"واشنطن بوست": "فاغنر" الروسية تحاول تأسيس رابطة دول معادية للغرب بأفريقيا

23 ابريل 2023
"فاغنر" تنشط بثماني دول أفريقية على الأقل (ايسوف سانوغو/ فرانس برس)
+ الخط -

قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن وثائق استخباراتية سرية أميركية مسربة تشير إلى أن مجموعة "فاغنر" للمرتزقة الروسية تبذل جهوداً كبيراً من أجل إنشاء "كونفدرالية" تضم البلدان المعادية للغرب بأفريقيا، بينما يقوم هؤلاء المرتزقة بإذكاء الصراعات باستخدام إمكاناتهم شبه العسكرية وقدراتهم على نشر المعلومات الكاذبة لتقوية شوكة حلفاء موسكو في القارة السمراء.

وفيما تطرّق تقرير الصحيفة الأميركية إلى الإجراءات التي اتخذتها واشنطن لمواجهة صعود "فاغنر" من خلال ضرب قواعدها وواجهاتها الاقتصادية وفرض عقوبات عليها وخوض حروب إلكترونية ضدها، أشار إلى أن كل تلك الإجراءات لم تسبب إلا أضراراً قليلة للمجموعة الروسية على امتداد ستة أعوام. وأضاف أن "فاغنر" التي يقودها يفغيني بريغوجين، حليف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حصلت على موطئ قدم استراتيجي في ثماني دول أفريقية على الأقل، من بين 13 دولة كان ينشط بها بريغوجين.

وأضافت "واشنطن بوست" أن الضربة العسكرية المباشرة الوحيدة المذكورة في الوثائق المسربة تشير إلى "هجمة ناجحة لم يتبنّها أحد بليبيا"، والتي "دمرت طائرة إمداد خاصة بفاغنر".

وفي المجمل، قالت الصحيفة إن الوثائق المسربة ترسم صورة نسبية عن "فاغنر" كقوة لا يمكن احتواؤها بأفريقيا، تعمل على توسيع وجودها، رغم انشغالها بالمشاركة في الحرب الروسية على أوكرانيا.

وتخلص إحدى تلك الوثائق إلى أن "بريغوجين سيقوم على الأغلب بتقوية شبكته في عدة بلدان"، وذلك "من خلال تقويض قدرة كل بلد على فك الارتباط به أو الخدمات التي تقدمها مجموعته وتعريض البلدان المجاورة لأنشطته المهددة للاستقرار".

وبحسب أنس الغماتي، مدير معهد "صادق" الذي يتخذ طرابلس مقراً له، فإن صعود "فاغنر" يجلب معه منافسة جديدة على النفوذ بأفريقيا بين القوى العظمى، يرافقها بروز جديد للأنظمة المتسلطة. وفي حالة ليبيا، يشير الغماتي إلى أن تدخل "فاغنر" ساهم في انقسام البلاد وعرقلة أي تقدم.

وقال في تصريح لـ"واشنطن بوست" في هذا الصدد: "إنهم على الأرجح الفاعل الموجود حالياً بليبيا الأكثر إثارة للقلاقل"، مضيفاً: "إنهم في غالب الأحيان يواصلون ذاك النوع من العنف غير الظاهر، وبالتالي سواء كنت تعيش في سلم أو في حرب، لا تشعر بأي نوع من الاستقرار".

ووفق إحدى الوثائق المسربة، فإن "فاغنر" تستخرج موارد كالنفط والذهب واليورانيوم وغيرها من جمهورية أفريقيا الوسطى، وليبيا والسودان.

وفي تقرير آخر خصصته لدور "فاغنر" وروسيا في الاشتباكات الجارية في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و"قوات الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قالت "واشنطن بوست" بناءً على الوثائق المسربة إن المجموعة الروسية أمدت القوات الأمنية بالمعدات ووفرت لها التدريب، وقدمت المشورة للقادة الحكوميين، وقادت حملات إعلامية. وخلصت الصحيفة الأميركية إلى أن موسكو لديها الكثير مما تخسره إذا وفرت الدعم للجهة الخطأ في إطار الاشتباكات الدائرة.

وكانت شبكة "سي أن أن" وصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركيتان قد تطرقتا إلى الدور الذي تلعبه "فاغنر" في دعم "قوات الدعم السريع" في حربها ضد الجيش في السودان.

وفيما ذكرت "وول ستريت جورنال"، الخميس، أن المجموعة عرضت أسلحة ثقيلة على حميدتي، أكدت مصادر "سي أن أن"، الجمعة، أن المجموعة زودت قواته بالفعل بالصواريخ لمساعدتها في حربها ضد الجيش السوداني.

ونقلت الشبكة عن مصادر دبلوماسية سودانية وإقليمية قولها إن صواريخ أرض-جو دعمت بشكل كبير مقاتلي "الدعم السريع" وقائدهم، الذي يتصارع على السلطة مع البرهان.

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية نشاطاً غير عادي في قواعد "فاغنر" عند حدود ليبيا، حيث يسيطر اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر. وأظهرت الصور التي حللتها الشبكة ومجموعة "أول آيز أون فاغنر"، طائرة نقل روسية تتنقل بين قاعدتين جويتين ليبيتين رئيستين تابعتين لحفتر، وتستخدمهما المجموعة المقاتلة الروسية الخاضعة للعقوبات.

وأكدت المصادر أنّ حفتر يدعم "قوات الدعم السريع" رغم نفيه انحيازه لأي طرف، ويشير نشاط "فاغنر" المتزايد في قواعده، إلى جانب مزاعم المصادر الدبلوماسية السودانية والإقليمية، إلى أن كلاً من روسيا واللواء الليبي ربما كانا يستعدان لدعم "قوات الدعم السريع" حتى قبل اندلاع الأحداث الأخيرة، وفق "سي أن أن".

وكانت مصادر ليبية متطابقة، قد كشفت الخميس، لـ"العربي الجديد"، عن إقلاع طائرة تابعة لقيادة مليشيات حفتر، يومي 17 و18 إبريل/ نيسان الجاري، محملة بعتاد عسكري من قاعدة الخروبة شرقي البلاد، إلى مطار قاعدة مدينة الكفرة قرب الحدود مع السودان.

وأوضحت ذات المصادر، وهي شخصيات عسكرية مقربة من حفتر في شرق البلاد وجنوبها، مسار توجه الطائرة، التي أقلعت بواقع رحلتين، يومي 17 و18 إبريل، من قاعدة الخروبة المحاذية لمعسكر حفتر في الرجمة، إلى قاعدة الجفرة، أهم قواعد حفتر وسط جنوبي البلاد، قبل أن تتوجه إلى مطار الكفرة، وتضافرت معلوماتها بأن الطائرة من طراز ليوشن IL-76TD وأنها نقلت في الرحلتين أسلحة وعتاداً عسكرياً إلى مطار الكفرة.

وحول ما إذا كانت حمولة الطائرة على علاقة بدعم "قوات الدعم السريع"، قال أحد المصادر، وهو ضابط من الكفرة لـ"العربي الجديد": "لا تتوافر معلومات مؤكدة، لكن التوقيت وظروف التشديد والتكتم المحيط بالطائرة ومحتواها العسكري ونقلها السريع قد تكون أفضل من يجيب عن هذا السؤال".

المساهمون