كشفت القناة 12 الإسرائيلية، مساء الاثنين، عن بذل ديوان رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ في الأيام الأخيرة، جهودًا بهدف التوصل إلى تسوية بشأن خطة التعديلات القضائية، مدعية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وافق عليها، وتشمل تجميداً للخطة لمدة عام ونصف.
ونقلت القناة عن ديوان هرتسوغ قوله إنه أبلغ ممثلي المعارضة وحركات الاحتجاج بـ"التوصّل إلى اتفاق مقبول على المقربين من نتنياهو"، ينهي الأزمة التي تعصف بإسرائيل "إن كنتم توافقون عليها".
بالمقابل، نفى حزب الليكود للقناة التوصل لأي تسوية، مشيرًا إلى أن ما نُشر حولها "غير صحيح".
وقال ديوان هرتسوغ بحسب القناة، إنه "كجزء من الجهود يجري الرئيس محادثات مع رؤساء الائتلاف والمعارضة بهدف الوصول إلى حوار يقود إلى توافق واسع"، مشدداً على أنه لم يتم التوصل بعد إلى توافق.
ويشمل اقتراح التسوية تخفيف قانون إلغاء "حجة المعقولية" الذي يمنع المحكمة العليا من التدخل في قرارات الحكومة، وعدم إجراء أي تغيير في لجنة اختيار القضاة التي يسعى وزير القضاء ياريف ليفين للسيطرة عليها، بالإضافة إلى تجميد التعديلات القضائية لسنة ونصف.
وأضافت القناة نقلاً عن ديوان هرتسوغ أنه "يبذل جهداً كبيراً من أجل التوصل الى حل يحافظ على الديمقراطية ووحدة الشعب في إسرائيل".
واليوم الثلاثاء، تطرّق هرتسوغ، إلى التقارير التي نُشرت أمس الاثنين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، مؤكداً أن صيغة التسوية هذه تشكّل فرصة نادرة للاتفاق والتوافق.
وجاءت أقوال هرتسوغ خلال لقائه أعضاء الجالية اليهودية في النمسا، وعقب ردود الفعل المتواصلة من قبل جهات في الائتلاف والمعارضة وحركة الاحتجاج، إزاء التسريبات بشأن التسوية.
وقال هرتسوغ إن "هناك أوقات في الأزمات، يتعين فيها على القيادة استغلال الفرصة النادرة، من أجل مد اليد للتوصل إلى اتفاقات، وهذه إحدى اللحظات". وأضاف: "نتواجد منذ تسعة أشهر في أزمة عميقة تؤثّر بشكل كبير على حياتنا، وأمننا، واقتصادنا، ومجتمعنا، وسلوكنا الإنساني. كفى، طفح الكيل".
وشدد على أن "الواقع يتطلب بذل جهد كبير للتوصل إلى توافق"، داعياً المسؤولين الإسرائيليين إلى "التحلي بالمسؤولية، والنظر إلى الواقع، ومد اليد (للتفاهمات)، وبذل الجهد، والتكاتف لبذل كل جهد ممكن، ومحاولة التوصل إلى توافق واسع حتى تمر هذه الأزمة التي تتعلق بمسألة الإصلاح القضائي والعلاقات بين مختلف السلطات، ونتمكن من العودة إلى السجالات والمناقشات حول القضايا الأخرى التي تشغل المجتمع الإسرائيلي، بعضها قديم وبعضها جديد، كما هو مقبول في أي ديمقراطية".
وفيما تتجه الأنظار إلى المحكمة العليا التي ستنظر خلال الشهر الجاري بعدة طعون ضد التعديلات القضائية، يقوم ديوان هرتسوغ بماراثون من اللقاءات مع ممثلي الائتلاف والاحتجاجات، وسط تساؤلات إن كان ثمة احتمال لحصول الاقتراح على أغلبية داخل الائتلاف الحاكم ما قد يقود المحكمة العليا للتراجع عن شطب قوانين أساس.
وعبّر وزير القضاء ياريف ليفين، الشخصية الأبرز في قيادة خطة التعديلات القضائية، اليوم الثلاثاء، عن رفضه للتسوية المقترحة.
وقال ليفين في حديث لإذاعة "كول براماه"، إنه "لا يمكن الموافقة على اقتراح التسوية. إنها لا تقود إلى تغيير الأمر الأساسي الذي يتطلب التغيير. الجهاز القضائي مغلق أمام العديد من الشرائح. من الممكن التوصل إلى اتفاق، لكن المعارضة ترفض الحوار".
بدوره، رفض وزير "النقب والجليل والمناعة الوطنية" إسحاق فيسلاروف، من حزب "القوة اليهودية" صيغة التسوية، وقال في حديث لإذاعة "كان ريشت بيت" اليوم الثلاثاء: "لقد انتُخبنا من أجل قيادة إصلاحات في جهاز القضاء، لإحداث تغيير عميق فيها. جميع التغييرات التجميلية التي لا تحقق التغيير الحقيقي، ولا تعيد ثقة الجمهور بجهاز القضاء، غير مناسبة".
كما تجري مفاوضات داخل المعارضة بحسب ما نقلته القناة، لكن من غير المؤكد موافقتها عليه.
من جانبه، هدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، زعيم حزب "عوتسماه يهوديت" (القوة اليهودية) بمعارضته أي تسوية بهذا الشأن.
كما توعد حزب "هتسيونوت هداتيت" (الصهيونية الدينية) بالمضي بالتعديلات القضائية "من أجل الحفاظ على إسرائيل يهودية وقومية"، مشيرًا إلى أنه لا ينوي الخضوع لمن وصفهم "بالأقلية المتطرفة التي لديها استعداد لإحراق الدولة لأنها خسرت الانتخابات".
بدوره، سارع رئيس حزب "إسرائيل بيتينو" (إسرائيل بيتنا) أفيغدور لبيرمان للإعلان عن معارضته للتسوية، متهما نتنياهو بالسعي لكسب الوقت، مضيفاً أن "تجميد التشريعات لعام ونصف لن يعيد الأمن للمستثمرين ولن يعيد الاقتصاد الإسرائيلي إلى مساره".
وفي حين لم يعلن حزب "ييش عتيد" (هناك مستقبل) بزعامة رئيس المعارض يئير لبيد موقفاً رسمياً بعد، حيال ما نُشر، قال النائب في الحزب، رام بن باراك لذات القناة، إنه "لا مكان للتسوية".
كذلك، نقلت قناة "كان 11" عن مقربين من لبيد تأكيده أن حزب "هناك مستقبل" الذي يترأسه، ليس جزءاً من المفاوضات، مضيفين أن "نتنياهو يبحث عن بطاقة دخول إلى الولايات المتحدة".
وعقبت أطراف في حركة الاحتجاج قائلة إن "توقيت المحادثات يمنح حبل نجاة للحكومة الحالية عشية جلسات المحكمة العليا، وإن محاولة تجميد التشريعات لسنة ونصف لا يبعد الخطر".
وتخشى أوساط معارضة لخطة التعديلات القضائية التي يقودها الائتلاف الحكومي، أن توافق بعض الأطراف على التسوية، فقط بهدف الضغط على المحكمة العليا لعدم النظر في الطعون المقدّمة ضد قوانين التعديلات القضائية، على اعتبار وجود تسوية، وأن تتراجع مكوّنات الائتلاف الحاكم بعد ذلك عن التسوية والتفاهمات.
وذكرت قناة "كان 11" اليوم، أن نتنياهو يخطط لتوجيه خطاب للجمهور خلال الفترة المقبلة، بشأن "الخطة الجديدة للتعديلات في جهاز القضاء، وأنه ينسّق التفاصيل مع وزير القضاء ليفين".
وفي حين لم يتم التوصل بعد لاتفاق مع أيٍ من الأطراف، فقد تحدث الرئيس الإسرائيلي في وقت سابق، إلى رئيس "المعسكر الرسمي" بني غانتس حول مقترح نتنياهو.