نائب إيراني يطالب بـ"إعدام روحاني ألف مرة"

17 أكتوبر 2020
روحاني تعرض لهجمات قاسية من المحافظين (Getty)
+ الخط -

حاول الرئيس الإيراني، حسن روحاني، كثيراً إنهاء العام الأخير لولايته الرئاسية بهدوء من دون مشاكل مع خصومه السياسيين من التيار المحافظ، خصوصاً بعد سيطرة المحافظين بالكامل على البرلمان الجديد خلال انتخابات فبراير/شباط الماضي، إثر إقصاء الإصلاحيين، فتجنب روحاني لغة الصدام معهم وأصبح يدعو إلى العمل معاً لتجاوز التحديات التي تواجهها البلاد على خلفية تصاعد الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن سلوكه هذا لم يشفع له كثيراً ليتعرض هذه الأيام إلى هجمات قاسية من المحافظين من البرلمانيين وغيرهم، ليدعو رئيس لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية في البرلمان الإيراني مجتبى ذوالنور، أمس الجمعة، إلى إعدام الرئيس "ألف مرة" بعد حديث الأخير عن الصلح الذي أبرمه الإمام الحسن نجل الإمام علي مع معاوية بن أبي سفيان، بطريقة ملفتة للنظر فُسرت بأنها دعوة للتفاوض والسلام مع الولايات المتحدة الأميركية.  
وتحولت الذكرى السنوية لولادة ووفاة الإمام الحسن منذ عقدين تقريباً إلى مناسبة سياسية في بازار الصراع بين المحافظين والإصلاحيين في إيران، بعد تركيز التيار الإصلاحي على سياسات الحسن بن علي وعقده الصلح مع معاوية بن أبي سفيان، وإبراز هذه السياسات، اتساقاً مع توجهاتهم السياسية الداعية إلى مصالحة الغرب والولايات المتحدة، وسط رفض المحافظين لإسقاط هذا الصلح التاريخي على الواقع الراهن واستنكاره والتركيز على ثورة الإمام الحسين ضد يزيد بن معاوية، تماهياً مع توجهاتهم السياسية في رفض أي تفاوض مع واشنطن والتأكيد على مقاومتها والصمود في مواجهتها. 

وفي هذا السياق، تحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني، يوم الأربعاء الماضي، عن سيرة الإمام الحسن والصلح الذي عقده، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، وذلك قبل يومين من حلول ذكرى استشهاده يوم الجمعة، حسب الرواية الشيعية، قائلاً إنه "عندما جاء بعض الأصحاب الإمام الحسن عليه السلام وسألوه باحتجاج عن الصلح وأنه لماذا عقدت هذا العهد، قال سماحته إن "الأمة الإسلامية ليست أنتم 10 أشخاص أو 20 شخصاً، الذين جئتم هنا عندي. أنا ذهبت إلى المسجد وألقيت خطبة، ووجدت أن الغالبية المطلقة من المجتمع تريد الصلح وعندما يريد الناس ذلك، فاخترت الصلح".  
وأضاف روحاني أن "هذه هي طريقة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وهو علّمنا أن نكون رجال الحرب يوم الحرب ورجال السلام يوم السلام، وإذا حاربنا في يوم السلام وصالحنا في يوم الحرب، فالأمران خطأ، وعلينا أن نحارب في وقته ونتصالح في وقته". 
تصريحات روحاني هذه تحمل في طياتها رسائل متعددة لأطراف داخلية، أقله هكذا تلقاها محافظون في إيران، فعلى ما يبدو وجد الرئيس الإيراني في هذه المناسبة التاريخية آخر فرصة في رئاسته لتوجيه تلك الرسائل، ليلمح بأن السلام مع الولايات المتحدة هو مطلب "الغالبية المطلقة" للشعب الإيراني، وذلك بعد أن رأى أن مشروعه لإنهاء الصراع مع الغرب وخصوصا الولايات المتحدة قد أخفق من الداخل من قبل التيار المحافظ، قبل الخارج، من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قد منح توليه السلطة دفعة قوية لخصومه المحافظين ليحشروا روحاني والتيار الداعم لإنهاء الصراع مع واشنطن في الزاوية اليوم، بعدما أدخل ترامب هذا الصراع في مرحلة خطيرة وغير مسبوقة بعد تدمير الإنجاز الكبير لحكومة روحاني، أي الاتفاق النووي، واتباعه استراتيجية الضغط الأقصى ضد إيران على مدى أكثر من عامين. 

إلا أن تصريحات روحاني ورسائلها المبطنة، ولو نفترض أنه لم يقصدها، جلبت له ردود فعل غاضبة جداً من الأصوليين (المحافظين)، كانت آخرها تغريدة لرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية مجتبى ذوالنور، عبر "تويتر"، اتهم فيها الرئيس الإيراني بـ"تبرير التفاوض مع العدو من خلال إرجاع صلح الإمام الحسن مع معاوية إلى أنه كان مطلب معظم الناس"، مخاطباً إياه قائلاً إن "الغالبية المطلقة للشعب الإيراني اليوم لا ترضى بأقل من عزلك ومعاقبتك".  
وأضاف ذوالنور أنه "بمنطقك هذا يجب أن يصدر مرشد الثورة أمرا بإعدامك ألف مرة ليثلج صدر شعبنا العزيز".  
ورد الصحافي الناشط الإصلاحي فريد مدرسي في تغريدة، اليوم الجمعة، على تصريحات ذوالنور، مطالباً بعزله من منصبه، وقال إن "رئيس لجنة الأمن القومي بالمجلس يصرح كالسابق بطريقة عاطفية وغير منطقية وغير بناءة لا تناسب موقعه" في رئاسة اللجنة البرلمانية. 
وأضاف أن "بقاء ذوالنور في هذا المنصب يشكل خطراً على التعامل بين الحكومة والمجلس (البرلمان) خلال الأشهر الأخيرة المتبقية لعمر الحكومة، والحل الوحيد هو في عزله".  
من جهتها، هاجمت صحيفة "كيهان" المحافظة روحاني، قائلة إنه "في ظروف تعاني فيها البلاد من تبعات وصفة التسوية (مع واشنطن) كطريق للازدهار الاقتصادي، وبينما كان على حماتها أن يتحملوا مسؤولية الخسائر التي ألحقتها هذه الوصفة خلال سبعة أعوام، للأسف يأتي رئيس الجمهورية ويقوم بإقناع الرأي العام عبر حرف أحداث تاريخية في صدر الإسلام".  
وعلى صعيد آخر، شهد الأسبوعان الأخيران تلاسناً شديداً بين البرلمان والحكومة، بعدما ألغت الرئاسة الإيرانية اجتماعاً لرؤساء السلطات الثلاث يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لمناقشة تطورات تصاعد كورونا في إيران، بسبب المخاوف من احتمال أن يكون رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ناقلاً لفيروس كورونا، بعد زيارته المصابين بكورونا في العناية المركزة بأحد مستشفيات العاصمة طهران، قبل يوم من الاجتماع. 
وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إن إلغاء الاجتماع كان قرار اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا، مشيراً إلى أن الحكومة استفسرت وزير الصحة سعيد نمكي حول الأقسام التي زارها قاليباف في المستشفى، ليرد الوزير بأن "الزيارة كانت للأقسام التي ترقد فيها الحالات الحرجة جداً ويمكن ألا يصاب الشخص (الزائر) بكورونا، لكن يمكنه أن ينقل الفيروس إلى غيره".  

إلا أن الخطوة أثارت انتقادات حادة بين برلمانيين ومستشاري رئيس البرلمان ومقربين منه، وسط اتهامات لروحاني بإيثار نفسه على الشعب.  
وفي المقابل، رد مقربون من روحاني وأعضاء بالحكومة على هذه الانتقادات من خلال وصف زيارة قاليباف للمستشفى بأنها "مسرحية استعراضية" لإظهار أنه إلى جانب الشعب، واعتبارها خطوة في سياق التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران، المزمع إجراؤها خلال أيار/مايو 2021. 

المساهمون