هل عودة النظام السوري إلى الجامعة "مشروطة" بتطبيق مخرجات المبادرة العربية؟

08 مايو 2023
تبدو المعارضة السورية غائبة عن مشهد عودة النظام إلى الجامعة العربية (Getty)
+ الخط -

يفتح اعتماد المبادرة العربية (الأردنية) في قرار الجامعة العربية 8914، الذي صدر أمس الأحد، والذي أعاد النظام السوري إلى الجامعة، باب الاحتمالات حول التعامل العربي مع النظام السوري، لا سيما أن قرار تجميد عضويته في الجامعة سببه رفض بشار الأسد لـ"خطة العمل العربية" لحلّ الأزمة السورية التي قدمتها الجامعة في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2011، ليُتخذ قرار تجميد عضوية نظامه في اجتماع طارئ في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته.

وتبدو عودة النظام السوري إلى الجامعة مربوطة بتنفيذ مخرجات اجتماع عمّان الوزاري الخماسي (الأردن، مصر، السعودية، العراق، سورية)، والمضي بخطة "خطوة مقابل خطوة" مع دمشق، بعدما عُرضت المطالب العربية عليها بحضور وزير خارجية النظام فيصل المقداد "شبه مشروطة".

ملفات عديدة تحت الاختبار

وسيكون العديد من الملفات موضع اختبار بين النظام السوري وممثلي العرب في التفاوض معه بموجب المبادرة التي اقترحها الأردن، في مقدمتها عودة اللاجئين، ووقف تهريب وصناعة المخدرات (الكبتاغون)، والتوصل لحلّ سياسي للأزمة السورية "بما ينسجم" مع القرار الأممي 2254، بحسب الصيغة التي خرج بها قرار الجامعة وقبله بيان عمان، واللذان تخليا عن مصطلح "وفقا للقرار" واعتمدا الوصول إلى "حلول تنسجم معه".

ورغم أن عمّان أبلغت شركاءها في المبادرة قبل اعتمادها في قرار الجامعة ببعض المحاذير الغربية للتقارب مع الأسد، لا سيما من قبل واشنطن، التي تصرّ على أن الحلّ في سورية يجب أن يكون وفق المخرجات الأممية، فإن رقابة واشنطن، والذين يتقاسمون معها وجهة نظرها بشأن النظام من الأوروبيين، ستكون حاضرة بشكل أو بآخر لتنفيذ ما ورد بقرار الجامعة وقبل اجتماعي عمّان وجدة، ما قد يخلق مسارا جديدا لحلّ الأزمة السورية.

وفي أول تعليق أميركي على صدور قرار الجامعة، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن بلاده ترى أن سورية "لا تستحق العودة إلى الجامعة العربية"، مشككا في رغبة رئيس النظام السوري في حلّ الأزمة السورية.

وذكر المتحدث أن "واشنطن تفهم أن الشركاء يسعون للتواصل المباشر مع الأسد لمزيد من الضغط تجاه حلّ الأزمة السورية"، مضيفاً: "نشكك في رغبة الأسد في حلّ الأزمة السورية، لكننا نتفق مع الشركاء العرب حول الأهداف النهائية".

ويدلّل هذا التصريح على علم الولايات المتحدة بما تم التوصل إليه، وكون العودة مشروطة بتنفيذ حلّ للأزمة السورية يتوافق مع الرؤية الأميركية، وهذا ما كان عبّر عنه وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، لنظيره الأردني أيمن الصفدي، الذي يعدّ "عراب المبادرة"، في اتصال قبل يومين من عقد الاجتماع الوزاري الطارئ للجامعة العربية.

وقال بلينكن حول حديثه مع الصفدي: "أعدت التأكيد على دعم الولايات المتحدة لقرار مجلس الأمن رقم 2254 باعتباره الحلّ الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع، وأكدت موقفنا ضد التطبيع مع نظام الأسد".

وأكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، فرضية "العودة المشروطة" ضمنياً، بتصريح عقب اعتماد القرار، مشيراً إلى أن "قرار عودة سورية يمثل بداية حركة وليس نهاية مسار، وأن قرار عودتها لا يفترض أن الأزمة حُلّت"، مؤكدا أن "الجانب العربي ناقش مع النظام (الحكومة السورية) سبل الوصول لحلّ للأزمة".

ويبدو أن حتى شركاء الأردن في المبادرة لا يزال بعضهم يتحفظون على الاندفاع نحو النظام، وإن كان الهدف دفعه نحو الحلّ، وتطبيق الاتفاقات حول الملفات التي تسعى المبادرة لحلّها.

في السياق، كان لافتاً أمس الأحد ما صرّحت به الخارجية القطرية، التي أكدت أن موقف الدوحة لم يتغير من التطبيع مع النظام السوري.

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن "دولة قطر تسعى دائما لدعم ما يحقق الإجماع العربي، ولن تكون عائقا في سبيل ذلك، لكن الموقف الرسمي لدولة قطر من التطبيع مع النظام السوري يرتبط في المقام الأول بالتقدم في الحلّ السياسي الذي يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق".

وأعرب المتحدث عن "تطلع دولة قطر إلى العمل مع الأشقاء العرب في تحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق في الكرامة والسلام والتنمية والازدهار، وأن يكون هذا الإجماع دافعا للنظام السوري لمعالجة جذور الأزمة التي أدت إلى مقاطعته، وأن يعمل على اتخاذ خطوات إيجابية تجاه معالجة قضايا الشعب السوري وتحسين علاقاته مع محيطه العربي، بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة".

غياب المعارضة عن المشهد

وفي ظل ذلك، تبدو المعارضة السورية غائبة عن المشهد.

وإن كان الحلّ السياسي الذي تنشده المبادرة يفترض إشراك المعارضة بشكل أو بآخر، فإنها أكدت عدم اطلاعها أو التواصل معها من قبل أي من الفاعلين فيها.

وقال عبد المجيد بركات، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، إنه لم يتم التواصل معهم، سواء في الائتلاف أو "هيئة التفاوض السورية، من قبل الأطراف، سواء قبل قرار إعادة النظام السوري للجامعة العربية، أو بعد إصداره، معبّراً عن استياء ورفض المعارضة السورية لعودة النظام إلى الجامعة.

عبّر عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني عن استياء ورفض المعارضة السورية لعودة النظام إلى الجامعة

وأضاف بركات لـ"العربي الجديد": "ما وصلنا هو بعض البيانات من دول صديقة لنا، وذلك قبل صدور القرار، بأنها ضد التطبيع، لكنها سارت مع التوافق العربي". وأكد أن "الفترة الماضية شهدت جهداً كبيراً من قبل الائتلاف وهيئة التفاوض لإيضاح موقفنا للدول العربية، وتم إيصال رسالة بأنه لا سلام في سورية إلا وفق المخرجات الأممية للحلّ السياسي".

 وحول ما إذا كان لواشنطن تحديداً دور رقابي على تلك الخطوات، أشار الصحافي المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور، إلى أن "السعودية والإمارات عملتا على تسريع هذا التحرك نحو المبادرة، ولكنْ هناك اتفاق مع أميركا حول الأهداف النهائية، ولديهما اعتقاد بأنه سيفضي لنتائج أسرع على مستوى الحلّ السوري".

وأضاف عبد النور، لـ"العربي الجديد"، أنه "جرى التوافق على إطلاق المبادرة بالتشاور مع واشنطن، لكن تلك المبادرة مرتبطة بتحقيق الهدف النهائي، ضمن اتفاق أميركي– عربي، قائم على تنفيذ القرار 2254، أو ما ينسجم معه".

ومضى قائلاً: "ربما يختلف تسلسل الأمور، والمدة الزمنية للتنفيذ، لكن الهدف النهائي واحد، وهو تطبيق الحلّ السياسي وفق القرار الأممي".

ويشير عبد النور إلى أن المبادرة العربية التي تقف وراءها السعودية والإمارات ماضية بسرعة، وأن "رعاة المبادرة يعلمون مراوغة النظام بالتلاعب على عامل الوقت والتفاصيل، لكنهم سيمضون معه حتى سحب آخر ورقة منه"، بحسبه.

ولا يعتقد الصحافي السوري أنه سيكون هناك دور رقابي كبير لواشنطن على تنفيذ المبادرة، "بقدر ما ستطلع عليها من قبل شركائها، ولا سيما اللجنة الوزارية المشكّلة لمتابعة المبادرة". وأضاف: "ما يهمّ الأميركي حالياً هو تحقيق مصالحه، وأن يبقى النظام ضعيفاً، مع عدم قدرته على الوصول إلى استقلال مالي يبعده عن الاعتماد على رعاته".

المساهمون