هكذا بدت بلدة بوغوروديتشيني الأوكرانية بعد تحريرها من الجيش الروسي

22 ديسمبر 2022
كنيسة مدمرة في بلدة بوغوروديتشيني (سمير الدومي/فرانس برس)
+ الخط -

عندما عاد يوري بونوماريينكو إلى مسقط رأسه "بوغوروديتشيني" في شرق أوكرانيا وجدها بلدة شبه خالية من السكان ويخيّم عليها صمت مطبق يكسره مواء قطط تتضوّر جوعاً. ويعكس المشهد المروّع في هذه البلدة التي دُمّرت بالكامل، والواقعة في منطقة دونيتسك، عنف المعارك التي دارت فيها لأشهر.

كان الروس قد احتلّوا البلدة في الصيف الماضي بعد أشهر من القصف، واستعادتها القوات الأوكرانية في منتصف أيلول/سبتمبر في هجوم مضاد واسع. ولم يسلم من شرّ المعارك بيت واحد في هذه البلدة التي كان يقطنها ألف نسمة، وتركت القذائف آثارها على الكنيسة الزرقاء الجميلة التي دمّرت جزئياً وسقطت قبّتها الذهبية أشلاء على الأرض.

ويبدو كأن تسونامي اجتاح المدرسة، حيث تبعثرت الطاولات والكتب والدفاتر في موقع يبدو أن الروس حوّلوه لقاعدة عسكرية لهم، مع فرشات في الطابق الأرضي وحصص غذائية وبزّة عسكرية روسية بقيت على الأرض.

وفي الشوارع التي تغطيها أنقاض وحطام سيارات متفحّمة، تتبع الكلاب الزوار وهي تدور حولهم لكن من دون أن أيّ نباح. ويموء قطّ يائس أدخل رأسه في وعاء زجاجي حاد الأطراف، لكنه سرعان ما يلوذ بالفرار عندما يقترب الزائر منه.

وجود بشري  

وعند أحد المنعطفات، تتجلّى فجأة ملامح رجل على شرفة منزل بلا نوافذ تضربه الرياح. ويستقبل يوري بونوماريينكو الهزيل، الذي لا تقيه ملابسه الخفيفة من البرد القارس، الزوار بمودة.

كان الرجل، الذي ولد في بوغوروديتشيني قبل 54 عاماً، قد أرسل زوجته وابنته إلى بولندا قبل أربعة أيام من بدء الغزو الروسي، ثمّ فرّ بدوره عندما بدأت المعارك في بلدته، مقيماً في البلدات والمدن التي كانت بمنأى عن القصف في الشرق الأوكراني.

وعاد إلى بوغوروديتشيني، حيث أمضى الجزء الأكبر من حياته، قبل أسبوع واستقّر في منزل ليس ملكه، إذ إن بيته سوّي بالأرض، ويقول يوري "أظّن أنني أوّل من عاد، حتّى لو كنت أعتقد أن سيدة وابنها ما زالا هنا وهما لم يغادرا البلدة يوماً. وكنت أشعر بأنه يجدر بي أن أعود، فهذا واجب".

وهو يقيم في غرفة تبلغ مساحتها بالكاد خمسة أو ستة أمتار مربّعة، وبنى مدفأة يدوية من القرميد تمدّه بالدفء وترفع الحرارة إلى حوالي 18 درجة مئوية.

ويكسر هدير محرّك الصمت المخيّم على بوغوروديتشيني، فقد عاد الخمسيني فيكتور سكليار مع زوجته وابنته الصغيرة لأخذ كلّ ما يمكن أخذه من منزل أخيه عند مدخل القرية، ويلفت إلى أن "الجنود الروس مكثوا في المرأب"، مشيراً إلى بعض مقتنياتهم المبعثرة على  الأرض.

وتعمّ الفوضى البيت. وقد أخذ الجنود معهم التلفاز والمايكرويف والملابس وفأساً لقطع الخشب.. حتى أنهم أطلقوا رصاصة على البرّاد، بحسب فيكتور، الذي يشير إلى الجهاز الذي لم يعد صالحاً للاستخدام. ولكن الأفظع في نظر فيكتور هو أنهم قتلوا الكلب ورموا جيفته في المرأب.

(فرانس برس)

المساهمون