هجوم "داعش" في غويران: "قسد" مطالبة بأجوبة حول الاختراق

29 يناير 2022
تفيد المعلومات عن تجدد المواجهات بين "قسد" و"داعش" (فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من إعلان "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ليل الأربعاء ــ الخميس الماضي، عن سيطرتها على الوضع في سجن الصناعة بحي غويران في الحسكة، إلا أن الأخبار الواردة من محيط السجن، وحتى داخله، تفيد بتجدد المواجهات بين مسلحين من تنظيم "داعش" ومقاتلي "قسد".

وبعد أسبوع كامل من المواجهات الحامية في حي غويران بالحسكة والتي تقترب من نهايتها، تبقى الأسئلة مطروحة أمام "قسد"، وحتى حليفها الأميركي، حول الثغرات الأمنية التي أدت إلى هذا الخرق الكبير، وكيفية التعامل مع الهجوم، برغم الإمكانات الكبيرة التي استخدمتها "قسد"، بدعم أميركي، لمواجهته، وقبل ذلك عن الهشاشة الأمنية على صعيد المعلومات.

كما أن المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، وتفيد بتمكن عدد من عناصر وقادة "داعش"، الذين كانوا محتجزين داخل سجن الصناعة، من الفرار باتجاه البادية السورية، والحدود العراقية - السورية، تفتح الباب حول سؤال عن مصير هؤلاء، وإمكانية تحركهم في المرحلة المقبلة لشن عمليات أخرى على غرار غويران.

"داعش" حقق جزئياً أهدافه من مهاجمة سجن غويران

وإن كان هدف "داعش" من وراء العملية تحرير سجنائه ومحتجزيه من السجن، ليكون لديه العامل البشري الكافي لتحقيق التوسع والتمدد الجغرافي، فإن أنباء هروب بعض القادة والعناصر توحي بأن التنظيم قد حقق جزءاً مقبولاً من أهدافه من العملية الأخيرة.

محمود حبيب: بقيت خارج السجن أعداد قليلة جداً، متحصنة في بعض البيوت والأحياء

وقال محمود حبيب، قائد "لواء الشمال الديمقراطي" التابع لـ"قسد"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "السياسة الشرعية، وحجة الضرورات، وخدعة الحرب لدى لتنظيم، تسمح بنقض العهود والانقلاب على الاتفاقيات".

وأوضح أنه "على هذا الأساس أعلن عناصر التنظيم استسلامهم، وقبلوا مبادلة الأسرى بالجرحى، وهذا ما تم". لكنه أضاف "فوجئ رفاقنا بالعشرات منهم وقد لبسوا الأحزمة الناسفة وبايعوا بيعة الموت وقد أخذوا بعض الأسرى كرهائن".

واعتبر أن "فشل العملية (التي خطط لها التنظيم) بكل المقاييس أغاظ الدواعش داخل السجن وخارجه، والهزيمة المنكرة تؤثر على من يحمل أفكارهم المتطرفة، فكان لا بد من فعل شيء".

ونفى حبيب أن "يكون لدى قسد علم بالعملية"، وقال: "كانت هناك بعض المعلومات غير المكتملة، والتي لا تشكل حقيقة واضحة. فقد أسفر التحقيق مع خلايا داعش عن معلومات تؤكد أنهم سيقومون بعمليات تخريبية من دون تفاصيل واضحة أو ثابتة يمكن البناء عليها".

وأضاف "لقد تم الخروج من حالة الصدمة، والمباشرة بالهجوم في وقت قصير، وهذا يحسب لرفاقنا. ولولا الطوق الأمني لاستطاع كل من في السجن الهروب والوصول إلى مناطق لا يمكن إلقاء القبض عليهم فيها".

محاولة من "داعش" لإحداث فوضى في المنطقة

وأشار حبيب إلى أن "ما حدث في الحسكة محاولة للإرهابيين لإحداث فوضى وجر المنطقة إلى الخراب. وما زلنا نعتقد أن تركيا تقف خلف الهجمة".

وقال: "أما كيف استطاعت هذه الجماعات الوصول إلى سجن الحسكة، فأقول إنها قد وصلت سابقاً إلى واشنطن ونيويورك وبرلين وروما وباريس، ولدى هذه الدول كل معايير الأمن". وأضاف: "لم يكن أحد من رفاقنا مخترق، وقد ضحى الكثيرون بأرواحهم للقضاء على الإرهابيين، ولا نلقي بالاً لكثرة الإشاعات والمغرضين".

وحول الإعلان عن انتهاء العملية قبل استكمالها فعلياً، قال حبيب: "كما أسلفت، لقد أعلنوا استسلامهم وإنهاء العصيان، وبالفعل إثر ذلك سلم 2500 معتقل أنفسهم لقواتنا، وبعد ذلك تم الإعلان".

لكنه أوضح أنه "أثناء التفتيش الدوري للسجن، وُجدت تلك المجموعة التي أحدثت خرقاً بالاتفاق. وهم يعلمون بأننا لا نتعامل بوحشية ولا نرتكب المجازر، وهذا معيار أخلاقي لا يعمل به عناصر التنظيم".

وعن الأوضاع الراهنة في غويران ومصير معتقلي "داعش" الباقين، والفارين أيضاً، أشار حبيب إلى أنه "قبل هذه العملية كنا دائماً في حالة بحث وتقص عن خلايا لداعش، وقد ألقينا القبض على الكثير منهم، وأحبطنا العديد من محاولات التخريب أو عمليات الاغتيال التي كانوا يخططون لها". وأضاف "الآن سيستمر رفاقنا في القوات العسكرية والأمنية بهذا العمل في غويران وكامل جغرافيا شرق الفرات".

وأعلن أن "مصير معتقلي داعش في عهدة قواتنا، وعلى المجتمع الدولي أن يحسم الأمر عبر إنشاء محكمة دولية أو إعادة هؤلاء إلى بلدانهم. وحتى ذلك الوقت سنبذل كل طاقاتنا كي نحافظ على الأمن والأمان في مناطقنا".

وأشار حبيب إلى أنه لا يملك أرقاماً محددة للفارين، "لكن ما أعلمه أنه بقيت خارج السجن أعداد قليلة جداً، متحصنة في بعض البيوت والأحياء التي نزح عنها سكانها، ويجري تطهير المنطقة وسيتم إلقاء القبض عليهم".

ارتباك "قسد" في إدارة الهجوم على سجن الصناعة

من جهته، رأى رئيس تحرير موقع "الشرق نيوز" الإخباري فراس علاوي أن "قسد كانت مرتبكة جداً، على كل المستويات، إعلامياً وأمنياً وعسكرياً، وحتى سياسياً، رغم درايتها باحتمال وقوع الهجوم".

فراس علاوي: الفشل يدلل على أن هناك فساداً داخل "قسد"
 

واعتبر أن "هذا دليل على الفشل الأمني لديها، وعلى ضعف تواصلها مع التحالف. فهم يعرفون كل التفاصيل (بشأن الهجوم) باستثناء التوقيت، وهذه مشكلة إهمال".

واعتبر علاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الفشل يدلل على أن هناك فساداً داخل قسد، يضاف إليه الاختراق الأمني. وسبب هذا الاختراق الأمني يكمن في أنه بعد سيطرة قسد على المنطقة، انضم الكثير من عناصر داعش السابقين إليها، ومن غير المعقول أن يكون ولاؤهم جميعاً تغير".

وقال: "أما الخرق الأكبر فيكمن بالتواصل ما بين المحتجزين داخل السجن والمهاجمين خارجه. يضاف إلى ذلك منع قسد من استقدام تعزيزات إلى منطقة السجن، وأيضاً تأخر اشتراك التحالف في عملية صد الهجوم إلى ما بعد يوم من العملية. وهو تدخل كان بداية عن طريق الطيران، الذي لا يأتي بنتيجة مع الالتحام المباشر داخل السجن".

وتابع علاوي أن "قسد أيضاً فشلت حتى بعملية التفاوض، ما أدى إلى عدم سيطرتها بشكل كامل حتى الآن على السجن. وإحدى أهم دلالات الفشل بالتفاوض أنها أعلنت ست مرات عن انتهاء العملية والسيطرة الكاملة، ولم يكن الأمر حقيقياً".

وأشار علاوي إلى أن "التعامل السيئ لقسد مع البيئة الاجتماعية العربية في مناطق سيطرتها هو سبب عدم التعاون من الحاضنة أو الأهالي معها، وهذا يجعلها غير قادرة على التعاطي الأمني، في ظل حسابات كثيرة".

وليل الخميس - الجمعة قال المركز الإعلامي لـ"قوات سورية الديمقراطية"، في بيان، إنه "بعد السيطرة على سجن الصناعة من قبل قواتنا، وفرض الاستسلام على نحو 3500 من المرتزقة المعتقلين الذين شاركوا في الاستعصاء الأخير، وانضمام المئات منهم إلى المرتزقة الذين هاجموا السجن من الخارج، بدأت قواتنا حملة تمشيط دقيقة، ومسح أمني وعسكري في مهاجع السجن التي تحصن فيها المرتزقة".

وأشار البيان إلى أنه "خلال عملية التمشيط وجمع المعلومات، كشفت قواتنا عن جيوب إرهابية مموهة ضمن المهاجع الشمالية للسجن، حيث لا يزال عدد من المرتزقة، يتوقع أن يكون عددهم بين 60 و90، يتحصنون فيه، ويحاولون الحفاظ على مسافة للاشتباك. وقواتنا وجهت نداء الاستسلام الآمن لهؤلاء، حيث ستتعامل معهم بكل حزم في حال عدم الاستجابة".

المساهمون