصحيفة في تقريرها، هذا عدا عن عشرات المجازر التي استهدفت مدارس "أونروا" التي يحتمي فيها المدنيون، إذ قصف طيران الاحتلال طيلة أيام الحرب وبشكل مستمر تلك المدارس ما أوقع آلاف الضحايا، معظمهم من النساء والأطفال، جنباً إلى جنب مع عملية استهداف ممهنجة لتجمعات المدنيين في أثناء انتظارهم وصول شاحنات المساعدات.

المفاوضات مع حماس

قال نتنياهو إن الحرب في غزة قد تنتهي غداً إذا استسلمت حماس ونزعت سلاحها وأعادت جميع المحتجزين، "ولكن إذا لم يفعلوا ذلك فإن إسرائيل سوف تقاتل حتى ندمر قدرات حماس العسكرية، وننهي حكمها في غزة ونعيد جميع الرهائن إلى الوطن".

وحول التصريح، قالت الصحيفة إن نتنياهو لم يأتِ على أي ذكر لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين وعائلات المحتجزين يتهمونه بالوقوف في طريق التوصل إلى صفقة.

وأوردت الصحيفة نتائج استطلاع للرأي نشرته القناة 12 الإسرائيلية قبل وقت قصير من وصول نتنياهو إلى واشنطن، جاء فيه أن ثلثي الجمهور الإسرائيلي يعتقدون أنّ إعادة المحتجزين أكثر أهمية من مواصلة القتال في غزة، وأن "النصر الكامل" لنتنياهو غير مرجح.