هل يعي الدبيبة من يكون حفتر؟

21 يوليو 2022
قيادة حفتر أعلنت مرات عديدة عدم اعترافها بالدبيبة (Getty)
+ الخط -

يصر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة على عدم وجود "صفقة سياسية" وراء إعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، وأن هذه الخطوة كانت مؤجلة، بسبب المخاوف من إغلاق النفط، وأنها تحققت الآن، لأن النفط تم إغلاقه فعلياً.

ووجه اتهاماته المبطنة لحكومة مجلس النواب التي يقودها فتحي باشاغا، كما جاء في ثنايا كلامه في خطابه أول من أمس الثلاثاء.

لكن ماذا عن لواحق هذه الخطوة المتعلقة بالنفط، مثل مجيء رئيس أركان قيادة خليفة حفتر، الفريق عبد الرزاق الناظوري، لطرابلس، ومعه ممثلو حفتر في لجنة "5 + 5" العسكرية المشتركة، للقاء رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة، الفريق محمد الحداد، حيث تم الخروج، بعد مشاورات دامت ليومين، بمجموعة من النتائج، على رأسها الاتفاق على تعيين رئيس موحد لأركان الجيش.

قيادة حفتر سبق لها أن أعلنت عديد المرات عدم اعترافها بالدبيبة، وأنه "لا يربطها أي رابط بالحكومة، سواء سيادي أو خدمي أو حتى على مستوى التواصل"، كما في أحد بيانات أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر.

وقبلها منعت مليشيات حفتر، الدبيبة من النزول في بنغازي. وأعلن ممثلو حفتر في لجنة "5 + 5"، بعد أيام من اعتماد مجلس النواب حكومة باشاغا، تعليق أعمالهم في اللجنة حتى تلبية مطالبهم، ومنها "وقف التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية"، و"وقف تصدير النفط"، حتى يسلم الدبيبة السلطة لباشاغا. وبعدها بأيام حققت مجموعات مسلحة قبلية مطالب اللجنة، وأوقفت عمل الحقول والموانئ النفطية، وكررت مطالب ممثلي حفتر في لجنة "5 + 5".

هذه ليست افتراضات وتحليلات، بل وقائع لا يمكن القفز عليها، تزيد من تأكيد وجود صفقة بين الدبيبة وحفتر. وما تغيير إدارة مؤسسة النفط، مصدر التمويل في ليبيا، مع الاجتماعات العسكرية في طرابلس، إلا ترجمة واضحة للمعاناة المالية التي يواجهها حفتر، حتى قبل بالانقلاب على كل حلفائه السابقين، مجلس النواب وحكومته. بل وتدوينة المسماري، قبل انتهاء هذه الاجتماعات، بالإشادة بالمجتمعين في طرابلس، ملمح من ملامح نجاح حفتر في الوصول إلى ما يريد، وحصوله على ضمانات حقيقية لتمويل جبهته.

وفي حين يعتبر المراقبون أن ما حدث تقارب وتجريب الرجلين لبعضهما البعض، قبل إتمام الصفقة، وأن ما حدث، سواء على مستوى المؤسسة النفطية أو العسكرية، ما هو إلا إبداء حسن نية من كليهما، وأن الأيام المقبلة كفيلة بالتحقق من كل هذا، فإن بعض التقارير الإعلامية تتحدث عن الخطوات اللاحقة، وهي صرف ميزانية لقيادة حفتر، وتعديل وزاري في حكومة الدبيبة، بضم شخصيات موالية لحفتر فيها، والإطاحة بباشاغا.

ورغم أن كل هذه الخطوات اللاحقة لا يمكن إخفاؤها، وسيكون على الدبيبة تبريرها، سيما لأنصاره في طرابلس، إلا أن ما خفي عنه، هو حقيقة أخرى، تتمثل في أن حفتر "لا صاحب له"، وأن طموحه في حكم ليبيا لن ينتهي.

فأين الحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة عبد الله الثني، التي تحالفت معه، بل وأين رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج الذي توافق معه في أبوظبي، قبل أيام من هجومه الصارخ على طرابلس؟

وليس ببعيد، أين باشاغا الذي لم يمض عام على زيارته له في بنغازي ومصافحته؟ يبدو أن طول صحبة حفتر للأزمات أكسبته مهارة الدهاء السياسي ليتوصل الى ما يصبو إليه من دون حرب.

المساهمون