واشنطن تعزّز وجودها العسكري على حدود روسيا باتفاق ثلاثي مع فنلندا والسويد

18 ديسمبر 2023
تعزيز الوجود العسكري الأميركي على حدود روسيا بشكل مباشر (Getty)
+ الخط -

تشهد هلسنكي واستوكهولم، في هذه الأيام، الخطوات النهائية نحو التصديق البرلماني على اتفاقية مع الولايات المتحدة، تهدف إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي على حدود روسيا بشكل مباشر. ومع استمرار الجمود في استراتيجية الغرب في أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022، تسعى واشنطن بوضوح إلى تعزيز وجودها العسكري في أقصى شمال القارة الأوروبية، بحسب بعض مراقبين.

التركيز الحالي يكمن في الحدود التي تمتد لأكثر من 1340 كيلومتراً بين روسيا وفنلندا، العضو الجديد في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وتتعاون فنلندا بشكل وثيق مع السويد، حيث تتوقع أن تمرر استوكهولم عضويتها في الناتو بعد تذليل التحفظ التركي بشأن الأمر.

ووقّعت، اليوم الاثنين، اتفاقية ثلاثية بين الولايات المتحدة والسويد وفنلندا، تفتح الباب أمام تعزيز الوجود الأميركي في منطقة بحر البلطيق، وتضع القوات الأميركية في مواجهة مباشرة مع الجيش الروسي. من المتوقع أن يصادق برلمانا السويد وفنلندا على هذه الاتفاقية، ما يجسد التقارب الملحوظ بينهما وبين الولايات المتحدة، حتى قبل الأزمة الأوكرانية. شهد البلدان تنفيذ مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الأميركية، حتى خلال ذروة التوتر في منطقة البلطيق.

تمنح الاتفاقية الجديدة الجيش الأميركي حرية الوصول إلى البنية التحتية العسكرية بالقرب من روسيا، مكملة بذلك اتفاقية سابقة مع النرويج والدنمارك، وتسهم في تعزيز التحضيرات العسكرية في منطقة دول الشمال، التي تعتبر محوراً للتنافس بين روسيا والصين من جهة والغرب بقيادة واشنطن من جهة أخرى.

تقارير دولية
التحديثات الحية

وأشارت وزيرة الخارجية الفنلندية إيلينا فالتونين، الأسبوع الفائت، إلى أهمية الاتفاقية في تسهيل التعاون وتسريع الإجراءات التنظيمية في فترات السلم وأوقات الأزمات. وتؤكد هلسنكي (جنوب فنلندا) أن اتفاقية تخزين الأسلحة لا تشمل الأسلحة النووية والبيولوجية والألغام المضادة للأفراد، وذلك لتجنب الجدل الداخلي.

تثير الاتفاقية الثلاثية الموقعة اليوم بين الولايات المتحدة وفنلندا والسويد جدلاً دولياً، حيث تنص على منح الجيش الأميركي حق الوصول إلى 15 منشأة ومنطقة من دون قيود، ما يتيح له تخزين المعدات العسكرية والذخيرة. تشمل هذه المناطق أربع محطات جوية وميناءً عسكرياً، بالإضافة إلى إمكانية الوصول عبر السكك الحديدية إلى شمال فنلندا حتى الحدود السويدية، ما يسمح للقوات الأميركية باستخدام المنطقة لتخزين المعدات وتسريع الوصول إلى المدن القريبة من روسيا.

في السياق نفسه، تمنح الاتفاقية الجيش الأميركي الوصول إلى 17 منطقة ومنشأة في السويد، تتضمن أربع محطات جوية وميناءً عسكرياً وخمس قواعد عسكرية. يُشير هذا الاتفاق إلى التوسع في التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والدول الشمالية، ويبرز التطورات الاستراتيجية في المنطقة.

وتتجلى رغبة واشنطن في تعزيز وجودها وتوسيع التعاون مع كوبنهاغن، خاصةً مع تحول ميناء إيسبرغ على بحر الشمال إلى ممر رئيسي لتدفق المعدات الأميركية. يشمل ذلك العودة القوية إلى جزيرة غرينلاند القطبية الشمالية ومنطقة بورنهولم في البلطيق.

تظهر الاتفاقية الأميركية مع فنلندا والسويد كجزء من مسار اتفاقيات تتسارع من الشمال نحو الجنوب، مروراً بلاتفيا وليتوانيا وإستونيا وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك والمجر، وصولاً إلى بلغاريا، ما يثير قلق موسكو ويعزز التحالف بين الدول الشمالية والولايات المتحدة.

وانتقدت الحكومة الروسية عدة مرات عضوية فنلندا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وحذرت من أن ذلك قد يؤدي إلى تصعيد الصراع بشكل أكبر. وفي مقابلة مع التلفزة الحكومية يوم الأحد الماضي، وجَّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقادات حادة للاتفاقية الجديدة. وشدد بوتين على أن "الغرب قد استولى على فنلندا وضمَّها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)". وسأل: "لماذا يتم هذا؟"، مؤكداً أن بلاده "قامت بحل جميع المشاكل التي كانت لدينا مع فنلندا على مدى فترة طويلة". وأوضح بوتين أنه "لم تكن هناك مشاكل، ولكن ستكون هناك الآن".

المساهمون