حذّر عاملون ومسؤولون فرنسيون في منظمات إنسانية عملت في أفغانستان، اليوم الأربعاء، من أن السلطات الفرنسية قامت بعمليات إجلاء انتقائية للمتعاونين الأفغان مع القوات الفرنسية في كابول، مطالبين بشفافية أكبر حول عمليات الإجلاء، ومذكّرين بالخطر الذي يواجهه هؤلاء المدنيون من عمليات انتقامية محتملة قد تقوم بها حركة طالبان.
وقال الموقعون على عريضة نشرت في صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنهم يتلقون رسائل باستمرار من مدنيين أفغان تعاونوا معهم خلال فترة تواجدهم في أفغانستان تشكو تجاهلهم، وضمّنوا رسالة من أحد المتعاونين جاء فيها: "هل يمكن لشخص يحمل الجنسية الفرنسية أن يحضرني إلى المطار؟ إذا لم أدخل سيموت أطفالي. أحتاج إلى شخص ليأتي ويسمح لي بالدخول، وإلا فسوف أموت أنا وعائلتي".
وشدد الموقعون على ضرورة أن تظل فرنسا مخلصة لقيمها وأن تواصل عمليات الإجلاء بطريقة شفافة ومنظمة تحترم كرامة الإنسان، موضحين "زملاؤنا وأصدقاؤنا الأفغان يواجهون عدم استعداد الحكومات الأجنبية والحكومات التي تعاونوا معها لسنوات لإجلائهم من أفغانستان".
وكانت فرنسا قد أنشأت جسراً جوياً استثنائياً لنقل رعاياها وآلاف المدنيين الأفغان من مطار كابول، لكن العملية توقفت رسمياً يوم أمس الثلاثاء مع إتمام القوات الأميركية انسحابها.
وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في تغريدة على "تويتر"، إن "عملية أباغان التي بدأت في 15 آب/أغسطس بناء على طلب رئيس الجمهورية انتهت"، مضيفة أن الجيش الفرنسي نقل إلى بر الأمان "نحو ثلاثة آلاف شخص، بينهم أكثر من 2600 أفغاني".
ولاحقاً، أصدرت بارلي بياناً مشتركاً مع وزير الخارجية جان إيف لودريان، أُعلن فيه "وقف هذا الجسر الجوي، لأن الظروف الأمنية لم تعد مستوفاة في مطار كابول بسبب الانسحاب السريع للقوّات الأميركية".
في هذا السياق، قال بيان العاملين الإنسانيين الفرنسيين، إنه "منذ الأيام الأولى (لبدء عمليات الإجلاء) لاحظنا عدم وضوح عميق في معايير تشكيل قوائم الإخلاء وتطورها مع مرور الوقت، بعض الأشخاص بعد أن طُلب منهم المخاطرة بحياتهم والذهاب إلى المطار، أُعيدوا في نهاية المطاف إلى مناطقهم بعد عملية إعادة صياغة لقوائم من تشملهم عمليات الإجلاء".
وتابع البيان "أصبح الإخلاء مؤشراً على عدم المساواة في المجتمع الأفغاني، الأمر الذي أدى إلى تفاقمه بشكل مباشر. كما نرى بالفعل، فإنه يساهم في زيادة التوترات داخل العائلات، قال لنا شخص آخر: جاء عناصر طالبان إلى منزلي مرتين، وقالوا إنه سيكون هناك انتقام إذا لم يقل أقاربي أين مكان وجودي، في الزيارة الثانية تعرض أحد أفراد عائلتي للضرب".
وختم البيان بالقول "يعود الفضل لفرنسا في أنها بدأت عمليات الإجلاء في وقت أبكر من البلدان الأخرى، لكن الإخلاء الذي فرضته الدول الغربية لا يمكن اعتباره كاملاً"، مشيرًا إلى أن فرنسا تركت وراءها العديد من العائلات التي تدين لها بالحماية، داعيًا إلى إصلاح ما سماه بالتنافر بين الخطاب السياسي والواقع العملي.