استمع إلى الملخص
- **الاتفاق الإثيوبي مع أرض الصومال**: يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً لمدة 50 عاماً ويشمل اعترافاً رسمياً بالإقليم كدولة مستقلة، مما يزيد من التوترات بين مصر وإثيوبيا.
- **تداعيات الاتفاق على استقرار الصومال**: يزعزع استقرار وسيادة الصومال، ويثير مخاوف من تحفيز أقاليم أخرى على الانفصال، مما قد يؤدي إلى تبعات سلبية على مصر.
وقّعت مصر والصومال على "بروتوكول عسكري"، في ظل نزاع متصاعد بين مصر وإثيوبيا، بدأ قبل أكثر من عقد مع بدء أديس أبابا بناء سد النهضة على مجرى النيل الأزرق، الذي تحصل مصر من خلاله على نحو 85% من إيرادها من مياه النيل، وتفاقم بعد توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي لإنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر. وأثار توقيع البروتوكول العسكري بين مصر والصومال أسئلة حول مدى حرص القاهرة على تقديم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لدولة الصومال في مواجهة محاولات توسعة النفوذ الإثيوبي في منطقة القرن الأفريقي وبين دول حوض النيل، بدعم من حلفاء إقليميين يقدمون الدعم لأديس أبابا، مثل الإمارات، والتي تُعتبر حليفاً قوياً لمصر، لكنها تتمتع أيضاً بنفوذ هو الأقوى في "أرض الصومال" (إقليم غير معترف به دولياً) عبر قاعدة في مطار بربرة بُنيت عام 2017 وتحولت عام 2019 إلى مطار متعدد الاستعمالات، وأيضاً من خلال تعاون عسكري وتدريب تقدمه أبوظبي لقوات الإقليم منذ 2018، فضلا عن استثمارات شركة موانئ دبي في إدارة ميناء بربرة.
ضاعف الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال احتمالية نشوب صراع مسلح جديد بمنطقة القرن الأفريقي
وكانت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية قد نقلت، في تقرير سابق لها، عن دبلوماسيين، قولهم إن "إنشاء قاعدة عسكرية إثيوبية في أرض الصومال سيكون أحدث خطوة في خطة لتأمين مجال النفوذ الإماراتي في جميع أنحاء منطقة الخليج الأوسع والقرن الأفريقي". وكانت مصر أول الأطراف الإقليمية تفاعلاً مع الاتفاق التاريخي الذي وقّع في أديس أبابا، مطلع العام الحالي، بين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ورئيس إقليم أرض الصومال (صوماليلاند) موسى بيحي عبدي. وبموجب الاتفاق تحصل إثيوبيا على منفذ بحري قبالة سواحل الإقليم الانفصالي مساحته 20 كيلومتراً مربعاً لمدة 50 عاماً، بحيث يُستخدَم منفذاً تجارياً وقاعدة للبحرية الإثيوبية (التي تأسست عام 2019)، مع السماح لإثيوبيا باستخدام ميناء بربرة الواقع على ضفاف خليج عدن في مدخل مضيق باب المندب لأغراض التبادل التجاري. ويشمل الاتفاق اعتراف إثيوبيا بالإقليم دولة مستقلة، وهو أول اعتراف رسمي به في العالم. وفي المقابل يحصل الإقليم على حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، حيث أصدرت الخارجية المصرية بياناً حاداً أكدت فيه ضرورة احترام سيادة الصومال.
وضاعف الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال التوترات منذ ذلك الوقت حول احتمالية نشوب صراع مسلح جديد بمنطقة القرن الأفريقي، والتي يمثل فيها الصومال أهمية استراتيجية للأمن القومي المصري، نظراً لموقعه الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي وحدوده الممتدة مع منابع نهر النيل.
توقيع مصر والصومال بروتوكولاً عسكرياً
وجاءت آخر التحركات المصرية على هذا الصعيد، بتوقيع مصر والصومال على "بروتوكول عسكري"، شهده الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصومالي حسن شيخ محمود، خلال الزيارة التي قام بها الأخير إلى القاهرة في اليومين الماضيين.
وتعليقاً على البروتوكول العسكري الموقع بين مصر والصومال قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وأستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الصفقة الأخيرة التي عقدتها إثيوبيا مع أرض الصومال -دون شك- تزيد الاحتقان بين مصر وإثيوبيا منذ إنشاء سد النهضة عام 2011. ويمثل النزاع الجديد بين مصر وإثيوبيا بشأن الصومال احتكاكاً إضافياً لما بين البلدين من احتقان على مدار أكثر من عقد". وأضاف أن "مصر وإثيوبيا تستطيعان استخدام نفوذهما في المنطقة لدعم وكلاء للبلدين، وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء الوكلاء عناصر أو مليشيات مسلحة، ولكن جماعات من دول الجوار في القرن الأفريقي، حيث إن مصر تتمتع بعلاقات وطيدة مع جيبوتي والسودان والصومال، ولكن في المقابل فإن علاقات إثيوبيا ممتدة مع كل دول حوض النيل ودول القرن الأفريقي على مدار التاريخ".
أيمن سلامة: مصر وإثيوبيا تستطيعان استخدام نفوذهما في المنطقة لدعم وكلاء للبلدين
زعزعة استقرار الصومال
وشدد سلامة على أن "الاتفاق الأخير بين أرض الصومال وإثيوبيا يزعزع استقرار وسيادة الصومال الدولة المستقلة، وفي الوقت ذاته فإن أرض الصومال شأنها شأن الجمهورية التركية القبرصية التي لا تعترف بها سوى تركيا، وأرض الصومال لا يعترف بها أية دولة إلا إثيوبيا". وأوضح سلامة أنه "بالنظر إلى هشاشة الأوضاع الأمنية والسياسية والأمنية في الصومال منذ العام 1991، فإن الصفقة الانفصالية الأخيرة لأرض الصومال، يمكن أن تؤثر وتحفز أقاليم أخرى في الصومال، وذلك يلقي بتبعات سلبية كارثية على مصر، لأن الصومال ليس بعيداً عن مصر ولا عن مضيق باب المندب ولا أيضاً عن قناة السويس".
وأشار إلى أنه "منذ استقلال الصومال، ومصر، أكبر دولة عربية تقدم دعماً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً للصومال"، مضيفاً أن "الصومال يخشى الهيمنة الإثيوبية وسيطرة أديس أبابا على كل منطقة القرن الأفريقي، ولذلك يسعى للحصول على دعم مصر ويعتبر أن مصر ضامنة لأمنه واستقراره". ولفت إلى أن الصومال "يلجأ في السنوات الأخيرة لمصر، لأن الأخيرة تشعر بقلق بالغ إزاء النفوذ الإثيوبي في المنطقة بعد بناء سد النهضة، إذ تسعى القاهرة إلى تأمين مصالحها المائية والسياسية، وتعتبر الصومال شريكاً استراتيجياً في مواجهة هذا التحدي".